هروب أدعياء الجهاد من الجهاد الكبير والأكبر والهجرة الصعبة والكبرى
كثير من المتحمسين للجهاد لا يعرفون أن أصل الجهاد هو جهاد النفس فى طاعة الله بفعل الخيرات واجتناب السيئات وأن أصل الهجرة هو ترك ما نهى الله عنه ، فهم يحصرون الجهاد على القتال ، لذا تجدهم ينتقدون من لم يروا فيه الجهاد بمعنى القتال من العلماء الربانيين ، وهذا جهل خطير فى دين الله ، فقد جاء فى القرآن المجيد أن الجهاد الكبير هو الصبر على طاعة الله والدعوة إليه وكشف شبهات ومزاعم الناس الكاذبة فى دين الله ، وتواترت الأحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم ببيان أن أصل الجهاد هو جهاد النفس فى طاعة الله وأن أصل الهجرة هو هجر أو ترك ما نهى الله عنه ، وأن قتال الأعداء وبيان الحق أمام السلاطين هما جزءان من الجهاد فى سبيل الله وليس كل الجهاد ، وكذا هجرة بلاد الكفر وهجران الفساق هما جزءان من هجرة ما نهى الله عنه وليس كل الهجرة . فالجهاد الحقيقى والأكبر والأصعب هو جهاد النفس ، وكذا الهجرة الصعبة والكبرى هو ترك ما نهى الله عنه .
قال الله تعالى : ﴿ فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾ [ سورة الفرقان -وهي مكية- : 52 ] .
تعليق : المراد هنا من "الجهاد الكبير به" هو تفنيد شبهات الكفار بآيات القرآن ، قاله ابن عباس رضي الله عنه.
وقال تعالي : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [ سورة التوبة : 73 ، سورة التحريم : 9 ] .
تعليق : المراد هنا من "جهاد المافقين" هو إقامة حدود الشريعة عليهم عند التمكن منها ورد أقاويلهم الباطلة بالحجج القاطعة قولا كان أو كتابة. ولا اختلاف فى ذلك بين أهل العلم.
عنْ أنس رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « جاهِدُوا المُشرِكينَ بِأَموالِكُمْ وأَنْفُسِكُم وأَلسِنَتِكُم » أخرجه أبو داود (3/10 ، رقم 2504) ، والنسائى (6/7 ، رقم 3096) ، وأحمد (3/124 ، رقم 12268) ، والدارمى (2/280 ، رقم 2431) ، وأبو يعلى (6/468 ، رقم 3875) ، وابن حبان (11/6 ، رقم 4708) ، والحاكم (2/91 ، رقم 2427) وقال : صحيح على شرط مسلم . والبيهقى فى الكبرى (9/20 ، رقم 17576) ، والضياء (5/271 ، رقم 1902) .
عنْ أَبِي سَعيد الْخُدريِّ رضي اللَّه عنه ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عندَ سلْطَانٍ جائِرٍ » أخرجه أبو داود (4/124 ، رقم 4344) ، الترمذى (4/471 ، رقم 2174) وقال : حسن غريب . والخطيب (7/238).
عنْ طارِقِ بنِ شِهابٍ الْبُجَلِيِّ الأَحْمَسِيِّ رضي اللَّه عنه ، أَنَّ رجلاً سأَلَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وقَدْ وَضعَ رِجْلَهُ في الغَرْزِ : أَيُّ الْجِهادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ : « كَلِمَةُ حقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِر » أخرجه النسائى (7/161 ، رقم 4209) ، وأحمد (4/314 ، رقم 18848) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (6/93 ، رقم 7582) وقال : هذا مرسل جيد . والضياء (8/110 ، رقم 122) .
عنْ أَبِي أمامة رضي اللَّه عنه ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « أحبُّ الجهادِ إلى الله كلمةُ حقٍّ تُقَالُ لإمامٍ جائرٍ » أخرجه أحمد (5/251 ، رقم 22212) ، والطبرانى فى الكبير (8/281 ، رقم 8080) ، والبيهقى فى الكبرى (10/91 ، رقم 19972) .
عن فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ رضي اللَّه عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ : مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ، وَالْمُهَاجرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ » أخرجه ابن حبان (11/203 ، رقم 4862) ، والطبرانى (18/309 ، رقم 796) ، والحاكم (1/54 ، رقم 24) ، وأحمد (6/21 ، رقم 24004) ، وابن المبارك (1/284 ، رقم 826) .
