رجال الأدب العربي في الهند
إن من سعادة الإنسانية وكرامة الأمة المرحومة أن نظامها وكيانها، وحيويّتها وازدهارها مبني على أساس اللغة العربية، وهي اللغة الحية الراقية التي لا تعرف التأخّر عبر التاريخ في الأزمنة الماضية ولا تعرف أيضاً في المستقبل، والفضل في حيويّتها يرجع إلى أكبر كتاب وهو القرآن الكريم….
وقد أقر بذلك جرجي زيدان المحقق النصراني: جاءت الرسالة الإلهية والديانة السماوية بهذه اللغة الميمونة وأخذت مكانة رفيعة ومنزلة سامية بين اللغات الأخرى، فعكف المسلمون عليها وجعلوها نصب أعينهم والنشدة المقصودة أمامهم فتعمقوا فيها وأمعنوا أنظارهم إليها وكتبوا كتبهم ومؤلفاتهم على اختلاف ألسنتهم ولغاتهم بالعربية وبعثوها إلى شتى مجالاتها وأسّسوا القواعد النحوية والمباني الصرفية وأساسات لغوية وعروضية وأبحاث منطقية وتحقيقات فنية ودراسات أصولية واعتبارات علمية، فوجدوها كنزا متى تُستخرج دراريها ولئاليها يزداد درّاً ولؤلؤاً وتبقي هذه اللغة إلى مدى الزمان مع اتساع ذيلها وانطباقها بالعصور والأزمنة وملائمتها مع جميع المجتمعات فأدرك علماء الأعاجم هذه الحقائق والدقائق وشعروا بهذه اللطائف الطريفة وعكفوا وأكبوا عليها وجعلوها لغة رسمية للتصنيف والتأليف والبحث والدراسة والتدريس …
ثم لعلماء الهند من الأعاجم دور بارز مشرق في خدمة اللغة العربية والعناية بها ولم تكن أرض الهند نافرة عنهاولا جاهلة عن علومها وآدابها في القرون المتأخرة والأيام الحاضرة كما قال الإمام الندوي
"فإن صلة هذه القارة باللغة العربية وحركة التأليف والتدوين عميقة وقديمة، وقد قدر الله أن تظل هذه البلاد متمسكة - عبر القرون والأجيال - بعلوم الكتاب والسنة مسايرة لركب التأليف، والإنتاج العلمي السيّار …
ولم تكن عناية هذه البلاد وأبنائها مقتصرة على علوم الكتاب والسنة التي توافرت لها الدواعي القوية، من إيمان وعقيدة، وحب، وعاطفة، وحاجة وضرورة، بل تحطَّت ذلك إلى اللغة العربية وآدابها، وتاريخ هذه البلاد في خدمة اللغة العربية والعناية بها، والاتصال بأئمة اللغة وأقطابها، واحتضانهم وإيوائهم قديم…
ونذكر ههنا بصدد ذكر جهود علماء دارالعلوم ديوبند وفضلائها تجاه نشر اللغة العربية تدريسا وتأليفا، ودراسة – خدمات أولئك الرجال الألمعيين والكُتّاب اللوذعيين والشعراء المبرزين في قرض الشعر العربي بالذين قد تخرّجوا في دارالعلوم ديوبند وسكنوا في أرض الهند الفيحاء فيما بعدُ، ولم يهاجروا إلى باكستان لدى استقلالها فقط، إعراضاً عن تذكرة أولئك المتخرجين في تلك الجامعة وفضلائها الذين قد هاجروا إلى باكستان عند استقلالها.
هذا، وقد كان الشيخ ذو الفقار علي المتوفى سنة 1322هـ.من مشيخة الجامعة وعلمائها من عباقرة الأدب وأفذاذه يستحق أن يعد في طليعة الشعراء المفلقين المجيدين وكتاب اللغة العربية القديرين، قلما أنجيت الهند مثله في سعة الإطلاع علي شعر العرب والأنساب والعروض وقواعد اللغة العربية، وله قصائد بديعة رنانة، ومؤلفات أديبة، من أهمها «تسهيل الدراسة في شرح ديوان الحماسة» وشرح وجيز علي «المعلقات السبع» و«عطر الوردة في شرح قصيدة كعب بن زهير» و «الهدية السنية» كما أن الشيخ فيض الحسن السهارنفوري المتوفي سنة 1340هـ كان من الشعراء البارعين، له مجموعة شعرية بالعربية، وشروح علي كل من «الحماسة» و«المعلقات السبع» وكتاب في أنساب العرب وشرح بديع لحديث أم زرع.
