حاجتنا إلى قراءة السيرة النبوية
إن للسيرة النبوية مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، وظل الاهتمام بها ممتدا عبر القرون؛ لأنه ضرورة لايمكن لمسلم أن يستغني عنها، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وظلت سيرته قائمة بين المسلمين، فهم ينفذون ما كان يأمرهم به، ويبتعدون عما كان ينهاهم عنه، ولهذا ألفت في السيرة النبوية كتب كثيرة بدءا من عهد التابعين وحتى يومنا هذا. وما كان هذا إلا تلبية للحاجة، وشعورا من علماء هذه الأمة بأثر هذا العالم في توجيه الأمة إلى المسار الصحيح.
وإن السيرة النبوية منهج صحيح لحياة الإنسان، ومعين رائق لفهم الشريعة الإسلامية، لم تشهد الأرض مثل هذا المنهج فكان من أهم تعاليم سيرته الدعوة والتبليغ، فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس إلى الإيمان ليخرجهم من الظلمات الى النور، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة بين الناس، فقال : يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت الرسول سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا. فكان لدعوته صلى الله عليه وسلم هذه أثر كبير في المجتمع، فكان المجتمع العربي مجتمعا فاحشا و فاجرا تمزقهم العصبية القبلية وتنغص حياتهم أباطيل الوثنية وأخلاقها المنحلة، ولكنه صلى الله عليه وسلم استطاع في أقل من ربع قرن من الزمن أن ينقلهم من أقوام متنافرين إلى مجتمع متماسك يشعر فيه المؤمنون بالإخوة والعدل والتسامح وهم يقيمون حياتهم على هدى المنهج الرباني الجديد ويدينون جميعا بالعبودية لله رب العالمين.
ولكن أعداء الإسلام والمسلمين يبذلون قصارى جهودهم لتشويه أخلاق الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ويوجهون إليه اتهامات كاذبة شنيعة ، ويلصقون به بعض الجرائم الأخلاقية من الزنا، وتعدد الأزواج، وشرب الخمر وتحريض الناس على العملية الإرهابية التي لا يمكن أن تصدر إلا من الطبقة غير المتعلمة والمثقفة . وقد اعتاد بعضهم ذم النبي – صلى الله عليه وسلم- والتهوين من شأنه مع أن التاريخ وتعاليم الإسلام يرفض ذلك كله بجميع أشكاله وأساليبه ، ويعتبرها ظلما وبهتانا ، لأن مثل هذه الجرائم الأخلاقية تتنافى مع تعاليم الإسلام الحميدة ، ومبادئه السامية التي تدعو الناس إلى تركها واجتنابها ، فمن الطبعي أن لا يمكن أن تصدر هذه الجرائم من مصدر الشريعة وتعاليم الإسلام، وإن هؤلاء الأعداء للإسلام من أقدر الناس على تزييف الوقائع والتواريخ لصالحهم ويستغلون في ترويجها كل ما لديهم من إمكانات اقتصادية وإعلامية . وليس هذا بداية عهد جديد في تاريخ العالم، وإنما كان امتدادا لمؤمرات الأعداء التي ظلت على قدم وساق.
فندعو مثل هؤلاء الأعداء للإسلام والمسلمين أن يقرؤوا السيرة النبوية المحمدية ، فإن لها مكانة عظيمة في نفوس المسلمين. يغتبط بها كل مسلم يؤمن بالله ورسوله وقد ظل الاهتمام بها ممتدا عبر القرون، لأن خير ما يتدارسه المسلمون ولا سيما طلاب المدارس الدينية والعلماء والمثقفون و دراسة سيرة النبي محمد –صلى الله عليه وسلم.