مشاركة المرأة المسلمة فى المجتمع وحقوقها فى الإسلام

محاولة لبيان أمور متساوية بين الرجل والمرأة ونظريتهما في ضوء القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي. فالإسلام لم يستعبد المرأة قط كما فعلت الأمم السابقة، ولم يقلّب نظام الطبيعة كما فعلت الأمم الحديثة المتمدنة , فقد تخلّى عنها عندهم الأب والأخ والابن، و دفعوها جميعا في تيار العمل خارج المنزل فشقيت، وشقي الرجل بها ومعها

من الحقائق التى لا يستطيع أن ينكرها عاقل أن الذي يتدبر القرآن الكريم يرى  حديثه عن الرجل والمرأة أو عن الرجال والنساء، أو عن الذكور والإناث. يمتاز بالتفصيل الواضح وبالتوجيه المحكم وبالإرشاد السليم وبالحكم البالغة وبالتشريعات السامية وبالآداب العالية. كذلك من الحقائق المسلّمة عند جميع العقلاء أن هذا الكون لا يعمر ولا يستمر وجود أفراده من بني آدم إلى الوقت الذى يشاءه الله تعالى إلا مع وجود الذكر فيه؛ فهما مادة بقائه واستمراره، فحكمة الله العظمى إقتضت أن يخلق الذكر والأنثى، وأن يغرس بينهما التآلف والتعاون، والمودة والرحمة حتى تستمر حياة بني آدم ويخلف بعضهم بعضا جيلا بعدجيل. وذرية تخلف ذرية إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.

فوجود الذكر والأنثى سواء أكان هذا الوجود لعالم الإنسان، أم لعالم الحيوان، أم لعالم الطير أم لغير ذلك من الكائنات التي لا يحصيها إلا الله تبارك وتعالى. أمر اقتضته حكمته وسنته لعمارة هذا الكون. وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة في آيات كثيرة، وبأساليب متنوعة حتى ترسخ فى القلوب. ومنها {وَ مِنۡ کُلِّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَیۡنِ لَعَلَّکُمۡ تَذَکَّرُوۡنَ} [الذاريات:49] أي: ومن كل شيء في هذا الكون الفسيح خلقنا وأوجدنا نوعين وصنفين من المخلوقات على رأسها الذكور والإناث من بني آدم ليبقى تناسلهم وتواجد بعضهم من بعض. ولعلكم تعتبرون وتتعظون وتتذكرون.                                                                                      

ليست المساواة بين الرجل والمرأة في كونهما قد أوجدهما الله تعالى من واحدة فحسب. وإنما المساواة بينهما توجد أيضا فى التكالف الدينية التى كلفهما خالقهما بها، فإخلاص عبادة الله سبحانه وتعالى والإيمان برسله وملائكته واليوم الآخر واجب على كل مكلف سواء أكان من أم من الإناث.                                                                                      

وكذلك الحال بالنسبة للصلاة وللزكاة ولصيام شهر رمضان ولحج بيت الله الحرام متى كان المكلف مستطيعا لذلك، وإذا كانت أحكام بعض هذه العبادات والتكاليف تختفلف في أمور تتعلق بالنساء فهذا في شريعة الإسلام من التخفيف.                                                             

لقد شاركت المرأة الرجل فى تحمل المسؤلية فى الدفاع عن دينها وعن عقيدتها وعن إخلاص العبادة لخالقها، وضحّت من أجل ذلك بروحها وبكل ما تملك فى حياتها. ولقد ساق القرآن الكريم مثلا فى هذا الشأن. قوله تعالى‘‘إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب حريق’’ (سورة البروج.. الآية 10) فهذه الآية الكريمة قد بينت بوضوح أن النساء شاركن الرجال المؤمنين فى تحمل الأذى والإحراق بالنار من أجل الدفاع عن دينهم وعن عقيدتهم، وفى العهد النبوى نرى أن أول شهيدة فى الإسلام كانت سمية إمرأة ياسروأم عماررضي الله عنهم. فقد تعرضوا جميعا للتعذيب الشديد من المشركين وكانت سمية أشدهم ثباتا وصبرا. واستمرت على ذلك حتى فارقت الحياة. 

وشاركت المرأة المسلمة فى تحمل المسؤولية نحو دينها وعقيدتها، حيث هاجرت وتحملت ما تحملت من مشاق الغربة من أجل إعلاء كلمة الحق، فعندما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة بعد أن اشتد أذى المشركين لهم، هاجرت عشرة رجال وخمس نسوة، و كان من هؤلاء الأخيار عثمان بن عفان وزوجه السيدة رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. وعندما أذن لهم للمرة الثانية بالهجرة إلى الحبشة هاجر نحو ثلاثة وثمانين رجلا وثماني عشرة امرأة. وكان من بينهم جعفر بن أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه أسماء بنت عميس رضي الله عنهما.