وأما إمام العصر الشيخ محمد أنور شاه الكشميري - المتوفى سنة 1353هـ صاحب تحقيقات نادرة ومؤلفات مبتكرة وقصائد طنانة مطربة كان- في زعم صاحب نفحة العنبر- برقا تألق في ساهرة الهند فأضاءت منه أقطارها. وانبعث شعائه إلي أكناف الدنيا، فاستنارت منه أنجادها وأغوارها، وصدق فيه ما خطب به الشيخ الإمام النووي الإمام تقي الدين ابن دقيق رحمها الله بقوله:
لكل زمان واحد يقتدى به وهذا زمان أنت لاشك واحده
الشيخ والشعر:
قال الشيخ البنوري – رحمه الله - في شعره: ترى فيه من بدائع أنواع العلوم عوارف جددا، ومن خصائص علماء العهد الغابر معارف جددا ما يختلب القلوب ويختلس العقول. للشيخ رحمه الله شعر غزير دائق، وإذا استشرف أحد إلي شعره لحسب أن الشيخ - قدس سره - لم يبرح عاكفا في سبك الشعر وصياغته، فإن قريضه ونشيده يبلغ إلي آلاف بيت، فله شعر في بعض ضوابط الفقه الحنفي علي نحو الأراجيز، وشعر في بعض معارف الحديث، وشعر في شتات مسائل العلوم، ورسالة منظومة في مسألة وجود صانع الحكيم وحدوث العالم من علم التوحيد والكلام، وشعر في مديحة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وشعر في الحكم والأمثال، وشعر في الحقائق، وشعر في رثاء بعض شيوخه، وشعر في الأسف علي العهد الغابر وعلمائه، وشعر في مديحة بعض أماثل معاصريه في ضمن بعض مكاتيبه إليه. ثم كل ذلك بكاء واستبكاء، وأدب وحكمة ومثال، ومن يريد الإطلاع علي بعض أشعاره الممتعة المبتكرة وقصائده العذبة، فليرجع إلى «نفحة العنبر» للشيخ البنوري فيجد ضالته هناك.
الشيخ وتعبيراته الأدبية في أبحاث فقهية وحديثية
ويقول البنوري:"وكان من ظرافة طبعيته ولطافة عقله أنه كان ربما يتلطف في غضون عباداته وشجون تعبيراته بجمل مستملحة وكلمات مستعذبة، تورية للمرام وتلميحا، واستظرافا للكلام وتمليحا وقد بلغني عن الثقات الأثبات أن الشيخ رحمه الله أنشأ مقامات علي نهج الحريري، منها منقوطة كلها، ومنها غير منقوطة كلها، ومنها كالمقامة المراغية الخيقاء ما يدل على تغلغل الشيخ رحمه الله في دقائق اللغة، وصنائع التحرير وبدائع الإنشاء، والأسف علي أني ما ظفرت بشيء منها.
يريد المرء أن يعطي مناه
ويأبى الله إلا ما يشاء
وفي الأخير أذكر ما قال الشيخ البنوري بصدد ذكر فصاحة الإمام الكشميري وبلاغته في الكلام حيث يقول: أحاول أن أهدي نماذج مستطرفة من عباراته المستظرفة، يهتز لمثلها الألباب طربا، ويقضي لذوي الأذواق:«إذا ذاقها من ذاقها يتمطق» وكيف؟ وأن أنظم أمثال هذه الدرر المنثورة في مؤلفاته، طال بنا الحطب وتجاوزنا القصد والله الموفق.
قال الشيخ - رحمه الله - في «نيل الفرقدين»: قلت: وهذا الذي أورده الحاكم معارضا لأثر عمر رضي الله عنه في تركه الرفع لا غيره، كما سيأتي استبعاداً منه أن يروي الرفع مر فوعا ثم لا يرفع هو، ولم يدر أن في الباب محل جر الجوار وتنازع الفعلين، فلعل «عمر» جاء فيه بالعدل وكان غير منصرف عن المعرفة بالسببين، وإن شئت الإخبار بالذي يدور معه الحق فعلاً وتركاً فهو هو.
إذا كـــان فــــــي أمرٍ وجوه عديدة
فخذ بالـــــذي ترضي وأخبر به كذا
دع اللحن في الإعراب ثم انح نحوهم
إلي كوفـــــة وبـصـــرة حيثما تري
تنازع الفعـــــــلان فان شئت اعملن
لأولٍ أو ثـــانٍ وذاك عـلي ســــواي
ولوأنما تسعــي لصوب مصــــوّب
كفاك ولم تطلب قليــــل من الرضي
ومن عامليـــــــن معنـــوي وغيره
يجوز لهم خفض ورفــــع كما أتـي
فان فانصــــب أيد يا لاستكانـــــة
وان جئت بالإسكان فالأصل في البني
وان دمت إظهاراً لحرفين فاعتمـــــد
وإن شئت إدغاما ففي الجنس يرتضي
وقال في «فصل الخطاب»
وهذا الذي ذكرته الآن آخر ما ينفصل البحث به عندي في حديث ابن اسحق عن مكحول عن ابن الربيع أبين من فلق الصبح، وأوضح من فرق الصديع، وإذا تجاوبت الشحارير علي الأيكة وحدثت وتابعها العنادل بموصول شجي، وبينت وصدقها القطار وعدلت فليس إلا الإسفار عن وجه المني، فليدفع عن تغليس من دلفة إلي مني، وليتمثل ما قال الشافعي:
يا راكباً قف بالحصب من مني
واهتف بقاطن خيفها والناهض
وقال: وإني لم أرد الرجم بالغيب، ولا الرمي في سواد الليل، فإنه لا تجزيء عند أصحابنا.
