تحقيق حديث هدة في ليلة النصف من رمضان مع تهذيب وزيادة

بسم الله الرحمن الرحيم تحقيق حديث هدة في ليلة النصف من رمضان: مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل البشر وسيد المرسلين، محمد وعلى آله وأصحابه وأهل بيته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد فهذه مقالة وجيزة في تحقيق حديث هَدّة في ليلة النصف من رمضان، ولما سمعت ترداده وكثرة تداوله على أفواه العوام والخواص، وبلغتني كلمة أحد العلماء يُثبتُ هذا الحديث ويُصحِّحه استنادًا إلى أقوال بعض العلماء التي لا تصحّ نسبتها إليهم، أجمعتُ أمري على جمع بعض الأقوال للعلماء المتقدمين، الجهابذة النُقّاد، الماهرين المتبصرين في فن الحديث، عسى أن ينفع الله بها أناسا، ولم يُحَرِّضْني على ذلك إلا قولُ النبيّصلى الله عليه وسلم: "مَن كذَبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعدَه مِنَ النَّارِ ". قد أوردتُ الحديث أوّلًا من مصادره الأصلية، ثم عقبته بأقوال العلماء المحدثين من كتبهم، وختمت هذه العجالة بخلاصة تحوي الموضوع كله في سطور؛ ليقف القارئ من المسألة موقف بصيرة، ولِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ. والله المسؤول أن يتقبل مني، إنه هو السميع العليم، وهو المستعان والميسر لكل عسير.

أخرج نعيم بن حماد في الفتن: "حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَتْ صَيْحَةٌ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَعْمَعَةٌ فِي شَوَّالٍ، وَتَمْيِيزُ الْقَبَائِلِ فِي ذِيِ الْقَعْدَةِ، وَتُسْفَكُ الدِّمَاءُ فِي ذِيِ الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ، وَمَا الْمُحَرَّمُ» ، يَقُولُهَا ثَلَاثًا، «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، يُقْتَلُ النَّاسُ فِيهَا هَرْجًا هَرْجًا» قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الصَّيْحَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " هَدَّةٌ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ، فَتَكُونُ هَدَّةٌ تُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُقْعِدُ الْقَائِمَ، وَتُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ مِنْ خُدُورِهِنَّ، فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ، فِي سَنَةٍ كَثِيرَةِ الزَّلَازِلِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَادْخُلُوا بُيُوتَكُمْ، وَأغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ، وَسُدُّوا كُوَاكُمْ، وَدِثِّرُوا أَنْفُسَكُمْ، وَسُدُّوا آذَانَكُمْ، فَإِذَا حَسَسْتُمْ بِالصَّيْحَةِ فَخِرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا، وَقُولُوا: سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ، سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ، رَبُّنَا الْقُدُّوسُ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَجَا، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ هَلَكَ ". (رقم: 638).