وشاركت المرأة المسلمة في تحمل المسؤولية نحو دينها وعقيدتها حيث هاجرت وتحملت من الآلام والمتاعب من أجل نصرة الحق،  فعندما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة بعد أن اشتد أذى المشركين فى مكة للمؤمنين والمؤمنات؛ كان من أوائل من هاجروا من مكة إلى المدينة السيدة أم سلمة وزوجها أبو سلمة رضي الله عنهما، وكانت قصة هجرتهما مليئة بالمحن والآلام والمشاق. وشاركت في الجهاد فكانت تداوي الجرحى وتقدم للمهاجرين من الرجال ما هم في حاجة إليه. وشاركت في مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم على إخلاص العبادة لله عزّوجل وعلى رسوله طاعة وعلى التحلي بمكارم الاخلاق.                                                                  

وقد سوى الإسلام بين الرجل والمرأة فى طلب العلم ، فإن القرآن الكريم قد دعا أتباعه من الرجال والنساء إلى الإجتهاد فى طلب العلم وتحصيله ، وإلى تعليمه للغير بإخلاص وإستقامة . حيث قال الله تعالى  {وَ مَا کَانَ الۡمُؤۡمِنُوۡنَ لِیَنۡفِرُوۡا کَآفَّۃً ؕ فَلَوۡ لَا نَفَرَ مِنۡ کُلِّ فِرۡقَۃٍ مِّنۡہُمۡ طَآئِفَۃٌ لِّیَتَفَقَّہُوۡا فِی الدِّیۡنِ وَ لِیُنۡذِرُوۡا قَوۡمَہُمۡ اِذَا رَجَعُوۡۤا اِلَیۡہِمۡ لَعَلَّہُمۡ یَحۡذَرُوۡنَ} (الرعد:19) وهناك كثير من الأمثلة التي تدعو الرجال والنساء إلى طلب العلم والحث عليه.                           

وإذا ما اتجهنا إلى السنة النبوية المطهرة ، رأينا كثيرا من الاحاديث النبوية الشرريفة قد فصلت الحديث عن فضيلة  العلم زعن سمو منزلة العلماء سواء أكانوا من الرجال أم من النساء . ورأينا أيضا ألوانا من رعاية الرسول صلى الله عليه وسلم ومن رحمته للبنات بصفة خاصة ، ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على تعليمهن ما يصلحهن فى دنياهن ودينهن . كذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم النساء كما كان بعلم الرجال من الصحابة وكان يجيب على أسئلة النساء كما كان يجيب على أسئلة الرجال .وأن كثيرا من النساء قد حفظن عن الرسول صلى الله عليه وسلم عددا كبيرا من احاديثه الشريفة ، ومن توجيهاته القويمة ، ومن غرشاداته السديدة . ذلك لأن شريعة الإسلام قد قررت أن طلب العلم فريضة على كل المسلم ت، إذ كل خطاب للمسلم العاقل البالغ هو خطاب للمسلمة العاقلة البالغة إلا في الخصوصيات التي اختص الله تبارك و تعالى بها أحد الجنسين دون الآخر.

وفى الحديث الشريف الذى ذكره الامام البيهقي فى سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‘‘طلب العلم فريضة على كل مسلم ’’ أى على كل إنسان مسلم ، رجلا كان أم إمرأة.                                                                     

ولقد ضرب الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أروع مثل فى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة فى وجوب طلب العلم ، وفى حرصه على تعليم المرأة وتثقيفها وتسليحها بسلاح القراءة والكتابة. ومن الأدلة على ذلك ما فعله مع زوجه السيدة حفصة بنت عمربن الخطاب رضي الله عنهما. فقد حاوت كتب السنة والتاريخ أن إمرأة تسمّى ‘‘الشفاء العدوية ’’ كانت تحسن القراءة والكتابة وكانت تعلم الفتيات القراءة والكتابة وأن السيدة حفصة فى صغرها تعلمت منها القراءة والكتابة ، وبعد زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم طلب من الشفاء تتابع تعليمها لحفصة رضي الله عنها ،وأن تعلّمها تحسين الخطّ وتزيينه.                                                                   

قد قلت حرية النساء في أول الزمان ولم يجدن حقوقهن بتمامها ذلك الوقت وكن حرّمت عليهن في كثير من المتاحات ، ولكن اليوم تغيرت تلك  الحالة بأصلها ، وبدأت المرأة أن تعيش في زيادة الحقوق لهن بكل حق حتى إستطاعت أن تطالب حقوقهن ،كان أمر المرأة في التاريخ القديم عجبا فمنهم من وأدها ومنهم من عبدها ، لكن الإسلام هو الذي أنزلها المنزلة اللائقة بها ، قد منحها حقوقها وعرفها واجباتها ، آية " ولهن مثل الذي عليهن بالعروف وللرجال عليهن درجة " لا يوجد قانون أعدل ولا أجمع منها ، إذ قد ساوت بين الرج والمرأة في الحقوق   والواجبات ، وخصت الرجل بدرجة الرئاسة الشورية على الأهل والأولاد ، فالإسلام لم يستعبد المرأة قط كما فعلت الأمم السابقة ، ولم يقلّب نظام الطبيعة كما فعلت الأمم الحديثة المتمدنة ، فقد تخلّى عنها عندهم الأب والأخ والإبن،ودفعوها جميعا في تيار العمل خارج المنزل فشقيت ’ وشقي الرجل  بها ومعها .