فلله در الشيخ البنوري حيث قال عنه:
فآثار علـــــــــــم أوماثر فضلهم
مـــــدي الدهر تبقي لا تزال كغـرة
وقد فاد قواعنا وأبقوا عيونهـــــــم
فهل من عطاش تشتهي نَقع غُلَّــــةٍ
أسائل دهـــــراً من شمائل فضلهم
فهـــــــل نظرة في الغابرين بعبـرة
فدع ذكر سلمي أو حديث سعادهـم
وهات حديث الراحلين ببرهــــــة
وذر حب ليل ثم سعدي وذكرهــــا
وهاك حديثاً من كتاب وسنـــــــة
وقد كانت للشيخ حبيب الرحمن العثماني - المتوفي سنة 1348هـ- مقدرة فائقة علي قرض الشعر، له قصيدة بديعة في نعت النبي - صلي الله عليه وسلم - تعرف بـ «لامية المعجزات».
وأما الشيخ إعزاز علي- المتوفي سنة 1374هـ- فكان يلقب بـ «شيخ الأدب» وإنه قد قام بمجهود ضخم في خدمة اللغة العربية تدريساً وتأليفاً، علق على كل من ديوان الحماسة «لأبي تمام» وديوان المتنبي، وكذا على كتابه ما ألفه نفسه - المسمي ب «نفحة العرب» من الكتب الأدبية، وحشّى على «كنز الدقائق» وشرح النقاية، «ونور الإيضاح» حواشي جيدة مفيدة من الكتب الفقهية باللغة العربية الفصحي العذبة. وقد نال كتابه «نفحة العرب» تقديراً في الأوساط العلمية والأدبية وأدخله عديدٌ من الجامعات في المقررّات الدراسية.
وأما مكانة العلامة حبيب الرحمن الأعظمي في علوم الحديث وموضوعاتٍ أخرى فتدلّ على نبوغه وبراعته في الأدب وقدرته الفائقة على الكتابة في أسلوب علمي رصين.
ولعلماء دار العلوم مؤلفاتٌ في قواعد اللغة العربية، فليس في وسع أحد أن يقوم بإحصائها من كتب ورسائل، وتعليقات وحواش وشروح.
أما مجال الشعر العربي فنجد علماء الجامعة يحملون ذوقاً أدبياً رفيعا يقرضون الشعر بالعربية، ويتجاذبون أطراف الأناشيد في المناسبات التي يجمع أمثالهم من الأدباء المحتشمين، ومع أنهم يتمثلون بقول الإمام الشافعي رحمه الله :
ولولا الشعر بالعلماء يزري
لكنت اليوم أشعر من لبيد
ويتجنبون ما يمس كرامتهم، غير أن أشعارهم تفيض رقة وعذوبة وبلاغة، فكم لهم من قصائد رنانة، ومراثي مفتتة للقوب، المدمعة للعيون جادت بها قرائحهم، لو جمعت في ديوان لكانت زاداً كريماً للأدب العربي، وتحفة نادرة للشعراء.. ورُوّاد الأدب.
نجد لمؤسس الجامعة العالم الرباني محمد قاسم النانوتوي رحمه الله - المتوفي سنة 1298هـ. قصائد عربية، ولتلميذه النابغ حكيم رحيم الله البجنوري قصائد عديدةَ في الوصف والمديح والرثاء والحنين.
ولو استعرضنا أشعار الشيخ الأديب إعزاز علي، والأديب الشيخ عبد الحق المدني، والشيخ العلامة ظفر أحمد العثماني، العلامة حبيب الرحمن العثماني صاحب لامية المعجزات، والمفتي كفاية الله الدهلوي، والشيخ عزيز الحق الجاتكامي، والشيخ محمد طيب القاسمي صاحب «نونية الآحاد» والمفتي جميل أحمد التهانوي، لنجد أنهم قد سبقوا كثيراً من الشعراء المولدين، وبعض قصائدهم تحمل صبغة فنية ربما لا نجدها عند كثير من المنقطعين بقرض الشعر.
ومن أهم مؤلفاتهم في الشعر العربي كتاب حكيم الأمة الشيخ أشرف علي التهانوي - المتوفي سنة 1362هـ. «كلام الملوك» في مجلدين، جمع فيه ما وقف عليه من أشعار الصحابة متفرقة في الكتب غير ما جاء في دواوين بعضهم مع تعليقات مفيدة.
فهذه هي لمحات سريعة لخدمات الجامعة، فمِثلُ هذه الجامعة هناك في الهند جامعات كبيرة و مدارس كثيرة منها: مظاهر العلوم سهارنفور وندوة العلماء. ومن أشهر الكُتّاب البارعين ورجالِ اللغة العربية في المدرسة «مظاهر العلوم السهارنفور» المحدث الجليل العلامة خليل أحمد السهارنفوري المتوفي سنة 1346 هـ «صاحبُ بذل المجهود في حل أبي داود» هو شرح صغير الحجم فخيم الشان فصيح البيان، فجاء شرحه هذا سفراً ضخيما بكل ما يتعلق بكلام النبوة ورواة الحديث ومكانتهم وتراجمهم في ضوء أقوال الأئمة والمحدثين.
