هل رأيت وفاء مثل وفاء الكلب؟
كان هنالك رجل طيب، ذهب يوما لزيارة بعض إخوانه الذين يحبهم في الله. ومر في الطريق على المقابر، فدخل ليدعو لهم فوجد شيئا عجيبا. لقد وجد قبرا مكتوبا عليه: هذا قبر كلب، له خبر عجيب، فمن أراد أن يعرف خبره فليذهب إلى قرية كذا، فإن فيها من يخبره.
فسأل الرجل عن القرية فدلوه عليها، فذهب إليها وسأل أهلها فدلوه على شيخ كبير في السن. فدخل وسلم عليه وسأله عن خبر هذا الكلب.
فقال له الرجل: لقد كان في هذا المكان ملك عظيم الشأن، وكان يحب الخروج كثيرا للنزهة والصيد والسفر. وكان عنده كلب لا يفارقه أبدا وكان يحبه حبا شديدا، وفي يوم من الأيام خرج الملك إلى بعض المنتزهات وطلب من الطباخ أن يعد له ثريدا باللبن. انصر الملك وقام الطباخ وصنع للملك ثريدا باللبن ونسي أن يغطيه لانشغاله بإعداد طعام أهل القصر- أسرة الملك- فجاءت حية كبيرة ونفثت سمها في اللبن، فرآها الكلب ولكنه لم يستطع أن يفعل أي شيء مع الحية، وكانت هناك جارية خرساء قد رأت ما فعلته الحية.
عاد الملك من رحلة الصيد وطلب منهم إحضار الثريد باللبن، فأحضروه فحاولت الجارية الخرساء أن توضح للملك أن اللبن فيه سم، فلم يفهم ما تقول، وبدأ الكلب ينبح ويصيح حتى لا يشرب الملك هذا اللبن المسموم، فلم يلتفت إليه.
فلما رآه الكلب يمد يده إلى اللبن ليشرب، قفز على المائدة وشرب من اللبن فسقط ميتا في التو وفي نفس اللحظة، ففهم الملك أن اللبن كان مسموما فسأل الجارية: هل كان اللبن مسموما؟ فأشارت إليه ووضحت له بالإشارات أن الحية جاءت ونفثت سمها في اللبن وأن الكلب فعل ذلك من أجل أن يفدى حياته.
فقال الملك لكل من حوله: هل رأيتم وفاء مثل وفاء هذا الكلب؟ قالو: لا. قال الملك : إن هذا الكلب لن يدفنه غير بعد أن فداني[1] بحياته، فدفنه وكتب عليه ما قرأت على قبره.
النتيجة والتوصية من الحياة:
- المسلم لا بد أن يكون حريصا على زيارة إخوانه الذين يحبهم في الله، فإن من زار أخاه في الله فإن الله سبحانه وتعالى يكافئه على ذلك بالأجر العظيم ويجعله يوم القيام جالسا في ظل عرش الرحمن يوم القيامة.
- إن من السنة أن نزور القبور لندعو للموتى، ولنتذكر الآخرة فلا تتعلق قلوبنا بالدنيا.
- إن الوفاء نعمة عظيمة وقد رأينا كيف كان وفاء الكلب للملك، ومن باب أولى أن يكون عندنا وفاء للوالدين والأقارب والأصدقاء.
[1] - استنفذه وخلصه مما كان فيه بماله أو بنفسه .