كيف أحسن مهاراتي في العربية تكلما وكتابة؟
باسمه الكريم
حديثي اليوم عن سؤال قد شغل كثيرا من طلاب العلم في أيامنا في مجتمعات المدارس الإسلامية.. وهو:
"كيف أتعلم العربية؟" أو "كيف أجيد اللغة العربية؟" أو "كيف أحسن مهاراتي في العربية تكلما وكتابة؟"
ولم أجلس في هذا الوقت لأكتب إجابة شافية عن هذه الأسئلة ونظائرها.. بل جئت أسأل السؤال نفسه!
إنه لا يمرّ علي يوم وأخوه إلا ويطرَح علي أحد المشغوفين بتعلم اللغة العربية هذا السؤال الحائر الذي لم أزل أطلب جوابَه.
وأحاول أن ألخص ما أجيب به سائل هذا السؤال عادة، راجيا أن يكون في القراء من يسفعني بالإجابة الشافية والإفادة الكافية.
إن مهارة اللغة تنقسم جزئين: أولهما وأيسرهما: التكلم بها، وثانيهما: مهارة الكتابة بها.
وقلتُ: "أولهما" لأن الرجل لن يجيد الكتابة بلغة إلا إذا أستطاع التكلم بها، فإن لم يتكلم بلغة وجاء ليكتب فيها فقد ينجح في كتابة مقالة أو كتاب، ولكن تبقى كتابته خالية عن روح تلك اللغة.
إذن؛ كيف السبيل إلى التكلم؟
أسهل طريق إلى تطويع اللسان والذهن على التكلم بالعربية خلقُ بيئة عربية لا يُنطَق فيها إلا بها، وليحرص كل أفراد تلك البيئة على المحافظة عليها بأي طريقة من الطرق، سواء بالترغيب المستمر أو بوضع غرامة أو عقاب على من مسّ حرمة البيئة، ويمكن أن تقام البيئة بين أفراد مدرسة، أو طلاب صف، أو عائلة واحدة، أو مجموعة زملاء، أو صديقين، أو رجل واحد.
أخي ـ زادك الله كرامة ـ ، كن مؤثرا في بيئتك العلمية التي تكون فيها وتستقي من معينها، واجتهد أن تجعلها بيئة عربية خالصة؛ رغّب من يرافقك في رحلة العلم من زملائك أن يتشبثوا بتلك اللغة الخالدة، ويتجملوا بها في مجالسهم، ويفتخروا بها بين أقرانهم، بل يدخلوا السهل من كلماتها في ثنايا كلامهم مع العامة، ألا تتعجب من أحدهم يرطن بلغة الأعداء الأعجمية البكماء، ويهز رأسه خيلاء مع كل كلمة ضلت طريقها إلى لسانه من تلك اللغات العقيمة السقيمة، فلا تمنعه غرابة مخارجها وبذاءة لهجاتها من أن يفتخر بها، فمالي ولك نلتحف رداء الخجل، إن نطقنا بشمس اللغات وسيدتها، كالبكر تُستأذَن في نكاحها، أو المجرم المقر بذنبه بين يدي سيده.
فإن قلتَ: لا أجد من يجيبني إلى تكوين البيئة!
تكلم بالعربية.. وإذا لم تجد من يتكلم معك فتكلم مع نفسك كل يوم ساعة.
بأن تسأل.. وتجيب نفسك، ساعة فقط كل يوم.. ستجد نفسك في شهر أنك تستطيع أن تتكلم بالعربية بكل سهولة.
وطريقة الحوار مع النفس، أن تختلق شخصيتين في ذهنك، مثلا شخصية الأستاذ وشخصية التلميذ، شخصية المريض والطبيب، وكذا البائع والمشتري، الصديقين، الأب والابن، المخاصمان، شخصية الخطيب في موضوع ما؛ كالتحريض على أداء صلاة الجماعة، أو النداء إلى الحرب، وقائمة الشخصيات طويلة جدا، يمكن أن تنتخب أيًّا من شخصيتين من الحياة، وتبدأ بالمكالمة فيما بينهما..
فإذا وجدت مشكلة في الكلام.. لأجل عدم معرفة المفردات.. فاكتبه كل يوم في كراسة صغيرة في الجيب.. ثم افتح القاموس في آخر اليوم واحفظ الكلمات وحاول أن تستخدم تلك الكلمات في اليوم المقبل..
والمنهج في ذلك أن تبدأ بمحاورات صغيرة وبسيطة وتترقى إلى الأطول والأجود مع كل يوم جديد..
وحذار أن يغلبك ضجر أو سآمة، فإن كل فن وعلم، يُتعِب في بداية التعلم، وإذا استطاع المتعلم أن يجتاز هذه البداية بحزمه وعزمه ، في فيشعر في المستوى الثاني أن معالم الطريق تتفتّح له، و(أتاه الفرج بعد الشدة)، فإذا اجتاز هذه المرحلة باستقامته، فلا يبقى لديه إلا أن يحترز من الكِبر، ولا يظن نفسه قد بلغ (وهذه نقطة يتغافل عنها الأذكياء خصوصا)، فإن للعلم آفاق، إذا بلغتَ أفقا تُطلّ على أفق جديد، وعالَم أوسع.
السبيل إلى المهارة في الكتابة العربية:
أما المهارة في العربية من حيث الكتابة.. فتلك يمكن أن تحصل عليها أيضا بالتمرين. اكتب كل يوم ما بين 5 إلى 15 أسطر حول أي موضوع.. (وإذا لم تجد موضوعا فاكتب ما ذا فعلت في هذا اليوم) واعرض كتابتك على أستاذ أو ماهر في العربية. واعلم أن التكلم أسهل من الكتابة.. وكلما كان تكلمك جيدا وكثيرا بالعربية؛ تسهل عليك الكتابة.
فقد تخطئ وقد يصيبك الملل واليأس في بداية تعلمك الكتابة.. ولكن بعد مدة من الجهد والتصحيح (ربما شهرين ونصف مع روح الاستقامة وشدة المواظبة) ستجد أن الكتابة أصبحت أدبية..
ولم أجد أنفع من التمرين..
أخي، أعيد نقطة التمرين، الشوق والتمرين واتباع نصائح خبير، هي أسس التعلم، فإن كانت عندك، فكن على يقين أنك ستبلغ غايتك أي منهج سلكت..
بعض مصادر الاستفادة:
ولا تنس في التكلم أن تستمع إلى المحاضرات والخطب العربية للخطباء المعروفين.
وكذلك لا تهمل في التدرب على الكتابة أن تقرأ نصوص الأدباء المعروفين.
وطالع كتب الأدباء المعروفين أولا.. فإذا بلغت إلى مستوى جيد، بحيث تدرك الجودة والرداءة في العربية فابدأ بمطالعة الكتب والمقالات الأخرى..
وسأتكلم في مقال منفصل إن شاء الله عن الكتاب والأدباء قديما وحديثا الذين يمكن الاستفادة منهم في تحسين المهارات اللغوية.
هذا ما كان لدي.. وما أتوقَّى به حينما يسألني ذلك السؤال المتعدد الجوانب.. وشاركته معكم حتى نكون أمة الإفادة والاستفادة، وأرجو أن يرشدني أولو الأيدي والأبصار في هذا المضمار..
منتظر توجيهاتكم
أسامة محمود، ابن عباس، كراتشي