وكانت له سوى هذا الكتاب كتب علمية مفيدة باللغة العربية.
ومنهم المحدث الكبير محمد زكريا الكاندهلوي المتوفي سنه 1402هـ. صاحب «أوجز المسالك علي موطأ مالك». وقد كانت له مصنفات علمية كثيرة وشروح مفيدة محتوية علي مجلدات عديدة باللغة العربية الفصحي العذبة وله حواشي قيمة علي كتب الحديث خاصةً علي أمالي الإمام المحدث رشيد أحمد الكنكوهي علي الصحيحين والسننين:- أي الترمذي والنسائي - وذاك شرحه القيّم علي «موطأ مالك» حيث وطأ فيه الشيخ الكاندهلوي أبحاثاً حديثية علمية للمتقدمين من المحدثين والمتأخرين أحسن توطئة، وهذه الحواشي المفيدة تدل على براعته في اللغة العربية وعلى تعمقه وتغلغله في الحديث وعلومه، كأن الحديث قد اختلط بلحمه ودمه.
ومن أشهرهم أدباً ولغة وأكثرهم تصنيفاً وتأليفاً في المجال العربي، مؤرخ الهند العلامة عبد الحي الحسيني اللكهنوي الملقب بـ «ابن خلكان الهند» - المتوفي سنة 1341هـ- صاحب «نزهة الخواطر» في ثماني مجلدات عن أعيان علماء الهند وأفاضلها، هو نفيس في تاريخ أعلام الهند وعباقرتهم باللغة العربية العذبة.
وكان للشيخ الحسيني سوى هذا الكتاب النفيس المحتوي على قريب من (5000) ترجمة - مآثر علمية ومؤلفات تاريخية قيمة أخري بالعربية كـ «الثقافة الإسلامية في الهند» و «والهند في العهد الإسلامي» و……… وغيرهما.
فنظراً إلى سعة ثقافته الإسلامية تجاه الهند، وإلمامه بأحوال أعلام الهند وعباقرتهم أيَّ إلمام و حسنِ تصنيفه، وبلاغته وجمالِ أسلوبه وسحر طرازه، فإنه يجدُر بأن يتمكّن من لقب «ابن خلكان الهند».
ومنهم الكاتب البارع بالعربية مسعود عالم الندوي صاحب «الترجمة العربية»، والشيخ عبد الماجد الندوي حيث وضع كتاباً في الإنشاء العربي الجديد في الجزئين سماه «معلم الإنشاء». والجزء الرابع للشيخ محمد رابع الندوي وهذا الجزء يعلم الطلاب الإنشاء والكتابة بالعربية أحسن تعليم كما يعلمهم ويؤديهم إلي الترجمة من الأردية إلي العربية أداءً ناجحاً وكذا عكسها.
فنظراً إلى إفاديَّة هذا الكتاب ونفعه الكثير للطلاب غير الناطقين بالعربية قد قرره أهل الجامعات والمدارس الكثيرة في شبه القارة الهندية في مقررها الدراسي.
لـ محمد الرابع الندوي مصنفات علمية وأدبية باللغة العربية السلسلة العذبة كـ «الثقافة الإسلامية المعاصرة» و«الأمة الإسلامية» ومنجزاتها و«التربية والمجتمع» و«منثورات في الأدب العربي» و «تاريخ الأدب العربي» و«العصر الإسلامي» و«الأدب العربي بين عرض ونقد» و«الأدب الإسلامي وصلته بالحياة» و«مختار الشعر العربي».
وحقاً أنه قد ثبت خليفة العلامة الندوي من بعده في العلم الغزير والثقافة الواسعة، والأدب الجم، والإنشاء العربي الجميل، وصُنع الكتابة العربية الفصحي العذبة.
ومن جهابذة دار العلوم ندوة العلماء أديب العربية الشيخ محمد ناظم الندوي. وكانت له يد طولي في العربية وقدرة تامة وملكة راسخة في التعريب حتي لا يخطر ببال القارئ ما عرّبه من المقال نقلاً من الأردية أيُّ تكلف في التحرير وتعسف في التعريب وتوحش في الكلمات فيما بينها كما كتابه «الرسالة المحمدية» ما هو تعريب كتاب السيد سليمان الندوي - رحمه الله - المسمي «خطبات مدراس» خير مثال.
هذا، وهناك طائفة من أعلام الهند الفيحاء الذين شمّروا عن ساق الجد في نشر اللغة العربية وإحياء علومها درساً وتدريساً، تصنيفاً وتأليفاً، والذين لم يتخرجوا ولم يتعلقوا بهذه الجامعات الثلاثة المذكورة آنفاً سوي تعلق المعاصرة بأهلها.
فمنهم العلامة عبد الحي اللكنوي- المتوفي سنة 1304هـ - .
