كراتشي تحترق...ولماذا؟
ومذ ذاك الوقت كراتشي تتعرض لإضطرابات وإشتباكات تعسفية قبلية وأحيانا مذهبية
كراتشي قلب باكستان الإقتصادي والسياسي كانت هي عاصمة البلاد منذ إستقلال الدولة عن الإنتداب البريطاني، سنة 1947م إلى حين إتخاذ إسلام آباد (عاصمة في عهد الجنرال محمد أيوب خان المغفورله سنة 1961م).
ومذ ذاك الوقت كراتشي تتعرض لإضطرابات وإشتباكات تعسفية قبلية وأحيانا مذهبية أيضاً.
نعم باكستان دولة جمهورية إسلامية ولقد أتى تأسيسها على أساس الإسلام وأنها دائماًترفع شعارات وتهتف هتافات للإسلام والمسلمين ونعرات لتطبيق الشريعة الإسلامية على سطح العالم الإسلامي.
وللأسف الشديد أنها بعيدة جداً عن الإسلام وتطبيقه بل ويباهي وزراؤها ورؤساؤها على ثقافة الغرب،
والإنكليزالذين حينما كانوا يتحكمون على القارة الهندية يقولون: (نريد تعمير شخصيات هندية الأصل إنكليزية الفكر)، فحقاً إنهم فازوا في مهمتهم هذه على تماماً، وإننا نحن كإسلاميين إذا نرى إلى أولي أمرنا نتذكر بهذه المقولة الإنكليزية المشهورة السالفة الذكر.
وبناءً على التمهيد الأسبق إذا نتفكر في أوضاع باكستان فنجدها ضئيلة الحكم وضعيفة السيطرة على شعبها ولمَ هذا ؟
لأن شعبها يريد شيئاً وحكامها يعطونهم شيئاً آخر، شعب مسلم ويريد الإسلام نافذاً ومطبَّقاً على بلاده كدستور أساسي للبلاد،واللغة العربية يريدونها كمادة إجبارية في الإدارات التعليمية، وحكامها عملاء الغرب يسيطرون على السلطة بمؤامرات الغرب والولايات المتحدة وهذه نتيجة منطقية لوقوع باكستان في أزمات ومشاكل داخلية وخارجية، إقتصادية وسياسية.
فليست باكستان مع الغرب تماماً، لأن الغرب يحسبها دولة إسلامية الأساس فعلاقتهم بها فقط علاقة المنتفع والمستفيد لا المفيد والنافع ،أما العالم الإسلامي فيرجو منها القيادة والدلالة والزعامة لنفسه ويراها حصناً للإسلام والمسلمين، ولكن حينما يرون خضوعها إلى الغرب والتعبد للولايات المتحدة الأمريكية فيحس باليأس والقنوط منها، فصارت هي من المذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
وشعبها تضيّق من سياستها الإسلامية إسماً وقولاً واللاإسلامية عملاً وتطبيقاً.
فقام مواطنوها في خيبربختونخوا بمنطقة مالاكند سوات والمناطق القبلية يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية في محاكم باكستان، وتقدموا إلى حكومة الإقليم بإقتراحات ومطالبات، ولكن حينما وجدوا البرودة الإرادية والقصدية من الحكومة في تطبيق الشريعة والإكتفاء بالوعود فقط، فقاموا لتطبيقها إجباراً وإكراهاً على الحكومة وإثر هذا إشتبك الفريقان: الموالون للشريعة، والشرطة وكذلك الجيش في ما بينهما، فأدت هذه الحرب إلى إسقاط عديد من القتلى والجرحي ،والأوضاع لاتزال في عنف وشدة وتزيد يوماً فيوماً، وإن خمدت نارها في هذه الآونة إنتظاراً بأن الحكومة هل تُلبس وعودها لباس العمل أم لا ؟
وهكذا بدأت حركات الإنفصال تخيم على كراتشي وهذا لأن المهاجرين وآباءهم وأجدادهم قد ضحّوا في سبيل إستقلال باكستان وتحريرها وتأسيسها ولكنهم حينما هاجروا من الهند واستوطنوا باكستان كوطن جديد لهم ثم مارأوا آمالهم المنشودة منفَّدة فيها، ولكن ما قنطوا وما أيسوا إلى وقت مديد، وعلّقوا آمالهم بحكامها، ولكن هذا يكون إلى متى ؟ فبدؤا بالتفكير مرة أخرى وقلبوا الأيام والصفحات التي كانت فيها ذكر ياتهم، فوصلوا إلى هذه النتيجة: بأننا كلما قمنا لإستقلال باكستان أنها تكون دولة إسلامية يسود عليها الأمن والسلام والحرية والمواخات بين أبنائها فصار كله هباءً منثوراً ،هكذا تفكروا وتفكروا وتفكروا، فما وجدوا الدولة الإسلامية المأمولة المرجوة التي تكون محترمة عندهم وعند الكل، وإن وجدوا دولة حرة من الإنتداب البريطاني ومستقلة وعلى حدة عن الهنود، وهذا واضح جداً على كل أحد أنهم ماجاهدوا وما هاجروا أوطانهم لأجل دولة ذات أغلبية مسلمة حكامها مسلمون نسلاً ودماً، وأوربيون فكراً وعقيدةً.
وحينما فقدت باكستان حرمتها لعدم إسلاميتها،فقاموا مرة أخرى للإستقلال والتحرير من دولة إسلامية القول والإسم وغربية العمل وأوربية الصورة والنظام، ففي مالاكند قاموا بإسم تطبيق الشريعة الإسلامية وفي كراتشي والسند بإسم حقوق المهاجرين.
ويا للأسف الشديد لو كان الإسلام سائداً وحاكماً على باكستان ماترى من أبنائها الخروج عليها، وياليتها كانت مسلمة من حيث القول والعمل والفكر والعقيدة، وما أحسن ماقيل:
تخريب المحبة سهل وتعميرها مشكل* تعلمت إضرام النار وهل تدري إطفاءها ؟
هذا كانت حقائق وكشوف عن الأزمات الداخلية في باكستان، والله على ما نقول وكيل، وهويهدي السبيل.
وصلى الله على نبيه وسلم.