أليس من واجبك أن تقدم العون إلى الآخرين!
لست أديبا مثل الأدباء البارعين، ولست كاتبا مثل الكتاب الماهرين، ولست باحثا مثل الباحثين المتبحرين، بل أنا كاتب مبتدئ في طريق تعلم الكتابة، فلذا من واجبي أن أكتب يوميا كواجب...
كالعادة خرجت اليوم من المدرسة، على دراجتي التي يمكنني وصفها بأنها ليست كقديمة، أي أن الدراجة القديمة لم تكن تشتغل بركلة واحدة، بل كانت تجعلني أتريض بتتابع ركلات لتشغيلها، لكن الدراجة الجديدة فما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها لا تتعبني في تشغيلها، وإنما هي تشتغل بركلة واحدة، بل لو قلت: بنصف ركلة أيضا لا بأس بها...!
فلما كنت في منتصف الطريق مارا بين زحمة السيارات بدأت إشعارات انطفاء الدراجة، فأولا ظننت بأنها تحتاج إلى الصيانة، لكن سرعان ما عرفت سبب تلك الإشعارات، فوجهت مسيري إلى محطة البنزين لأعبئ البنزين في دراجتي...
فلم يكن في المحطة طابور، بل طوابير، فكل واحد كان يهتم بنوبته، لكني لاحظت أن أحد الإخوة لم يكن عنده دراجة وهو أيضا في الطابور، ففي أول وهلة اعتقدت أن الأمر عادي، فممكن أن يكون هذا الأخ رديفا على إحدى الدراجات، لكن انكشف الغبار عن حقيقته...! فرأيت في يده قارورة، فما إن جاءت نوبته إلا وقد قدم القارورة إلى صاحب المحطة، قائلا: عبئ فيها البنزين بثلاثين روبية.
فالعامل لم يجد بدا من امتثال أمره، وإطاعته، فلما حان وقت دفع المبلغ للعامل، فبدأ هذا الأخ يدخل يده في جيوبه واحدا تلو الآخر، لكن يداه خرجت صفرا...
فالتفت إلى العامل قائلا: لعلي نسيت مبلغا في البيت، فأرجوك أن تمنحني هذه القارورة لأعبئ بنزينا في دراجتي التي هي أوقفتها قريبا من المحطة، وأصل إلى منزلي ثم أدفع إليك مبلغا في المرة القادمة... لكن العامل كيف يمكنه منح قارورة البنزين إياه مجانا، لأنه هو أيضا كان مراقبا من خلال الكاميرات.
فكنت كمتفرج بينهما، ومن ناحية أخرى كنت أتأخر عن الجامعة، فقاطعت كلام العامل قائلا: ادفع إليه قارورة البنزين! فبدأ ينظر إلي بنظرات الدهشة، ثم كررت نفس الكلام، فهذه المرة قال لي: من يدفع المبلغ، فتبسمت في وجهه قائلا أنا أدفع...
فلما سمع ذاك الأخ كلامي واستلم قارورة البنزين من العامل بدأ يشكرني بكلمات وكلمات، فرأيت عينيه تلمعان من الدموع، فقلت: خيرا لا بأس تفضل خذ القارورة وتوكل على الله، ولا تحتاج أن تشكرني فإنه من واجبي أن أقدم المساعدة إليك...
ثم انطلقت لكن كنت مسرورا بأن الله سبحانه وتعالى قد وفقني اليوم لتقديم مساعدة إلى أحد المضطرين...
فينبغي لنا جميعا أن ننظر حولنا فكم من الإخوة يحتاجون إلى مساعدتنا ونحن غافلون عنهم، فولله طوبى لمن يتفكر في تقديم المساعدة إلى المضطرين ، فإنه ينال عون الله سبحانه وتعالى عند الضيق، كما جاء في الحديث النبوي صلى الله عليه وسلم: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".