عن جابر ذر رضي اللَّه عنه ، قال : قدِم النبي صلى الله عليه وسلم من غَزاة له ، فقال : « قدمتم خير مقدم وقدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر » قالوا وما الجهاد الأكبر يا رسول الله ؟ قال : « مجاهدة العبد هواه » أخرجه الديلمى ، والبيهقى فى الزهد (2/165 ، رقم 373) ، وقال : هذا فيه ضعف . والخطيب (13/523) .
تعليق: الحديث وإن كان فيه ضعف من حيث السند لكن المعني صحيح من حيث الواقع. فهناك خوارج يقاتلون. وهناك كفار يقاتلون، وهناك قطاع يقاتلون، وهناك مرتزقة يقاتلون، وهناك روافض يقاتلون، وهناك شيوعيون يقاتلون، وهناك مغرورون يقاتلون. إذن القتال هو ليس دليلا قاطعا على صدق إيمان المرأ وصحة عقيدته وصفاء منهجه. وإنما العمل والأخلاق الفاضلة والزهد فى دنيا الغرور والإعراض عن شهوات النفوس هو الدليل القاطع على صدق إيمان المرء.
عنْ أَبِي ذر رضي اللَّه عنه ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « أفضل الجهاد أن تُجاهد نفسك وهواك فى ذات الله » أخرجه الديلمى (1/1 ، رقم 127) ، وأبو نعيم فى الحلية (2/249) ، والرافعى (3/133) .
عنْ عبد الله ابن عمرو رضي اللَّه عنه ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « أفضل المؤمنين إسلاماً من سلم المسلمون من لسانه ويده ، وأفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً ، وأفضل المهاجرين من هجر ما نهى الله عنه ، وأفضل الجهاد من جاهد نفسه فى ذات الله عز وجل » أخرجه الطبرانى فى الكبير (13/18 رقم 26) ، وابن نصر فى تعظيم قدر الصلاة (2/600 ، رقم 639) .
عن فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ رضي اللَّه عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : « كلُّّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ ، إِلاَّ الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْر » وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ » أخرجه الترمذى (4/165 ، رقم 1621) وقال : حسن صحيح . وابن حبان (10/484 ، رقم 4624) ، وابن المبارك فى الجهاد (1/142 ، رقم 175) ، وأحمد (6/20 ، رقم 23997) ، و الطبرانى فى الكبير (18/309 ، رقم 797) ، والبيهقى فى كتاب الزهد الكبير (2/163 ، رقم 369) ، والقضاعى (1/140 ، رقم 184) ، والديلمى (4/206 ، رقم 6629) .
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضى الله عنه ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنِ الْمُسْلِمُ ؟ فَالَ : « مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ » قَالَ : فَمَنِ الْمُؤْمِنُ ؟ قَالَ : « مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ » قَالَ : فَمَنِ الْمُهَاجِرُ ؟ قَالَ : « مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ » قَالَ : فَمَنِ الْمُجَاهِدُ ؟ قَالَ : « مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ ِللهِ » أخرجه عبد بن حُميد (رقم 336).
عن أنس رضى الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ » أخرجه أحمد (3/154 ، رقم 12583) ، قال المنذرى (3/240) : إسناد أحمد جيد تابع على بن زيد حميد ويونس بن عبيد . وأبو يعلى (7/199 ، رقم 4187) ، وقال الهيثمى (1/54) : رجاله رجال الصحيح إلا على بن زيد وقد شاركه فيه حميد ويونس بن عبيد . وابن حبان (2/264 ، رقم 510) ، والحاكم (1/55 ، رقم 25) ، والضياء (6/56 ، رقم 2031) ، والقضاعى (1/109 ، رقم 130) ، والرافعى (2/394) .
عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، واَلْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ » أخرجه البخارى (1/13 ، رقم 10) ، وأبو داود (3/4 ، رقم 2481) ، والنسائى (8/105 ، رقم 4996) ، والحميدى (2/271 ، رقم 595) ، وأحمد (2/163 ، رقم 6515) ، والدارمى (2/388 ، رقم 2716) ، وابن حبان (1/467 ، رقم 230) ، والطبرانى فى الأوسط (4/56 ، رقم 3598) ، وأبو نعيم فى الحلية (4/333) ، والقضاعى (1/131 ، رقم 166) .
عن أنس رضى الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ، والمهاجر من هجر السوء » أخرجه الخطيب (2/78) ، والقضاعى (1/109 ، رقم 130) .
اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أنفسنا.
كتبه محبكم خادم العلم النبوى
أبو الحسين كبير آل غازى
۱٥ شوال ١٤٣٦ الهجرى
شيتاغونغ ، بنغلاديش