وأخرج الحاكم في المستدرك: "أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، ثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عُلَيٍّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَكُونُ هَدَّةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تُوقِظُ النَّائِمَ وَتُفْزِعُ الْيَقْظَانَ، ثُمَّ تَظْهَرُ عِصَابَةٌ فِي شَوَّالٍ، ثُمَّ مَعْمَعَةٌ فِي ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ تُنْتَهَكُ الْمَحَارِمُ فِي الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ يَكُونُ مَوْتٌ فِي صَفَر، ثُمَّ تَتَنَازَعُ الْقَبَائِلُ فِي الرَّبِيعِ، ثُمَّ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ، ثُمَّ نَاقَةٌ مُقَتَّبَةٌ خَيْرٌ مِنْ دَسْكَرَةٍ تُقِلُّ مِائَةَ أَلْفٍ» قَدِ احْتَجَّ الشَّيْخَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِرُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ آخِرِهِمْ غَيْرَ مَسْلَمَةَ بْنِ عُلَيٍّ الْخُشَنِيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبُ الْمَتْنِ، وَمَسْلَمَةُ أَيْضًا مِمَّنْ لَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِهِ". (رقم:8580 ).
قال الذهبيّ: "ذا موضوع". وأخرج الطبراني في المعجم الكبير: "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي رَمَضَانَ صَوْتٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فِي أَوَّلِهِ أَو فِي وَسَطِهِ أَو فِي آخِرِهِ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ، إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ يَكُونُ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يُصْعَقُ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَيُخْرَسُ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَيُعْمَى سَبْعُونَ أَلْفًا، وَيُصِمُّ سَبْعُونَ أَلْفًا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَنِ السَّالِمُ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: «مَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ، وَتَعَوَّذَ بِالسُّجُودِ، وَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ لِلَّهِ، ثُمَّ يَتْبَعُهُ صَوْتٌ آخَرُ، وَالصَّوْتُ الْأَوَّلُ صَوْتُ جِبْرِيلَ، وَالثَّانِي صَوْتُ الشَّيْطَانِ، فَالصَّوْتُ فِي رَمَضَانَ، وَالمَعْمَعَةُ فِي شَوَّالٍ، وَتُمَيَّزُ الْقَبَائِلُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَيغَارُ عَلَى الْحُجَّاجِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَفِي الْمُحْرِمِ، وَمَا الْمُحرَّمُ؟ أَوَّلُهُ بَلَاءٌ عَلَى أُمَّتِي، وَآخِرُهُ فَرَحٌ لِأُمَّتِي، الرَّاحِلَةُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِقَتَبِهَا يَنْجُو عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ لَهُ مِنْ دَسْكَرَةٍ تَغُلُّ مِائَةَ أَلْفٍ»". (رقم: 853 ). قلتُ: هذا الحديث منقطع من وجهين، فعَبدَةُ لَمْ ير فيروزا، وفيروز لَمْ ير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كما يأتي ذلك نقلًا عن ابن الجوزي رحمه الله). والحديث متى انقطع من موضع واحد لم يقبل، فكيف بما انقطع من موضعين؟! مثلُ هذا السند لا تقوم به حجة أصلًا. قال ابن الجوزي في الموضوعات: بَاب ظُهُور الآيَات فِي الشُّهُور "فِيهِ: • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وفيروز الديلمي: فَأَما حَدِيث أبي هُرَيْرَة: فَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ أَنْبَأَنَا الْعَتَيقِيُّ أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْعُقَيْلِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ دَاوُدَ الأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَوْصِلِيُّ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي صَغِيرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِد بْنُ قَيْسٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَكُونُ فِي رَمَضَانَ هَدَّةٌ تُوقِظُ النَّائِمَ وَتُقْعِدُ الْقَائِمَ، وَتُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ مِنْ خُدُورِهَا، وَفِي شَوَّالٍ هَمْهَمَةٌ، وَفِي ذِي الْقِعْدَةِ تميزُ الْقَبَائِلُ بَعْضهَا إِلَى بَعْضٍ، وَفِي ذِي الْحِجَّةِ تُرَاقُ الدِّمَاءُ، وَفِي الْمُحَرَّمِ أَمْرٌ عَظِيمٌ وَهُوَ عِنْدَ انْقِطَاعِ مُلْكِ هَؤُلاءِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: الَّذين يكونُونَ فِي ذَلِك الزَّمَان ". وَقد رَوَى مَسْلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " يَكُونُ هَدَّةٌ فِي رَمَضَانَ توقظ النَّائِم وتفزع الْيَقظَان ". وروى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ شَهْمِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا قَالَ: " يَكُونُ فِي رَمَضَانَ هَدَّةٌ تُوقِظُ النَّائِمَ وَتُقْعِدُ الْقَائِمَ وَتُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ مِنْ خُدُورِهَا ". هَذَا حَدِيث مَوْضُوع عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ يَحْيَى بْن سَعِيد: عَبْد الْوَاحِد بْن قَيْس شبه لَا شيء. وَقَالَ الْعُقَيلِيّ: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيث أصل عَنْ ثِقَة وَلَا من وَجه ثَابت. وَأَمَّا مَسلمة بْن عُلَيّ فَقَالَ يَحْيَى: مسلمة لَيْسَ بشيء. وَقَالَ النَّسَائِيّ وَالدَّارقطني: مَتْرُوك. وَأَمَّا إِسْمَاعِيل وَلَيْث وَشهر فثلاثتهم ضعفاء مجروحون. • وَأما حَدِيث فَيْرُوز الديلمي: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْن عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عَنْ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَكُونُ صَوْتٌ فِي رَمَضَانَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ؟ قَالَ: بَلْ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْجُمْعَةَ، يَكُونُ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يُصْعَقُ لَهُ سَبْعُونَ ألفا، ويخرس سَبْعُونَ أَلْفًا، وَيُعْمَى سَبْعُونَ أَلْفًا، وَيُصَمُّ سَبْعُونَ أَلْفَا. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنِ السَّالِمُ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: مَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَتَعَوَّذَ بِالسُّجُودِ وَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ يَتْبَعُهُ صَوْتٌ آخَرُ، فَالصَّوْتُ الأَوَّلُ صُوتُ جِبْرِيلَ، وَالصُّوتُ الثَّانِي صَوْتُ الشَّيْطَانَ، وَالصَّوْتُ الثَالِثُ فِي رَمَضَانَ، وَالْمَعْمَعَةُ فِي شَوَّالٍ، وَتَمييزُ الْقَبَائِلُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَيُغَارُ عَلَى الْحَاجِّ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَفِي الْمُحَرَّمِ، فَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَأَوَّلُهُ بَلاءٌ عَلَى أُمَّتِي وَآخِرُهُ فَرح لامتي - الدَّاخِلَة -[الراحلة] فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَقْنِيهَا يَنْجُو عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ خَيْرٌ مِنْ دَسْكَرَةِ بَغْلٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ". هَذَا حَدِيث لَا يَصح. (القائل: ابن الجوزي). وَقَالَ الْعُقَيلِيّ: عَبْد الْوَهَّاب لَيْسَ بشيء ، وَقَالَ الْعَتِيقِي: هُوَ مَتْرُوك الْحَدِيث. وَقَالَ ابْن حِبَّانَ: كَانَ يسرق الحَدِيث لَا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ. وَقَالَ الدَّارقطني: مُنكر الْحَدِيث. وَأَمَّا إِسْمَاعِيل فضعيف، وَعَبدَة لَمْ ير فيروزا، وفيروز لَمْ ير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقد روى هَذَا الْحَدِيث غُلَام خَلِيل عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ البياضي عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ عَنْ أَبِي المُهَاجر عَنِ الأَوْزَاعِيّ، وَكلهمْ ضِعَاف فِي الْغَايَة، وَغُلَام خَلِيل كَانَ يضع الحَدِيث." انتهى كلام ابن الجوزي رحمه الله.

