هل هي قارورة ماء زمزم، أم أنها قارورة ماء الشرب العادي؟
إني كنت في صبيحة اليوم جالسا في الغرفة، ومتفكرا في موضوع للكتابة، وإذ بقارورة الماء لمحتها على طاولة موضوعة أمامي، فتكفرت بأنها لا أدري منذ متى، وهي في الغرفة، إلا أنها لم تأخذ مكانا مستقلا في الغرفة، وذلك لأنني لمحتها عدة مرات وفي عدة أماكن الغرفة، فهل هي قارورة ماء زمزم، أم أنها قارورة ماء الشرب العادي!؟
وما زاد استغرابي أن الماء الموجود هو لا يزال شفافا، ولم يكدر مع طول مكثه في داخل القارورة، بغض النظر أن ذلك الماء هل هو صالح للشرب في هذا الحال، أم لا؟ لأن ظني يقول: إن الماء الموجود في القارورة طال مكثه في القارورة زمنا، لا يصلح للشرب، إن لم يكن ماء زمزم، فإذا كان ماء زمزم فإنه يصلح للشرب وإن مضى عليه زمان، بشرط أن يكون ظرفه نظيفا.
أي ماء فيها!؟ هذه قضية مستقلة تحتاج إلى تحقيق كامل، لكني لست في صدد هذا، وإنما أنا في صدد أن هذه القارورة لمن! ومن جاء بها إلى الغرفة؟ ولما ذا جاء بها إلى الغرفة! إن هذه الأسئلة بدأت تتولد في دماغي والذي هو أصغر حجما، وأوسع فكرة، فلا بد لي من البحث عن إجابات تلك الأسئلة.
أنا آخذ كل سؤال لأجد إجابته بسهولة، فأول سؤال هو أن هذه القارورة لمن!؟ فإنني أظن أن هذه القارورة لم تكن للذي يفد إلى هذه الغرفة كل يوم أكثر من مرات، وذلك لأننا لو نفرض إنها له، ولما ترك هاهنا دون أي سبب، فإن قلنا: إنه نسيها، فإنه لا يصدق، لأن مجيئه مرارا وتكرارا إلى هذه الغرفة يكذب واقعه، وذلك لأنه إن نسي أول مرة، فيتذكرها مرة ثانية، فإن نسي مرة ثانية فيتذكرها مرة ثالثة، وهلم جرا.
تيقنت أن هذه القارورة لم تكن للذي يزور الغرفة أكثر من خمسين مرة في اليوم، بل هي للذي زار هذه الغرفة مرة أم مرتين. أما السؤال الثاني فهو "من جاء بها إلى الغرفة؟ فحسب خبرتي ذلك الذي جاء بها إلى الغرفة لم يكن من هذه الجامعة، بل جاء هو من خارجها، ولو يكون من زملائنا، لكنه لم يكن في هذه الجامعة حاليا، ومجتمعنا هو شهيد على ذلك، لأن معظم الناس يحملون في أيديهم قوارير الماء أثناء أسفارهم وذهابهم إلى الأماكن المختلفة، حتى يتمكنوا من إطفاء ظمأ شديد عند الحاجة بشرب الماء.
ولما ذا جاء بها إلى الغرفة؟ فإن إجابته على حد علمي موجودة في العبارة التي سبقتها في الفقرة السالفة، ومع ذلك أقول: اليوم الذي جاء إلى هذه الغرفة يكون شديد الحرارة، فإنه كان يحتاج دائما إلى شرب الماء، وبما أنه جاء لزيارة أحد من الإخوة، والذي جاء به إلي هذه الغرفة، فوضع ذلك الأخ النزيل قارورة الماء في الغرفة، واشتغل بالحديث معه، ولما أنهى حديثه خرج من الغرفة تاركا وراءه هذه القارورة، التي لا تزال موجودة أمامي، ولا تزال تدور وتتخذ أماكن مختلفة في مختلف الأوقات من ذلك اليوم.
كل هذه الأسئلة كانت من افتراضاتي، والحقيقة بأنني لا أعلم إن هذه القارورة لمن؟ لكن الشيء الأخير ـ وهو أهم من جميع افتراضاتي ـ هو أنني ما ذا أفعل بهذه القارورة؟! هل أرميها في برميل أم أنني أسأل جميع زملائي عنها؟ فرميها لا يمكن، وذلك لأنني لست متأكدا بأن الماء فيها هو ماء عادي أم ماء زمزم. فبقي لي أمر واحد، وهو أنني أتجول خلف إخوتي لأستفسرهم عن هذه القارورة، وهذا أيضا يطلب مني وقتا، وحاليا أنا مشغول جدا، فلذا أجلت قضية القارورة إلى حين آخر.