عبيدالله المظفر، كانت وردة فى الجامعة.. فقدناها
كأنني نفضت الآن يديّ من تراب قبرك يا حبيبي، والدموع تذرف من عينيّ وتختلط بالتراب، وما زالت دموعي تسيل حتى كدت ألاحقك، لأنني لا أستطيع أن أتركك وحيداً في ظلام الليل والقبر، ولا أدري أحوالك بعد، أرجو الفلاح والفوز من الله تعالى.
أخي العزيز كيف أنساك، لقد كنت لي أخاً وتلميذاً رفيقاً وصديقاً وكنت لجراحة قلبي دواء،وكيف أمحو ذكرياتك عن قلبي، لقد كنت لهمومي شفاء، كأنك غزارة مطر تُنبت الورود فى الصحراء القاحلة، كنت ذاخلق كريم، تضرب بك الأمثال عند الناس، لم أكن أتوقع بأن الظالمين يختطفون من باقة قلبي الزهرة التي بقطفها يسخط الربيع عليّ، ويتركني جريح القلب هكذا، ولم أكن أظن بأنك تذهب وحيداً ، وتتركني أتذكر حركاتك وسكناتك كل حين ولحظة وتتخلص بنفسك من مكائد هذه الدنيا القاسية في عنفوان شبابك ولم تذق منه شيئاً.
وما هو إلايوماً كنت فيه جثة باردة بين يديّ بلاحراك واضطراب، وكان الابتسام زيناً لشفتيك كأنك بلغت مرامك وكأنك ترحل إلي ما تحب، وكأن أمنياتك أثمرت، ومازلت تتبسم رغم دمائك الجارية السائلة من بدنك إلى الآن.
دفنتك ياحبيبي تحت الثرى، وشننت التراب على لحدك،غبت عن عينيّ أو غربت عنا كالشمس.. دموعي تلمع في عينيّ لا أستطيع إرسالها ولا إمساكها ولا تصعيدها، وفؤادي يتفجع بفراقك ويؤلمني ويؤذيني وجسدك المترب أقدم يديّ لأصافحك ولكن بلاحراك....أنت لا تتحرك... لماذا تظلمني يا حبيبي ؟ لقد كنت تبذل مودّتك لي... آه...حين فارقتني كأن فرحتي فارقتني، وفي بحرالكآبة أغرقتني أعلى الله درجتك فى الآخرة كما أعلاها فى الدنيا فجعلك حافظا لكتابه تحمل قرآنه معك وتضمه إلى صدرك، صوتك العذب حين تقرأ القرآن كأنه يتردّد على مسمعي....
خرجت الرصاصات من أو كار الإرهابيين تثقب صدرك و تتفجر دماؤك الذكية المسكية التي تختلط بالتراب...اللهم أهلك الكفرة الجبرة الذين اختطفوا من حجر أم وهي الجامعة الفاروقية ولدا صالحا ودمر بنيان الذين أخذوا من إخوانه المحبين له أخا حبيبا (آمين ثم آمين).
"لا تحزن حبيبي" . فجأةً سمعت صوتا يناديني ،لي به النعم كلها صوت حبيبي....لماذا تحزن ؟ ألا تسمع قول الله الكريم وتردّد على مسمعي صوته الناعم وهو يقرأ القرآن:[وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)] إطمأن قلبي رغم دموعي التي تذرف من عينيّ ولا تنقطع وقمت أودّعه إلى النعيم ، ونهضت أفارقه بوعد اللقاء في جنة الرب الكريم.
والسلام أيتها الوردة التي ذبلت قبل التبسم!
الوداع يا شقيقي العزيز....الوداع!
لكل ما عـدمتُه عـوضٌ ** وما لفقدالشقيق من عوض
ورحمك الله تعالى يا حبيبي، وأدخلك الجنة الفردوس.