أيها القاسي، دعنا نستظل بظله الوارف

إن القلب يحزن أسفا، و العين تبكي دما، على ما ترامى إلى أسماعنا في يوم مبارك سيد الأيام من خبر هز العالم الإسلامي هزا شديدا،  خبر وقع موقع السهم من أفئدة العامة و الخاصة و القاصي و الداني، خبر يجدر أن تتباعد الملئكة أميالا بعد سماعه من نتن ما حواه، خبر تكاد السموات تتفطرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هدّا...... إنه محاولة اغتيال علم من أعلام الأمة الإسلامية، عبقري من عباقرة أهل العلم، جوهرة من جواهر البشرية، شيخ تقي نقي كريم، قرير أعين الخاصة و العامة ، جامع للسجايا العطرة و الخصائل الحميدة، فقيه العالم الإسلامي، شيخ الإسلام و المسلمين،  سماحة الشيخ المفتي محمد تقي العثماني،  مد الله ظله الوارف علينا و على الأمة جمعاء.
         هدف من أشد الأهداف و أمرّها من قبل الإرهابيين الأوغاد،  أعداء المسلمين و العلماء الأشراف، الذين لا يحملون في أحشائهم قلوبا تلين، و ليست في بطونهم أفئدة تخشى،  انما هي أحجار في الشدة و القسوة،  و ان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، و ان منها لما يشقق فيخرج منه الماء ، و ان منها لما يهبط من خشية الله حيث انهم حاولوا هدم عمود من أعمدة الأمة الإسلامية،  و إن هذه المحاولة أكثر شدة و أعظم شناعة من محاولة هدم الكعبة المشرفة - و العياذ بالله - ، فإن حرمة المسلم عندالله أعظم من حرمة بيت الله المكرم؛ لما أخرجه ابن ماجة في سننه من حديث عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهماَ , قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ , وَيَقُولُ : " مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ , مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ , لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ , نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا ".
         فيا لشدة المحاولة و يا لشناعة الحدث! إن استهداف مؤمن عامي أشنع من استهداف الكعبة المشرفة، فماظنك باستهداف نفس طيبة مؤمنة مطمئنة يدين لخدماتها العالم الإسلامي؟ نفس تحن إليها النفوس شوقا إلى لقياها،  و تهوي إليها القلوب لزيارة محياها..... و لكن الله سبحانه و تعالى يقول: "إنهم يكيدون كيدا،  و أكيد كيدا،  فمهل الكافرين أمهلهم رويدا".....كما إنه يؤكد : "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون،  انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"..... و يقول في محكم تنزيله:" و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون"....لقد صدق الله - و من أصدق من الله قيلا - حيث حفظ عبده الصالح التقي،  و صرف عن و جهه كيد الكائدين، و رصاصات المعتدين ، و كأنه أرسل ملكا من ملئكته قد يحفه و أهله بجناحيه مرة ، و يضع له إياهما أخرى رضى بما كان عليه،  و انه منة عظيمة من الله سبحانه و تعالى، و جوهرة بديعة لا يكاد يوجد نظيره في العالم الإسلامي قاطبة، جدير كل الجدارة لأن يضرب للاستفادة منه أكباد الآبال،  و حقيق كل الاستحقاق ان تشد إليه الرحال.
          أيها المحاول القاسي!  إن أبيت إلا مثل هذه المحاولات المستهدفة فعليك ان تخوض في صفوف الكفر والمشركين،  و اليهود و سائر أعداء الدين،  والصليبيين الحاقدين،  تنال منهم ما تشاء من غير خطر و لا خوف،  و دع لنا شيخنا نستظل بظله الوارف ، و نستقيئ من ينابيعه الرقراقة،  و نقتبس من ضياء علومه شعلة نضيئ بها مشارق الأرض و مغاربها،  و الا فتخسر الأولى و الآخرة،  و تشقى في العاجلة و الآجلة؛ فإن بطش ربك لشديد، إنه ذو العرش المجيد، فعال لما يريد، لا يعجزه شيئ في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم.

يوسف عبد الرحمن الخليلي


مجموع المواد : 44
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024