الاشتغال بوسائل التواصل الاجتماعي تدمير للوقت الثمين
إن التواصل الاجتماعي والخدمات على الشبكة العالمية جعل الشعب كله عبيدا له، حيث إنه لا يقوى على الصبر دونه، وإن صبر على لحظات دون اشتغاله فيه، فكأنه ضيع لحظات ثمينة، وهذا شعوره. فإذا بلغ ارتباط الشعب بالتواصل الاجتماعي وبالشبكة العالمية ارتباطا قويا فاعلم أن مستقبلهم يكون في دمار شامل قريبا، وذلك لأن هذه الأشياء تجذب الإنسان إليها دون شعور بسيط، وتجعل الإنسان منشغلا في قضاء ما هو أثمن في حياته فيما لا يفيده، لا في دنياه وفي آخرته.
ثم شبابنا لا يصبرون على قضاء الأوقات دون التواصل الاجتماعي والشبكة العالمية بعد ما يتعودون عليها، والأضر من ذلك هو أن هذه الأشياء تبعده عما يفيده، وتجعله يغفل عن واجباته. فإن كان ذلك الشعب في صورة الأستاذ فإنه ينسى ما يجب عليه تجاه طلابه في الصف، وذلك لأنه يكون مشغولا في التواصل الاجتماعي على الشبكة العالمية، فيقضي أوقاته فيه إلى نهاية الدوام. وإن كان ذلك الشعب في صورة الأجير، فإنه لا يخلص في عمله، مع أنه يأخذ أجرة كاملة على عمله، وإن كان ذلك الشعب في صورة الطبيب فإنه لا يبالي بمرضى في المستشفى، ولا يعلم مدى ألمهم، ولا يهتم بمعالجتهم كما ينبغي. وإن كان ذلك الشعب في صورة السائق، فإنه يخاطر حياة آلاف ركاب مع حياته في صورة الاصطدام، وذلك لأن فكرته تكون في مكان آخر بسبب استخدام جواله للمكالمة وللتواصل الاجتماعي.
وليس هذا فحسب، بل زيادة على ذلك لو كان ذلك الشعب في صورة طالب علم، والذي هو أثاث بلده، ومستقبله، فإنه يبتعد بسبب استخدام التواصل الاجتماعي والشبكة العالمية من مطالعة الكتب، ويذهب تركيزه بعيدا عن الدراسة، ثم يقضي أوقات فراغه فيه بدل قضاءه في مطالعة الكتب، حتى تزداد معلوماته.
وأكبر مشكلة فيه هو أن المستخدم إذا تعود على استخدامه فلا يبالي مكانا، ولازمانا ومجلسا، ويتصرف بتصرفات عجيبة أمام الجالسين، فلا أقول: إنه يفعل قصدا، بل يفعل دون أن يشعر، وذلك لأنه أصبح متعودا على استخدامه، فالعادة لا تنفك من الإنسان بسهولة، ودائما ترافقه حتى تجعله خجلا أمام الآخرين، فقبل أن يحين ذلك الوقت نحاول إبعاد أنفسنا من تلك العادة، فإن أصبحان متعودين فنقلل من استخدامه شيئا فشيئا، ونعزم على تركه نهائيا، فسوف يأتي يوم قد أنهينا تلك العادة.