وكان أعجوبة في زمانه، وعمدة في ميدان التحقيق والتدقيق وآية باهرة في مجال التصنيف والتأليف، ولم يبلغ عمره عند موته إلي أربعين سنة، فبلغ عدد مؤلفاته في علوم متنوعة وفنون متعددة إلي «مائة» بل فأكثر منها. فمنها كما ذكره الشيخ العلامة أبو الحسن علي الندوي في كتابة «المسلمون في الهند» 87 كتاباً بالعربية. ما أسرع قلمه! وما أوسع نطاق علمه!
وأما عربيته فكانت العبارات فيها مسجعةً رائعة، والكلمات مقفاة رائقة بحيث كلما يمر بها القاري راعَه حسنها وبهائها وراقته عذوبتها وجمالها .
ومنهم العلامة السيد الرئيس صديق حسن خان القنوجي - المتوفي سنة 1308هـ - صاحب المصنفات الشهيرة والمؤلفات الكثيرة في التفسير والحديث والفقه والأصول والتاريخ والأدب حتي يبلغ عدد مؤلفاته إلي «مائتين» فأكثر، قلما يتفق مثلها لأحد من العلماء، وكان سريع الكتابة حلو الخط، ولكنه لا تخلو تأليفاته عن أشياء! إما تلخيص أو تجريد أو نقل من لسان إلي لسان آخر. ومن أهم مؤلفاته وأشهرها «إتحاف النبلاء» و «أبجد العلوم» في عدة مجلات، و«فتح البيان» و «عون الباري»و «التاج المكلل» و «نيل المرام» و«دليل الطالب»و «لسان العرفان» و…غيرها.
وكان مشغوفاً بالشعر والأدب وكان يحضر بعض الشعراء والأدباء لديه بعد صلاة المغرب، فيتذاكر معهم في الشعر و الأدب ويتساجل في اللطائف الشعرية والنكت الأدبية كما ذكر «صاحب نزهة الخواطر».
وأما الذين جاءوا في الهند من أعلام الأدب العربي قبل زمن تأسيس الجامعات الثلاثة التي ذكرت خدمات رجالها تجاه اللغة العربية فيما قبلُ. فمنهم الإمام الكبير واللغوي الشهير الفقيه النسّابة، المحدث الرحّالة، الناظر الناثر، الذي جاب في اللغة والحديث كل فج، وخاض من العلم كل لُجٍّ، الشيخ أبو الوقت السيد تاج الدين مرتضي الزبيدي - رحمه الله - المتوفي سنة 1205هـ.
وقد عكف على التصانيف والمؤلفات وخلف ذخيرة وافرة ثمينة في اللغة العربية، وقد جاوزت آثاره مئة مؤلف، وهو لم يعمر عمراً طويلا كالشيوخ المعمرين فعاشر60 سنة، وهي في جنب ما ترك من آثارٍ عظام ليست بالعمر الطويل، ولكن دأبه المتواصل الدائم في العلم تحصيلاً وتعليماً، أورثه هذا التراث الكبير والعلم الغزير.
وحسبه من هذه المؤلفات التي جاوزت المئة، كتابان عظيمان ضخمان جليلان، هما «تاج العروس من جواهر القاموس» هو شرح القاموس لمجد الدين الفيروز آبادي ما يحتوي علي عشر مجلدات وكمل كتابه هذا في أربعة عشر عاماً، وصار صيته سيراً إلي الأقاصي والبعيد، وأصبحت كلمته مسموعة في الأرجاء كلها.
وثانيها «إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين» المحتوي علي عشرين مجلداً تقريباً، وهذا الشرح موسوعة حديثية وفقهية وأدبية كما هي موسوعة التصوف الحافلة بالمعارف واللطائف والأسرار الصوفية.
فقد سجل العلامة الزبيدي في هذين الكتابين واللؤلؤين الفريدين إمامته الفذة في علوم الشرع واللغة العربية، فللّه درُّه ما أقوي عزمه الصميم، وأعلي همته القعساء! رحمه الله تعالي وأحسن إليه كفاء جهده واجتهاده في خدمة العلوم واللغة والدين.
ومنهم الشيخ الإمام الهمام، قطب الدين أحمد ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي - المتوفي سنه 1171هـ. صاحب التصانيف الشهيرة قد ذهب صيتها في الآفاق والتأليفآت الرفيعة والأبحاث اللطيفة والنكت الفريدة كان أبا عذرها وابن بجدتها
وله مؤلفات كثيرة يتعسر عدها بقصها وقضيضها، فبعضها بالفارسية وحشد هائل ورصيد عريض منها بالعربية. ومن أشهرها وأهمها بالعربية، «المسوّى في شرح الموطا» و «شرح تراجم الجامع الصحيح للبخاري» أتى فيه بتحقيقات عجيبة وتدقيقات غريبة و«حجة الله البالغة» في أسرار الحديث وحكم الشريعة «والقول الجميل» في علم السلوك. و«الدر الثمين في مبشرات النبي الأمين» و«الفضل المبين» في المسلسل من حديث النبي الأمين، و«النوادر من حديث سيد الأوائل والأواخر». و«فيوض الحرمين» و«تأويل الأحاديث» رسالة نفيسة له بالعربية في رموز قصص الأنبياء والمرسلين وتوجيهها، و«الخير الكثير» الملقب بخزائن الحكمة، فيها زبدة معارف الصوفية وخلاصة أذواقها، و«التفهيمات الالهية في علم الحقائق» قال نجله الأكبر الشاه عبد العزيز الدهلوي: إنه عمدة مصنفاته، قيل: إنه متضمن أكثر من مائتي رسالةٍ، و«عقد الجيد في الاجتهاد والتقليد» و«الإنصاف في سبب الاختلاف» في بيان أسباب الاختلاف بين الصحابة والتابعين والفقهاء والأئمة المجتهدين و«فتح الخبير فيما لا بد من حفظه في علم التفسير» و«البدور البازغة» و«حسن العقيدة» و«قصيدة أطيب النغم في مدح سيد العرب والعجم» و«ديوان الشعر العربي» جمعه نجله الأكبر الشاه عبد العزيز، ورتبه نجله الآخر الشاه رفيع الدين، وغيرها من الكتب القيمة النفسية.