زعموا أن الإسلام قد هضمها حقها في الميراث ، أولا يذكر هؤلاء أن مهرها لها ، وأنها تتصرف في أموالها كيف شاءت ’وهل تملك المرأة الحديثة من مال زوجها أو من مالها عنده من التصرف المطلق ما تملكه المرأة المسلمة ؟  كلاّ ... إنما لا تملك حق التصرف بغير إذن زوجها . وزعموا أن الإسلام قد جعلها بنصف عقل الرجل في كل شئ ، أوَلَا يعلمون أن أصل هذه المسألة هي آية المداينة في آخر سورة البقرة  ومنها قوله تعالى " واستشهدوا من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء " وعلّل ذلك بقوله  " أن تضلّ إحداهما فتذكّر إحداهما الأخرى " أى إذا نسيت إحداهما أذكرتها الثانية ، فإذا كان الرجل في مقام إمرأتين فيما ليس من خصائصها ولا من وظائفها ، وهو أن ينسي عادة من مثلها ، أفلا تُعَدّ المراة بمنزلة الرجلين في شؤنها وأمورها الداخلية وهل ينقص هذا من قدره شيئا يا ترى؟   

ألم يفرق الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بين عقبة بن الحارث وزوجه أم يحي بنت أبي إهاب مذ شهدت أمة سوداء بأنها أرضعتهما ؟والحديث في الصحيح .وهل جعلها الرسول العظيم صلي الله عليه وسلم ناقصة العقل وضعيف الذاكرة فيما هو من خصائصها .أم قبل خبرها وحدها بعد نحو عشرين عاما تقريباً.

وأماكونها بنصف دين ، فالدين كالإيمان يطلق علي الصلاة ، وللمرأة عادتها الطبيعية في الحيض وفي النفاس ، والشارع قد أسقط عنها الصلاة في تلك المدة طالت أوقصرت . " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " وهذا بخلاف سائر الأركان كالزكاة والحج والصيام فإنها مطالبة بأدائها كاملة كالرجل .

إن الإسلام يأمرهن أن يختفين ويستترن من الرجال الأجانب والغرباء ، ولا يجبرهن الإسلام أن يكسبن ويجمعن المال والقوت للأهل ، إن المسؤولية التي يوجب الدين عليها هي تربية الأولاد ومثلها من الأعمال الميسرة ، فانظروا ايُّها الإخوان؛  الإسلام يوافق العلوم كافّة في أمر النساء ، وفي نفس الوقت يحتال بعض الأعداء أن يسيئوا إلى الإسلام بأخذ هذا الأمر مفسرين على طريق المعوّج،  وفي الحقيقة لا يحرم ولا يحجر الإسلام النساء عن الكسب وتجميع المال ، ولها في الإسلام الإكتساب الموافق بها . ولكن حالة اليوم ـ نعلم جيّدا ـ لايليق للإكتساب لها بنطاق وسيع و وهذا هو الذي يرشدنا إليه ديننا الإسلام . انظروا إلى الاديان غير الإسلام تجدوا أن فيها عدة أمثلة لتحريم حقوق النساء فيها. وفي الهند هن يعشن مضيقات بين الأحكام البشعة مثل قطع الحياة مع موت الزوج وغيرها، وهن في ذلك الدين محرومة من تعلم العلم . وهكذا في المسيحية هن يلاقين عدة مشكلات، ولكن في الإسلام ليس هناك أي تسقيط أوتهبيط لمنزلتها ، إنه قد أعطاها حتى اليوم حقوقها كلها بصورة تامة ولايريد الإسلام أن يحطها في القوم ولن يقرّرلذلك، ويرجو الإسلام أن ينجيها من الخطر العظيم الهائل ، لذلك يضع بعض الأحكام والأوامر أمامها راميا خيرها فقط .

 وأيضا لها مكانة عليا في الاسلام حيث قال النبي الاعظم صلي الله عليه وسلم "الجنة تحت أقدام الامهات " وهذا القول يصب علي النساء النعمة الكبيرة والخير الجليل . وكذلك يعطي الاسلام لها الحق لكسب العلم خاصة الذي يوجب عليها ان تتعلم العلم المحتاج والمنتفع في عيشها الموافق للشريعة. وفي الخلاصة يهيّأ ديننا لهن كلما يفيدهن ، وأيضا الإتهامات الخارجية ضدالاسلام في هذا الأمر هو أثر محاولة وموامرة الاعداء لهدم الاسلام . ،وعلينا أن نفهم ذلك ونوقظ الناس من الجهل في هذا.                                                        

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024