سلسلة رمضانية : هل تعلم أن هؤلاء يقومون بجهد مبارك!؟
لما دخلت المسجد البارحة، شعرت أن هنالك زحمة غير عادية اليوم في المسجد، ومثلها لم أره من بداية رمضان إلى هذه الليلة، فخمنت أن هؤلاء قد يكونون في السفر، وجاؤوا اليوم لأداء صلاة العشاء في هذا المسجد، ثم ينصرفون، فشاركت الجماعة، وصلينا العشاء والتراويح، ثم رأيت هؤلاء الجدد كلهم تحلقوا، ومسك واحد منهم كتابا، وبدأ ينادي جميع المصلين بأنهم يسمعون حديثا أم حديثين، ويشاركون في حلقة التعليم، فقلت في نفسي: من هؤلاء؟ وما هو هدفهم؟ وهل هم جاؤوا فقط إلى هذا المسجد أم أنهم يقصدون مساجد أخرى؟ فجميع هذه الأسئلة تدور في دماغي، وأنا أيضا جلست للمشاركة في حلقة التعليم...
ثم بدأ ذلك الرجل الذي أخذ الكتاب ليقرأه على الجالسين في الحلقة، وقرأ حديثا من فضائل الصلاة، ثم من فضائل رمضان، وأخيرا قرأ حديثا من فضائل الدعوة والتبليغ، ورغب المشاركين بالخروج في سبيل الله،... وقد ذكر مدة أربعة أشهر، ثم أربعين يوما سنويا، وثلاثة أيام في كل شهر، والمشاركة في الأعمال الاجتماعية، وإقامة حلقات التعليم وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بالدعوة والتبليغ...
فكنت رأيت في زاوية المسجد فرشهم موضوعة، والأواني، وغير ذلك من الأشياء التي يحتاجونها يوميا، فتفكرت في نفسي: انظر إلى هؤلاء الذين يخرجون في سبيل الله، لإصلاح أنفسهم، فيتجولون على عدة مساجد، وكل مسجد يمكثون فيه على الأكثر ثلاثة أيام، ثم يرحلون إلى مسجد ما بعده، فهكذا يكملون المدة المقررة ....
ومثل هذه الجماعة تتكون من أشخاص، جنسيتها مختلفة، وأمزجتهم مختلفة، لكن خروجهم جميعا لهدف واحد، وهو إصلاح أنفسهم، وإحياء كلمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ في العالم كله، وإحياء دينه ـ عز وجل ـ في العالم كله، فحياتهم تكون وفقا للسنة، فجلوسهم وقيامهم ونومهم، وطعامهم حسب السنة، وكأنهم يتدربون تدريبا خاصا في مدة معينة، ثم بعد إكمال تلك المدة لما ينصرفون إلى بيوتهم فيسهل عليهم القيام بأعمال صالحة، فيواظبون على الصلوات، ويحافظون على قراءة القرآن الكريم، ويهتمون بالأدعية المأثورة، فيحاولون قضاء حياتهم المتبقية على طريقة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