يقول صاحب «نزهة الخواطر» عن عبقريته في اللغة العربية وعلومها وآدابها، وإلمامه بكثرة العلوم وشتى الفنون بصدد ما من الله تعالى به عليه من العلوم والمعارف حيث يقول: إنه خصّه بعلوم لم يشرك معه فيها غيره، والتي أشرك فيها معه غيره من سائر الأئمة كثيرة، لا يحصيها البيان ونحن نذكر قليلاً من ذلك الكثير، منها: ما أكرمه الله تعالي به من الفصاحة في اللغة العربية والربط الخاص بالفنون الأدبية في النظم والنثر، كأنما الإعجاز أو السحر من رقية اللفظ ومعناه وصفاء المورد ومغناه.
ومنها: ما حب الله تعالى في صدره من نور كشف له وجوه أسرار الشريعة ثم شرح صدره لبيانها! فبينها علي أحسن وجه في «حجة الله البالغة» وقد قال ولده الشاه عبد العزيز في كتابه إلي أمير حيدر البلكرامي: «وكتاب حجة الله البالغة التي هي عمدة تصانيفه في علم أسرار الحديث ولم يتكلم في هذا العلم أحد قبله علي هذا الوجه من تأصيل الأصول وتفريع الفروع وتمهيد المقدمات والمبادي وإنما يستنشم نفحات قليلة من هذا العلم في كتاب «إحياء علوم الدين» للإمام الغزالي وكتاب «القواعد الكبري» للشيخ عز الدين بن عبد السلام المقدسي، وربما يوجد بعض فوائد هذا العلم في مواضع من «الفتوحات المكية» للشيخ الأكبر و«الكبريت الأحمر» للشيخ ابن عربي وكذا مؤلفات تلميذه الشيخ الكبير الشيخ صدر الدين، وقد جمعها الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتاب «الميزان».
يقول الشيخ مصطفي المكي عن «حجة الله البالغة» بحيث إنه تذكار أدبي فريد و وصمة الفصاحة والبلاغة علي وجه اللغة العربية كما هو موسوعة أسرار الشريعة ورموزها: لما وصل هذا الكتاب إلي عالم العرب ورآه علماءه ومثقفوه، فتحيروا واندهشوا.
وقال الشيخ عبد الحق الحقاني في مقدمة «حجة الله البالغة»: - المترجم من العربية إلى الأردية - عبارة هذا الكتاب ممتازة جداً ولو يتقرر هذا الكتاب موضع «مقامات الحريري» في المنهج النظامي لكان أحسن وأجدر وأنفع.
ويكتب الشاه ولي الله الدهلوي بنفسه؛ تحديثاً لما أنعم الله عليه، في كتابه النفيس «التفهيمات الالهية»: «ومن نعم الله علي - ولافخر - أن جعلني ناطق هذه الدورة وحكيمها وقائد هذه الطبقة وزعيمها، فنطق علي لساني ونفث في نفسي، فإن نطقت بأذكار القوم وأشغالهم: نطقت بجوامعها وأتيت علي مذاهب جميعها. وإن تكلمت علي نسب القوم فيما بينهم وبين ربهم : ذويت لي مناكبها وبسطت في جوانبها، وأوفيت ذروة سنامها، وقبضت علي مجامع خطامها، وإن خطبت بأسرار اللطائف الإنسانية: تفوضتُ قاموسها وتلمستُ ناعوسها، وقبضت علي جلابيبها وأخذت بتلابيبها، وإن تمطّيتُ ظهر علم النفوس ومبالغها: فأنا أبو عذرتها، أتيتهم بعجائب لا تحصي وغرائب لا تُكتنَهُ، ولا اكتناهها يرجي، وإن بحثت عن علم الشرائع والنبوات: فأنا ليث عرينها، وحافظ جرينها، ووارث خزائنها، وباحث مغابنها».
