الدكتور حبيب مختار...سِيماه التوسط والاعتدال
بقلم:الدكتور ولي خان المظفر
بعد رحيل فقيد الأمة الإسلامية المفتي أحمد الرحمن أُنتخب فخامة الشيخ الدكتور حبيب الله مختاررئيساً لجامعة العلوم الإسلامية التي أسسها سماحة العلامة البنوري بكراتشي، أشهر وأعرق وأعمق جامعةٍ إسلامية نظامية في أنحاء العالم، وبالتوّ رُشِّح للأمانة العامة لمنظمة وفاق المدارس العربية بباكستان ، وكانت للراقم أواصر الحب وعلائق الوِداد بالدكتور من ذي قبل، كلما أتيتُ إلى بنوري تاؤن ألتقي به حتماً ، وأستقي من ينابيع علمه والعرفان قدر ما أستطيع،كان من الحُذّاق العلماء في الأدب العربي ، فكنتُ أتكلم معه بالعربية وياله من فصيح بليغ، كان يرحّب بي ترحيب الكبار المشفقين على أمثالي الصغار، بعد الشاي والحلويات والفواكه كان يُتحفني كتباً من تأليفاته ومصنفاته ومن كتب عباقرة الكُتّاب ، ثم يُهديني ما يُهديني من العطور والفلوس، وكان يُعطي كل زوّاره عطايا وهدايا وأفكاراً ونصائح ومعالم الطريق، تلقّٰى دراساته في نفس الجامعة وكان من نوابغ تلامذة العلامة البنوري المرحوم ، فزوّجه بنته وفلذة كبده (فضيلة الشيخة طيبه باجي رحمهالله وغفر لها وألحقهما بالعلامة البنوري في جنات النعيم)، ثم سافر لنيل درجة الدكتوراه إلى العالم العربي فعاد دكتوراً متضلعاً بالعلوم والمعارف، ولأجل أسفاره إلى مناهل المعرفة طالباً للعلم ثم شيخاً في الداخل والخارج وتناوله نظريات المتقدمين والمتأخرين نضِج متوسطاً ومعتدلاً ،كان يوصي بالوسطية والاعتدال في جميع شؤون الحياة من فكرٍ واعتقادٍ وملبسٍ ومظهرٍ وعمل، كان دائمَ الابتسامة والوجه الطلق مدرّساً ومديراً وناظراً ومراقباً وشيخاً وزميلاً مستقبلاً وملاقياً، كان دقيق الفكر والنظر والبحث في لطائف الأمور والعلوم، مع ذلك كله ماكان يُخشى بوادره ، لأنه كان سمحاً بكل معنى الكلمة، كنتُ أتجوّل معه في مراكز الامتحانات التابعة للوفاق ، فكان ما أحلاه وأعذبه من متكلم وما أدقّه وأمعنه كأمين عام للوفاق، كانت الأمانة العامة للوفاق تجدره وكان بها أجدر أمانةً وإدارةً وحنكةً واستيعاباً ووقاراً وتبحُّراًفي العلم والأدب، وكذا رئاسة جامعة البنوري تاؤن، كان محبوباً في بيته وأسرته وتلامذته وأساتذته وإداراته التي تتعلق به، وكان له صيت ذائع في المسلمين عامةً وخاصةً.
كل أوقاته كانت منظمة مرتبة للعبادة والأذكار والتلاوة وللجامعة والوفاق، ماترى عنده من خلط عشواء في أية ناحية من نواحي حياته ، ولكن ماكان متشدّدا باخعاً نفسه والآخرين لأجل رتابته ومتابعته لجدول أعماله، كَأَنَّ كل شيئ لديه على ما يُرام كلما تلتقي به،كان أنيقاً أصيلاً، وكانت الأناقة والأصالة لا تفارقانه ، بل ترافقانه مهما كان من طارئٍ، فيا حبذا لو اتخذناه نموذجاً في صفاته وتقاليده وأفكاره وشؤون حياته.
كان رجل المواقف والمبادئ ، ليِّناً متبذِّلاً رقيقاً رفيقاً شفيقاًكريماًفي مواقع ، وشديداً متصلِّباً ممسكاً متماسكاً ومعتصماً في مواقع أخرى، لينَ الجانب مبدئياًّ ، وشديداًإذا احتيج إليه،واستشهاده في سبيل الله كان لمواقفه الصلبة، المبنية المستقاة من القرآن والسنة.
نسأل الله له ولحرمته جنات الفردوس ولأولادهما ولاسيما ياسر وفارس والآخرين والتلامذة والمتعلقين التوفيق والسداد.
وصلى الله على النبي العربي وعلى آله ومن والاه وَسَلَّم تسليماً كثيراً.