صفوة القول: أستخلص هنا أقوال العلماء الذين ضعّفوا هذا الحديث، بل صرّحوا بوضعه من غير كناية، وإليك بها: 1. قال الذهبي: ذا موضوع 2. قال ابن الجوزي عن رواية أبي هريرة رضي الله عنه: هَذَا حَدِيث مَوْضُوع عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3. وعن رواية فيروز الديلمي: هَذَا حَدِيث لَا يَصح. 4. وقال العقيلي: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيث أصل عَنْ ثِقَة وَلَا من وَجه ثَابت. 5. وقال الحاكم: هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبُ الْمَتْنِ. وعن مَسْلَمَةَ بْن عُلَيّ الرّاوي: 1. قال الحاكم : مسلمة ممن لا تقوم به الحجة. 2. وقَالَ يَحْيَى: مسلمة لَيْسَ بشيء. 3. وَقَالَ النَّسَائِيّ: متروك. 4. وَقال الدَّارقطني: مَتْرُوك. وكيف يُصحَّح حديثٌ بعد أن وضّعه الذهبي، وهو مَن هو في علم الحديث والنقد؟؟، وزِد على ذلك ما قاله ابن الجوزي، والعقيلي، والحاكم!!. واكتفيتُ هنا بأقوال المتقدمين الأوائل، من غير تعرّض لأقوال العلماء المتأخرين، مع الرغم أن جمعًا كبيرا وعددا هائلا منهم وهَّوه وصرّحوا ببطلانه، كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، فقال: "فهذا الحديث لا أساس له من الصحة، بل هو باطل وكذب". فالخلاصة مما تقدم: أن الحديث المذكور لا تصحّ نسبته إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يجوز ذكره إلا مع بيان بطلانه. والله أعلم. وأرى أن هذا القدر من الكلام كافيا لمن كان مسترشدا، وطالبا للحقِّ، وباغيًا للصواب. والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو الموفق لكل خير.

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أرجو أن تكون بخير وأتم صحة وعافية. على كلامك بعض المآخذ والملاحظات العلمية. فأرجو أن تقرأه وتفيدنا بآرائك في موضوعك. وهذا رابط التعليق: https://www.madarisw...

      1. وعن رواية فيروز الديلمي: هَذَا حَدِيث لَا يَصح.

      وهذا لا يعني أن الحديث موضوع، فإن قولهم: لا يصح يدل على أنه ليس بثابت من وجه صحيح عادة.

      1. وقال العقيلي: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيث أصل عَنْ ثِقَة وَلَا من وَجه ثَابت.

      هذا كذلك ضعف الحديث، ولم يوضعه.

      1. وقال الحاكم: هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبُ الْمَتْنِ.

      قولهم: غريب لا يدل على أنه ضعيف فضلا عن أن يكون موضوعًا. ثم لا بد أن تعرف أن الحاكم اشترط في كتابه الصحة، فلو كان الحديث عنده موضوعا لما أتى به في كتابه العجاب. وأما ابن الجوزي فقوله موضوع ليس بشيء، فإن نصف كتابه مليء بالأحاديث الصحيحة أو الحسنة. والذهبي متشدد فيما يتعلق بالعقيدة أو التصوف والرغائب، فإنه على مذهب ابن تيمية، وابتلي كذلك من أجله. وقولي هذا لا يدل على أنني أنكر كونه موضوعًا فإني لست بصدد من هذا. ولكن استدلالك بهم، وأن تكون أنت أحمس منهم هو الذي اضطرني إلى ذلك، فلقد أورده المفتي نظام الدين الشامزئي في كتابه ظهور مهدي كما أتذكر، وأورده مولانا عاصم عمر في كتابه "الملحمة الثالثة الكبرى والدجال". ولعلما دعاك إلى التسرع في القول بالوضع هو الألباني وحكمه عليه بالوضع، وتقليد تلامذته إياه.

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024