وقد صدق من قال في حقه :«إنه آية من آيات الله ومعجزة من معجزات نبيه» ولمثله قيل: إنه إن أخذ في التفسير كَلَّ عنه الكشاف واختفي، أو الحديث كان عن ألفاظه الغريبة مزيل الخفاء، أو الفقه عد للنعمان شقيقاً أو النحو كان للخليل رفيقاً، أو الكلام فلو رآه النظام لاختل نظامه، ولو أدركه صاحب المواقف قال: أنت في كل موقف مقدمُه وإمامُه، أو الأصول فلو جادله السيف لاختفي في غمده، ولقطع له بالإمامة ولم يقطع بحضرته لكلام حده، أو الإمام الفخر - أي الرازي - لقال: ما لأحد أن يتقدم هذا الحبر، وخاطبه لسان حاله: أنت إمام الطائفة بل مفاخره أكثر من ذلك.
ومنهم المحدث الجليل واللغوي الشهير العلامة محمد بن طاهر الفتني - المتوفي سنة 986هـ. - الذي صارت بمصفاته الرفاق، واعترف بفضله علماء الآفاق. ومن أشهر مصنفاته وأحسنها وأنفسها كتاب «مجمع بحار الأنوار» في خمس مجلدات ضخيمة جمع فيه كل غريب الحديث، وما ألف فيه قبلُ، فجاء كالشرح للكتب الستة، وهو كتاب متفق علي قبوله بين أهل العلم والأوساط الأدبية واللغوية، منذ ظهر في الوجود، وله منّة عظيمة بذلك العمل علي أهل العلم والمعرفة وأصحاب الأدب واللغة.
ومن أولئك الرجال العبقريّن في فنون اللغة العربية وآدابها شخصية بارزة لها منة عظيمة علي كل من جاء بعدها من اللغويين والمبرزين في المجال اللغوي والأدبي فهي من أعيان القرن السابع الهجري وأعمال منطقة «لاهور» من مناطق الهند سابقاً والباكستان حالياً: الشيخ رضي الدين أبو الفضائل حسن بن محمد اللاهوري الهندي المعروف ب «العلامة الصاغاني» - المتوفي سنة 650 هـ. صاحب المصنفات الكثيرة النفيسة في الحديث والفقه وغيرها من الفنون.
ومن أهمها وأنفسها في اللغة كتاب «العباب» ذاك كتاب ممتاز في اللغة، نفيس في بابها، ومن الأسف أنه لم يكمله بل وصل فيه إلى حرف «الميم» ومنه اختصر اللغوي الكبير مجد الدين الفيروز آبادي كتابه «القاموس المحيط» ويجدر بالذكر في هذا المقام قول الإمام السيوطي في حق العلامة الصاغاني ما سجله التاريخ في بطون أوراقه_ العلامة الصاغاني_ أيُّ مَن كَتب وأدرج في اللغة شيئا وأضاف في هذا الباب إضافة مهما كان وأينما كان وحينما كان وهو مدين للصاغاني بحيث إنه ما أتي به في هذا المجال اللغوي بعده من الفوائد والفرائد والنوادر والنفائس، والشوادر والعجائب، فهو مغترف من فُضالة «الإمام الصاغاني» ومقتبس من كتبه القيمة ودواوينه اللغوية. ومن تصانيفه النفيسة الأخري في اللغة «مجمع البحرين» هو قاموس لغوي كبير محتو علي أربعة عشر مجلدا، وقد فاق جميع القواميس العربية والمعاجم اللغوية المدونة فيما قبل وكتاب «النوادر في اللغة» وكتاب «أسماء الأسد» و «أسماء الذئب». وزد علي هذا تكملته للصحاح، وفيه قد صحح الصاغاني أغلاط الجوهري في كتابه المعروف بـ «الصحاح» .
ويقول العلامة اللكنوي: كان فقيها، محدثا لغويا ذا مشاركة تامة في جميع العلوم. وقال الذهبي: «وكان إليه المنتهي في اللغة» وحقا ما قاله الذهبي ذهبيٌ .
وفي الأخير كيف أنسى تلك الشخصية المرموقة الداعية الشهير الكاتب اللبيب الشيخ أبا الحسن علي الحسني الندوي - رحمه الله - فأريد أن أنهي مقالتي وأتم كلمتي بذكر هذه الشخصية العبقرية التي قلما تجتمع السمات والصفات في شخصية واحدة التي اجتمعت في شخصية. فها هو ذا الذي نفخ روح الدعوة في الأمة الإسلامية جمعاء والذي استنفد طاقاته واستعداداته وأفرغ جبته وخلي كنانته من الإسهامات تجاه اللغة العربية ولقد خضع له جميع العرب علمائها وأدبائها وفضلائها ومثقفوها ولم تكن خدماتها محصورة في ميدان واحد بل تنتشر وتتوزع في جميع الميادين وجميع المستويات.
