السيرة النبوية.. موضوع مظلوم والأمة في غفلة..!
السيرة بمعنى: الطريق الذي يتّخذه السالك للوصول إلى المنزل المقصود، وأفضل سيرة يقتدي بها ابن آدم هي السيرة النبوية، إذ هي مصدر السعادة و الفوز والفلاح والنجاة لكل من يتخذها منهج حياته وموضوع دراسته وهدف مسيره. وهي موضوع ألفت فيه الكتب، ودونت فيه الدواوين، وانغمس فيه الأدباء، والشعراء، والفقهاء، والمفسرون، والمحدّثون في كل زمانٍ ، فأخرجوا اللآلئ و الدرر واليواقيت ولكنهم عجزوا عن أداء حقها، ولا شك أن التمسك بها من الدين، بل الدين كله؛ لأنه من أحبّ النبيَّ ﷺ، أحب سيرته وسريرته من الأقوال والأفعال والتقريرات. ولقد حصر اللّٰه - جلّ وعلا - منهج الحياة وهدايتها وصلاحها في حياة رسوله ﷺ حيث قال:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"، وقال:"وإن تطيعوه تهتدوا" ،وقال: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وقد كثرت الآيات في ذلك لا يمكن الإحاطة بها ههنا، وكفى لمن رآها أسوة حياته آيةٌ واحدةٌ، ولا يكفي لمن لا يريد الصلاح ألفُ آيةٍ.
ولكن يضطرب فؤادي و تلتهب روحي وتفيض عيني ويضيق صدري ولا ينطلق لساني حينما أرى أترابي ،وأصدقائي، و شباب الأمة لا يرون السيرة النبوية أسوةً لهم، وقدوة يقتدون بها في حياتهم، ومنهجا في شتى المجالات يجلب لهم مسرّات الحياة في الدنيا ويدفع عنهم البلايا والآفات ويسعدهم بمرافقة نبيهم صلوات الله وسلامه عليه في الآخرة، ويوصلهم إلى مراقي الجنان، وإلى رضا الرحمن.
فيا لله للأمة التي سقت الأمم زمنا، وأخرجتهم من ظلمات الجهل والكفر والطغيان إلى نور الإيمان، وأخرجت العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها إذ الآن هي عن مصدر سعادتها، وفوزها، وفلاحها غافلة ولا ترى فيها ما يصلح حياتها ويسدّدها ويقوّمها.
وشباب الأمة الإسلامية و متاعها الغالي، وقوادها الذين على أكتافهم عبء ثقيل لمستقبلها ورقيها وسعادتها إذا سألتهم عن أسماء اللاعبين وأبطال الأفلام و الممثلين والمتفننين يأتونك بالتفصيل عن أسرتهم، وزوجاتهم، وأبنائهم، ومسكنهم، ومشربهم، ومهاراتهم بنبأ مبين، ولكنك إذا سألتهم عن سيرة نبيهم وقدوتهم - صلوات ربي وسلامه عليه- فلا يجيبون ولو بشيء بسيط عن مولده، ومسكنه فضلا عن سيرته وسريرته، بل لا ينتابهم الفكر بأن يلفتوا أنظارهم إلى صفحات السيرة ليروا فيها مستقبلهم النيّر.
والعجب كل العجب أنه تنعقد الدورات للنحو و الصرف، والمنطق في المدارس الدينية ولكن هل هناك مدرسة من بين هذه المدارس تعتني بإقامة دورة السيرة أو التخصص فيها؟ لما أن أهل المدارس ما التفتوا إلى هذه المهمّة حق الالتفات، وما راعوها حقّ رعايتها وما اهتمّوا بتعليمها أيّما اهتمام فكانت النتيجة أن الأمة جهلت سيرة نبيها التي تضيء لهم سبل السلام و تسعدهم بفلاح الدارين ن وقلّد الشعب المسلم الغرب التقليد الأعمى في المأكل والمشرب والمسكن والملبس وفي سائر شؤون حياتهم، فإلى اللّٰه المشتكى .
ففي هذه الظروف القاسية والأحوال المؤلمة من يقمْ بأمرها من النشر والتعليم و التعلم والتخصص فيها والعمل بها يكنْ رجلا عظیما يخلّد البرية ذكره ويضيء اسمه على صفحات التاريخ.
فهل من مشمِّرٍ عن ساعديه؟ وهل من مجيب؟؟ وهل من رجل رشيد؟؟