حول أحاديث غزوة الهند

هناك -خاصة فى بلادنا بنغلاديش- كثير من الشباب يتحدثون فى مواقع التواصل الاجتماعي عن غزوة الهند وقرب وقوعها، وبعضهم طلب مني أن أخصص مقالة في هذا الموضوع، فهذه المقالة هي ذكر لما ورد في كتب الحديث الشريف حول غزوة الهند بتعليقات مني توضِّح حقيقتها.

هناك -خاصة فى بلادنا بنغلاديش- كثير من الشباب يتحدثون فى مواقع التواصل الاجتماعي عن غزوة الهند وقرب وقوعها، وبعضهم طلب مني أن أخصص مقالة في هذا الموضوع، فهذه المقالة هي ذكر لما ورد في كتب الحديث الشريف حول غزوة الهند بتعليقات مني توضِّح حقيقتها.

 

 الأحاديث الواردة فى باب غزوة الهند

* عَنْ ثَوْبَانَ ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللهُ مِنَ النَّارِ : عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ» أخرجه أحمد (5/278 ، رقم 22449) ، والنسائى (6/42 ، رقم 3175) ، والبيهقى فى الكبرى (9/176 ، رقم 18381) ، والبخارى فى التاريخ الكبير (6/72) ، والديلمى (3/48 ، رقم 4124) .

* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضِيَ الله عنْهُ ، قَالَ : "وَعَدَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الْهِنْدِ فَإِنْ أَدْرَكْتُهَا أُنْفِقْ فِيهَا نَفْسِى وَمَالِى وَإِنْ قُتِلْتُ كُنْتُ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ رَجَعْتُ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرَّرُ". أخرجه أحمد (2/228 ، رقم 7128) ، والنَّسائي (2/46 ، رقم 3173).

* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضِيَ الله عنْهُ ، قَالَ حَدَّثَنِى خَلِيلِى الصَّادِقُ رَسُولُ اللهِ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يكُونُ فِى هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْثٌ إِلَى السِّنْدِ وَالْهِنْدِ». "فَإِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُ فَاسْتَشْهَدْتُ فَذَلِكَ وَإِنْ أَنَا - فَذَكَرَ كَلِمَةً - رَجَعْتُ وَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرَّرُ قَدْ أَعْتَقَنِى مِنَ النَّارِ". أخرجه أحمد (رقم 22449).

تعليق: هذه الأحاديث الثلاثة المذكورة أعلاه لا ذكر فيها بأن غزوة الهند تقع أيام خروج الإمام المهدي ونزول النبي عيسى عليه الصلاة والسلام. وقد قال الإمام ابن كثير في كتابه "النهاية فى الفتن والملاحم" -باب إشارة نبوية إلى أن الجيش المسلم سيصل إلى الهند والسند- بعد ما ذكر هذه الأحاديث: "وقد غزا المسلمون الهند في سنة أربع وأربعين في إمارة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فجرت هناك أمور فذكرناها مبسوطة، وقد غزاها الملك الكبير السعيد محمود بن سبكتكين صاحب بلاد غزنة وما والاها في حدود أربعمائة، ففعل هنالك أفعالاً مشهورة وأموراً مشكورة وكسر الصنم الأعظم المسمى بسومنات وأخذ قلائده وسيوفه ورجع إلى بلاده سالماً غانماً، وقد كان نواب بني أمية يقاتلون الأتراك في أقصى بلاد السند والصين."

 

أحاديث وآثار أخرى حول غزوة الهند

عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : «يَغْزُو قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي الْهِنْدَ ، فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُلْقُوا بِمُلُوكِ الْهِنْدِ مَغْلُولِينَ فِي السَّلاسِلِ ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ ، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَى الشَّامِ فَيَجِدُونَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ بِالشَّامِ». أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (رقم الحديث: 1182 حسب مكتبة الشبكة الإسلامية الإلكترونية -إسلام ويب-).

 تعليق: هذا الحديث سنده ضعيف، وله ثلاثة طرق حسب تصريح بعض الفضلاء، طريق الوليد عن صفوان عمن حدثه عن النبي عليه الصلاة والسلام، وطريق ارطأه مرسلا، وطريق بقية بن الوليد معنعنا عن صفوان عن بعض المشيخه عن ابي هريره عن النبي عليه الصلاة والسلام. فالطريق الاول فيه الوليد مدلس وقد عنعن وفيه المجاهيل، والطريق الثاني مرسل، والطريق الثالث فيه تدليس بقيه وجهالة مشايخ صفوان. فلا يصح سندا إلا خبر أبو هريرة وليس فيه ملاحم آخر الزمان ولا ملاقاة عيسى عليه السلام ولا أسر ملوك الهند.