وله مصنفات كثيرة ومؤلفات رائعة في الأدب العربي حتي كان الحق هذا - والحق أحق أن يقال - أن الكتب المدرسية بمناسبة الأدب العربي ما ألفها العلامة الندوي بقلمه الساحر للنشأ الجديد، قد تدخلت في معظم جامعات العالم وانضمت إلى مقرراتها وتدرس فيها و تقرأ ليلاً ونهاراً، ونالت تلقياً كبيرا في الأوساط العلمية والأندية الأدبية من الناطقين بالعربية فضلاً من غير الناطقين بها. ومن تلك المؤلفات الشهيرة الخاصة للأطفال والنشي الجديد، «قصص النبين» في عدة أجزاء و«القراءة الراشدة» و«سيرة خاتم النبيين» و«قصص من التاريخ الإسلامي» و«المختارات من الأدب العربي». وأما مؤلفاته الأدبية ومصنفاته العلمية الأخري بالعربية فمنها «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟» هذا هو تأليفه القيم ما ترجم بعشرات لغات العالم وخرجت له طبعات مثلها من المطابع الباكستانية والهندية والإيرانية والعربية وغيرها من مطابع العالم إلي أن يكون علي وشك باب اللغات الأخري للترجمة منادياً بصوت جهوري «هل من مزيد؟» وذلك هو التأليف ما منح صاحبه الدرجة الرفيعة، وأقامه في صف كبار المؤلفين والمصنفين حتي نال صاحبه جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1980 من ميلاد المسيح (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) وما هو إلا ثمرة الإخلاص الكامل والجهد الشامل في تأليف هذا الكتاب، ومنها «القادياني والقاديانية»و«السيرة النبوية» و«العقيدة والعبادة والسلوك» و«الأركان الأربعة في ضوء القرآن والسنة» و«المسلمون في الهند» و«روائع إقبال» و«إذا هبت ريح الإيمان» و«رجال الفكر والدعوة في الإسلام».أربع مجلدات. و«المرتضي» و«شخصيات وكتب» و«مذكرات سائح في الشرق العربي».
وأما المقالات ما كتبها في أوانه وأخري فكثيرةً جداً منها: اسمعي يا سوريا، اسمعي يا فلسطين، اسمعي يا إيران، اسمعي يا جزيرة العرب، اسمعوها مني صريحة أيها العرب.
وهنالك المقالة الأخري اسمها «اسمعي يا مصر» قال عنها المفسر الكبير رئيس حركة إخوان المسلمين سابقاً الشهيد السيد قطب - رحمه الله تعالي - للشعب المصري قولاً مسجلا في التاريخ هو«ليت مصر قد سمعت» ومثل هذه المقالات قد جمعت في كتاب صغير مسمي بـ «إسمعيات» ما أجمل عنوانه…. وما أحسن أسلوبه…. وما أشعل نار حماسته حتي وقد يخيل إليَّ أن كل كلمة من كلماته وسطر من سطوره جذوه نار ملهبة، وقيل لمثل هذا الكتّاب: ومداد ما تجري به أقلامهم: أنقي وأثقل من دم الشهداء.
هذا من ناحية، وفي ناحية أخري وقد جاب الندوي البلاد الهندية والعربية حتي تجول في جميع العالم شرقا وغرباً ليجاهد و يقابل ثعبان الغزو الفكري والإلحادي خاصة التصور الأوروبي الإلحادي في القوم، واشترك في المجالس العلمية والمجامع الأدبية والمؤتمرات الدعوية والمؤسسات الإسلامية والندوات المنعقدة للبحث عن المسائل الجديدة والقضايا الهامة، وللبحث عن الحضارة الإسلامية والثقافة العربية والدفاع عن دين الإسلام ضد الفرق الباطلة والنظريات العربية الإلحادية وقرأ فيها البحوث العلمية والمقالات الأدبية وألقي هناك المحاضرات الفكرية التي هزت قلوب الحاضرين وجذبت أفئدة المستمعين إليها حتى سُحرت النفوس ولانت القلوب وزرفت العيون وأخذت تلك المحاضرات الشهرة في الأوساط العلمية والأندية الأدبية وخاصة نالت إعجاب العرب إعجاباً تاماً قامت بعض المطابع العربية بطبعها بعنوان محاضرات إسلامية في الفكر والدعوة (3 مجلات) و« مقالات إسلامية في الفكر والدعوة» (جزءان).
ثم رُأي إلي ذلك كله في تلك المجالس والندوات العلماء الكبار والأدباء العظام والرجال العبقريون والكتاب والماهرون والمفكرون و….و…..وخيِّل إلي تلك المجامع أن جميع العرب قد تجمعوا وتخاصموا علي هذا العلامة الداعية لاستماع خطبته الرائعة بأسلوب مؤثر وطراز دعوي وتعبير جميل، وأحاطوا بهذا الشيخ الهندي إحاطة السوار حول المعصم.
المراجع والمآخذ
1.«نزهة الخواطر» للمؤرخ عبد الحي الحسيني
2.«دار العلوم ديوبند» للشيخ محمد عبيد الله الأسعدي
3.«نفحة العنبر في حياة الشيخ أنور» للعلامة البنوري
4.«تاريخ دعوت وعزيمت» للعلامة أبي الحسن الندوي
5.«ظفر المحصلين بأحوال المصنفين» للشيخ محمد حنيف الكنكوهي
6- «شيخ الحديث وإمام المحدثين في عصره» للشيخ عبد الحفيظ المكي. 7- رسائل الأعلام إلى العلامة الندوي» للعلامة محمد الرابع الندوي. 8- بلغة الأديب في مصطلح آثار الحبيب» للعلامة الزبيدي بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.