11 عوامل أدت إلى فشل الانقلاب في تركيا

لقد شهدت تركيا انقلابا عسكريا مكتمل الأركان من قبل نخبة من الجيش التركي بدعم دولي وإقليمي، وكاد الانقلاب أن ينجح ويطيح بالحكم الديمقراطي لولا مبادرة أردوغان ونزول الشعب التركي إلى الشوارع بطلب من الرئيس التركي أردوغان. ليس هذا الانقلاب هو الأول من نوعه بل قد شهدت تركيا أربع انقلابات بعد الإطاحة بالحكم الملكي المتمثل بالدولة العثمانية.

كانت كل هذه الانقلابات ناجحة ومدروسة ومدعومة من القوى العالمية، ولكل انقلاب دوافعه وميزاته إلا أن الانقلاب الأخير باء بالفشل، وأصيب في مقتله في ساعات معدودة رغم شراسته وقوته العسكرية وامتلاكه عناصر النجاح. وقد ساعد على إفشال الانقلاب الأخير عوامل عديدة، من أهمها:

1ـ قوة الزعامة التركية:

حيث رغم سيطرة العسكر على القنوات المهمة وعلى بعض المواقع الاستراتيجية، ورغم أن الرئيس كان مهددا ومحاطا من كل جانب إلا أنه لم يستكن ولم يستسلم ولم يبال بقوة العسكر بل لجأ إلى الإعلام الجديد ودعا الشعب إلى النزول في الشوارع، وبذا طمئن الناس على صحته وعلى فشل الانقلاب. كان خطاب أردوغان الوجيز يكفي ليشعل عواطف ملايين البشر ويخرجهم إلى الشوارع وأمام الدبابات والعسكر المجهز.

2ـ نضج الشعب الفكري:

ما إن عرف الشعب أن هناك محاولة للانقلاب العسكري حتى هبوا إلى الشوارع زرافات ووحدانا دون تمييز بين لون وآخر، وحزب دون آخر حيث رأينا الأحزاب التركية المخالفة تدعو بكل صراحة وبلا تردد إلى النزول في الشوارع وترفض الانقلاب.

3ـ الوعي الديني في الشعب التركي:

خرج الناس إلى الشوارع مهللين ومكبرين، وارتفعت أصوات التكبير والأذان في مساجد تركيا، وبدأ الناس بالتلاوة والذكر والدعاء بصورة مدهشة ومنقطعة النظير.

4ـ قوة الإعلام الجديد:

فبعد أن سيطر الانقلابيون على التلفزيون الرسمي وأدلوا ببيانهم، فما كان لأردوغان إلا أن يلجأ إلى الإعلام الجديد مستخدما برنامج فيس تايم عبر جهاز آي فون ليطمئن الشعب بصحته ويخبرهم بالانقلاب، ويحرّضهم على النزول في الشوارع.

5ـ ضعف تخطيط الانقلابيين و اعتمادهم تماما على القوى الخارجية:

حيث اتكلوا على القوى الخارجية وأهملوا القوى الداخلية المتمثلة في الشعب، وقد بدا الضعف في التكتيك العسكري التقليدي الذي لجأ إليه الانقلابيون متجاهلين التقدم والتطور الجذري في تركيا.

6ـ تردي الأوضاع الداخلية للدول التي جرّبت الانقلاب العسكري:

حيث أدرك الشعب أن الانقلاب يعني إرجاع تركيا إلى الوراء كما حدث في تركيا مرات وكما حدث حاليا في مصر، لذلك تضامن المخالفون مع الموافقين لأنهم أدركوا فداحة الأمر وأن لا مكان لهم في ظل العسكر.

7ـ فضيحة مخططات الانقلابيين ومسارعتهم قبل الموعد المقرر:

حيث افتضحت مخططاتهم الرامية في الساعة الثالثة صباحا بفضل الاستخبارات التركية، فبادروا بالعمل الانقلابي في التاسعة ليلا، وهناك وقعوا في الحيرة وأصبحت أعمالهم ومخططاتهم فوضى، وأمكن لمناهضي الانقلاب أن يخططوا لاحتواءه في ساعات معدودة.

8ـ ارتفاع مستوى الناس المعيشي والرفاهي:

إن من أهم أسباب إفشال الانقلاب هم الشعب حيث وقفوا وقفة رجل واحد أمام دبابات العسكر، ولا شك أنهم جربوا حكومة الانقلابيين الديكتاتورية والدموية فرأوا منها الخراب والفساد والقتل وجربوا الحكومة الديمقراطية المتمثلة في الحزب الحاكم فرأوا فيها الاقتصاد والأمن والرفاهية ومظاهر العز والمدنية والديانة، وقد بلغ حجم الإنجازات والمكاسب أعلى مستوياته في العهد الديمقراطي. فلم يكن لهم إلا أن يختاروا ما يتم في صالحهم.

9ـ الكيان الموازي داخل الجيش التركي وإن كان يتمتع بدعم خارجي وله أفراده ورجاله في الجيش والقضاء إلا أنه لم تكن له نفوذ في الدوائر الأخرى، وعامة الشعب.

10- عدم قدرة الانقلابيين على الوصول إلى الرئيس التركي، حيث وجوده وبكل قوة كان كافيا ليتحرك الشعب ويقاوموا الانقلاب.

11ـ الذين قادوا الانقلاب هم قادة من الدرجة الثانية في صفوف القوات الجوية والبرية، في حين الذين واجهوا الانقلاب كانوا بالدرجة الاولى من القوات التابعة لرئاسة الأركان وقوات الأمن الداخلي والشرطة.

إن قيام الشعب قد لعب دورا كبيرا في إفشال الانقلاب، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشعب التركي شعب ناضج الفكرة، وأن النظام الحاكم نظام يسوده العدل والمساواة والصدقية، فبينما ترفع الشعوب شرقا وغربا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" يأتي الشعب التركي ليرفع شعار "الشعب يريد النظام".

إن أهمية الانقلاب الفاشل في تركيا تظهر بالمقارنة بين الانقلاب المصري الدموي وبين الانقلاب التركي الفاشل ليظهر الأخير قوةالشعب وعدم استكانته أمام العسكر المجهز.

تأتي تركيا لتظهر قوة الشعب وصموده وشجاعته وتغلبه على الدبابات والمدرعات العسكرية، ولتظهر قوة الإيمان الذي يتمتع به الشعب التركي.


 

والانقلاب يعطينا دروسا كثيرة من أهمها:

  1. أن الانقلابات العسكرية قد انتهى دورها في تركيا، وأن تركيا مع شعبها وحكومتها لن تخضع للانقلابات العسكرية بعد.
  2. أن الإعلام الجديد أكثر قوة من الإعلام التقليدي القديم، حيث رأينا انهيار قوة الإعلام التقليدي الذي سيطر عليه الانقلابيون لساعات معدودة أمام الإعلام الجديد.
  3. أن الشعوب الإسلامية تستطيع الآن الحسم وأنها في طور النضج.
  4. الانقلاب كشف ضلوع الأمريكيين والأوربيين وكثير من الدول الإسلامية المرتزقة بالمحاولة الانقلابية الفاشلة.
  5. الانقلاب فضح الديمقراطية المزعومة التي يدعو إليها الغرب والدول الأوربية.
  6. الانقلاب وطّد أركان الدولة وسنح للحكومة لتغيير البنية العسكرية وفق أهدافها وطموحاتها.
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024