لماذا اعتذرت أنقرة من موسكو؟
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان رجل حادة الطباعة، كبرياؤه لاتسمح له أن يتنحى أمام أحد، ولايعتذر لأحد بسهولة، حتى وإن كان على خطأ.
ولكنه رغم ذلك كله اعتذر أخيرا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قضية اسقاط مقاتلتها على الحدود السورية، حيث أرسل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان رسالة اعتذار إلى نظيره الروسي، ففي بداية الأمر كان يقول: إنه لا يمكن أن يعتذر عن حماية حدوده الوطنية، وكان حجته أن الطائرة الحربية الروسية خرقت المجال الجوي التركي. وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قال: إنه شعر بالحزن عندما اسقطت القوات التركية الطائرة المقاتلة الروسية. ولكنه أصر في كلمة ألقاها أمام مؤيديه في العاصمة أنقره على صحة التصرف التركي وانتقد السياسات التي تبعها روسيا في سوريا قبل أن يعبر عن أسفه، وقال إنه ينبغي على الطرفين التركي والروسي التعامل مع القضية بطريقة اكثر إيجابية، ولكن الرسالة التي أرسلتها إلى روسيا تعتبر دليلا واضحا على تحول في حسابات أردوغان.موسكو الآن لا تجيب على خطة أنقرة، بل لاتزال ساكتة، ولكن هذا الاعتذار –وإن لم يكن من شيمه- سيعود عليه بمكاسب داخلية وخارجية كبيرة تزن أكثر بكثير من الاحتفال المتوقع للكرملين بنصر جديد. فإن وضع اردغان ليس سهلا في بلاده رغم الفوز الانتخابي المريح الذي حققه؛ بل تواجه اتهامات الاستبداد والتسلط الى ازدياد. الحرب السورية مدت مخالبها الى أراضيه.الهزات الأمنية تفتك بمدنه من شرقها إلى غربها. السياحة التي تشكل عصب الاقتصاد التركي في حال مزرية.
أما علاقاته مع الدول القريبة والبعيدة فليست أفضل. وأضيف اليها أخيراً التوتر مع أوروبا على خلفية اتفاق اللاجئين، والتشنج مع أميركا بسبب الحرب في سوريا والتباينات في مسألة الأكراد. من هذا المنطلق، يضطر اردوغان إلى أن يهتمبالمصالحة بين البلدين أكثر من جميع الأمور،فهذه المصالحة مجرد محاولة لاعادة ترتيب علاقاتها الخارجية سعياً الى تحويلها رصيداً سياسياً داخلياً. فإنه يعرف تحديداً أن سلطته ستواجه عاجلاً أم آجلاً تهديداً كبيراً ما لم يسارع الى احتواء المعارضة الداخلية المتنامية وتحسين اقتصاد بلاده المتداعي وتقليص لائحة أعدائه الكثر.