* عَنْ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ كَعْبٍ -يعني كعب الأحبار-، قَالَ : "يَبْعَثُ مَلِكٌ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَيْشًا إِلَى الْهِنْدِ فَيَفْتَحُهَا ، فَيَطَئُوا أَرْضَ الْهِنْدِ ، وَيَأْخُذُوا كُنُوزَهَا ، فَيُصَيِّرُهُ ذَلِكَ الْمَلِكُ حِلْيَةً لَبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَيُقْدِمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْجَيْشُ بِمُلُوكِ الْهِنْدِ مُغَلَّلِينَ ، وَيُفْتَحُ لَهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَيَكُونُ مَقَامُهُمْ فِي الْهِنْدِ إِلَى خُرُوجِ الدَّجَّالِ". أخرجه نعيم بن حماد فى الفتن (رقم الحديث: 1214 حسب مكتبة الشبكة الإسلامية الإلكترونية -إسلام ويب-).

 

تعليق: كعب الأحبار هو كعب بن ماتع الحِميّري ويكنى بأبي إسحق كان عالماً بالإسرائيليات وتفسير آيات القرآن، وكان كاتباً ويسمى بالـ"حبر" وهو أشهر علماء المسلمين من أصول يهودية ورواياته وتفسيراته لبعض الآيات وقصص الأنبياء والأقدمين هي مصدر روايات كثيرة للصحابة والتابعين. وكان مقربا وجليساً لعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان. سكن بالشام ، وكان يغزو مع الصحابة. وقع له رواية في سنن أبي داود ، والترمذي ، والنسائي . حدَّث عن : عمر ، وصهيب ، وغير واحد . وحدَّث عنه : أبو هريرة ، ومعاوية ، وابن عباس ، وذلك من قبيل رواية الصحابي عن التابعي ، وهو نادر عزيز . وحدث عنه أيضا : أسلم مولى عمر ، وتبيع الحميري ابن امرأة كعب ، وأبو سلام الأسود ، وروى عنه عدة من التابعين ؛ كعطاء بن يسار ، وغيره مرسلا . توفي كعب قبل مقتل عثمان بن عفان بسنة ودفن في حمص وقيل في دمشق ورأي ثالث في الجيزة.

 

رأيى الشخصي حول غزوة الهند: 

غزوة الهند التي بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحققت بفتح المسلمين الهند وإقامة الحكم الإسلامي فيها منذ بداية القرن الحادي عشر الميلادي واستمراره إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، حتى سقط على يد الإنجليز.

وأما غزوة الهند التى نجد الإشارة إليها في حديث صفوان وأثر كعب الأحبار فهي مشكوكة فيها وليس لنا أن نتأكد من وقوعها، لأن سند الحديث والأثر ضعيف. وعلى كل حال من صحة وقوع هذه الغزوة وعدمها فعلى الشباب المتحمسين اجتناب كثرة التحدث والتفكر فى هذه الغزوة المستقبلية التي لا تقع إلا بعد خروج الإمام المهدي المنتظر. وعليهم أن يعلموا أن العدو الأكبر للمسلمين هم اليهود، ثم النصارى، وأما الهندوس والبوذ وغيرهم فهم تابعون للعدو اليهودي والنصراني، واليهود والنصارى يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبنائهم ، ثم لا يؤمنون به. وللأسف أن شباب اليوم لا يهتمون بآيات وأحاديث الزهد والأخلاق وتزكية النفوس كما يهتمون بآيات وأحاديث القتال والجهاد، مع أن الزهد والأخلاق وتزكية النفوس من حب المال والشرف والسلطة مقدمة على الجهاد والقتال، وليعلم شباب المسلمين أن الإسلام ليس دينا طائفيا أو عصبيا، وإنما هو دعوة وطريق لإنقاذ الناس من عبودية الشهوة واتباع الهوى وجرهم إلى الأخلاق الحميدة والصبر على مصائب الدنيا والتضحية فى سبيل فى نفع الآخرين. ألم تر كيف يبين لنا الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه العزيز قائلا: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.

نسأل الله أن يُلهمنا رشدنا ويُعيذنا من شر نفوسنا.

وصلى الله تعالى على خير خلقه نبينا وسيدنا وشفيعنا ومولانا محمد وآله وصحبه أجمعين.

٧ ذو الحجة ١٤٣٧ الهجري

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025