فمثل هذا المشهد بنفسه يخيف من يزور تلك الغرفة!

بعض الأماكن لا يرغب أحد بزيارتها، غير أنه لا بد من زيارتها، ومن تلك الأماكن غرفة عملية جراحية، فلا أظن أحدا يدخل فيها برغبته، إلا أن هنالك سببا من الأسباب يجبره على ذلك، وتلك الغرفة ليست غرفة عادية، بل هي غرفة مخيفة بنفسها، حيث إن الأجهزة الموضوعة في داخلها لا تصمت، بل تصوت بأصوات عجيبة وغريبة، ثم اللباس الذي يستخدمه الطبيب ومساعدوه عند ما يقومون بعملة جراحية لا يكون لباسا عاديا، بل هو لباس أخضر خاص، والكمامة على وجوههم، فمثل هذا المشهد بنفسه يخيف من يزور تلك الغرفة...

      لما انكسر عظم فخذي إثر حادث مرور قرر الطبيب بإجراء عملية جراحية، وليركب في داخلها الحديد حتى ينجبر ذلك الكسر، فبدأت نبضات قلبي تدق سريعا، وأحيانا تنخفض، فكنت متفكرا ما ذا يحدث عند ما أنقل إلى تلك الغرفة، فأحاطتني أفكار عجيبة  وغريبة، فصارت تلك الليلة طويلة، بل أطول من جميع الليالي...

      وفي صباح اليوم الذي كانت لي عملية جراحية جاء الممرض، وغير لباسي، ثم نقلوني إلى غرفة عملية، فانتهى الخوف الذي كان في داخلي، ولكن هنالك شيء آخر بدأ يقلقني، وهو أن التخدير يكون كاملا أم موضعيا، فكنت في انتظاره. بدأ العمال يركبون الأجهزة، ومن أولئك العمال أحدهم كان حديثا في تلك المستشفى، فيرى من ظاهره أنه قد درس في المدرسة الدينية، فسألته فقال لي: نعم، درست في المدرسة عدة أيام، وكان يكلمني ويسألني ما حدث بي، فأخبرته بالاختصار، حتى جاء الطبيب المخدر، فأجلسني، وزرقني حقنة في الفقر العمودي ثم قال استلق سريعا، فاستلقيت على الطاولة، وسألني هل يتخدر نصف جسدك الأسفل، فقلت له: على حد علمي بدأ أثر تلك الحقنة يتسرب فيها، ويتخدر، وعلقوا قماشا بيني وبين نصف جسدي الأسفل، حتى جاء الطبيب، وبدأت العمليات، فكنت في وعي، حتى استغرقت تلك العملية أربع ساعات، والله كم انزعجت من تلك العملية، لست قادرا على ما أكتبه هاهنا، فكنت أسأل ذلك الأخ الذي كان مسئولا عن جهاز التنفس، والذي ركب على وجهي كمامة بلاستيكية، فجزاه الله خيرا كان يقول لي: بقي عدة دقائق، هكذا مضت أربع ساعات، وخلال عملية جراحية كنت أسمع ما يجري بين الطبيب ومساعديه، ثم بفضل من الله ومنه تمت عملية جراحية بنجاح، ونقلت من تلك الغرفة إلى غرفة خاصة في المستشفى، والتي هي كانت لعمي الطبيب، فبقيت فيها نائما إلى أربع ساعات، ثم استرجعت وعيي، وشكرت الله عزوجل على نجاح تلك العملية، وأسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يحفظ الجميع من جميع الأمراض، وأن يعجل المرضى جميعا بشفاء عاجل، وأن يعيدهم إلى بيوتهم سالمين.

حررت هذا النص في تاريخ: 29-03-2020م يوم الأحد

    أ.د.خليل أحمد


    مجموع المواد : 508
    شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025

    التعليقات

      يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

      إنشاء حساب

      يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

      سجل حسابا جديدا

      تسجيل الدخول

      تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

      سجل دخولك الآن
      المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
      الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
      شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025