تحذير المسلمين من كذبة نيسان أو إبريل
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا ومولانا محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
واعلموا أيها المسلمون، أن مما أكَّد علينا ديننا، وحرَّض على ذلك نبينا ورسولنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم: هو الصدق في القول والفعل والعمل والنية والهدي، ومما حذَّرنا منه هو الكذب في القول والفعل والشهادة.
عباد الله، إن مما ابتلينا في هذا الزمان من المعاصي الفاضحة والمحرمات الواضحة هو أن أصبح الكذب"فنًّا" يغتبط به، وأصبح الخداع كيسا يعتز به، فكل من كان فنانا في الكذب، متفننا في الخداع والزور، مزينا قوله الباطل بالسجع والقافية يعتبر من أهل العقل والدهاء، يفتخر بذلك صاحبه في المجتمع ويحل بذلك محل إجلال وإكرام وإكبار.
انظروا مصداق ذلك في رجال السياسة اليوم؛ فإنهم لا يخلو يوم من أيامهم إلا وهم يرتكبون هذه الجريمة البشعة علنا وجهارا، لا يردعهم دين ولا يمنعهم خُلق. ومن الطامات والبلايا العظيمة في هذه الأزمان أننا ابتلينا بجريمة عالمية قد أحاطت العالَمَ مع رُحبِه وسَعَتِه، لا يستثنى من ذلك بقعة، حتى أحدقت هذه الجريمة العالَمَ الإسلامي أيضا، ألا وهو "يوم كذبة نيسان" أو "كذبة إبريل" حيث يجعل أهل الغرب الكفرة الفجرة هذا اليوم يوم خداع وسخرية واستهزاء ومين، مهما لحقهم من الضرر والشين، فشاعت هذه الجريمة من الغرب وتسربت إلى العالم الإسلامي، إننا نغض الطرف عن وجوه بداية هذه الجريمة؛ فإن تحقيق ذلك لا يجدينا شيئا، وكل ذلك يعود إلى مبادئ تنافي الدين والخلق عندهم أيضا، ولكن الأسف كل الأسف على المسلم الذي يؤمن بوحدانية الله عزوجل، الذي هداه إلى الصراط السوي والصدق واليقين، ويؤمن بالرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه، الذي حذر من الكذب والخداع أيما تحذير.
عباد الله، إن الصدق من عادة الأبرار، والكذب من ديدن الكفرة الفجرة المنافقين الأشرار، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة: 119 وقال تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) الحج: 30 ويقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه:"إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وإن الكذ بيهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرج لليكذب حتى يكتب عند الله كذابا".(صحيح البخاري) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن الصدق والبر في الجنة، ألاإن الكذب والفجورفي النار ".(مسند أحمد). وعن عبدالله بن عمرو أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يارسول الله، ماعمل الجنة؟ قال:الصدق، وإذاصدق العبد بَرَّ، وإذابَرَّ آمن، وإذا آمن دخل الجنة، قال: : يارسول الله، ماعمل النار؟ قال:الكذب، إذاكذب العبد فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل، يعني النار" (مسند أحمد). وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لايجتمع الإيمان والكفر في قلب امرئ ولايجتمع الصدق والكذب جميعا ولاتجتمع الخيانة والأمانة جميعا"(مسند أحمد). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحروا الصدق، و إن رأيتم أن فيه الهلكة، فإن فيه النجاة، و اجتنبوا الكذب و إن رأيتم أن فيه النجاة، فإن فيه الهلكة". (الجامع الصغير). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التاجر الأمين الصدوق : مع النبيين والصديقين والشهداء".(جامع الترمذي) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التجار يحشرون يومالقيامة فجارا الا من اتقى الله وبر وصدق".(سنن الدارمي). وقال أبوبكررضي الله عنه: "ياأيهاالناس إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان". وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "...ليس فيما دون الصدق من الحديث خير". كان عمربن الخطاب إذاخطب الناس يقول في خطبته: "أفلح منكم من حفظ الهوى والطمع والغضب وليس فيما دون الصدق من الحديث خيرمن يكذب يفجرومن يفجر يهلك". وعن علي قال: "زين الحديث الصدق، وأعظم الخطايا عندالله اللسان الكذوب، وشر الندامة ندامة يوم القيامة". ابن أبي الدنيا في الصمت، وأبوالشيخ في التوبيخ.
قال عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده: "علِّمْهم الصدق كما تعلِّمُهم القرآن".
وكذلك جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الكذبَ من خصال المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، فقال عليه الصلاة والسلام: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذاحدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر". قالت عائشة رضي الله عنها: "ماكان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب". عباد الله، إن هذه نصوص من السنة وغرر نقول من آثار الصحابة رضي الله عنهم، تبين لنا مدى خطورة الصدق والكذب في القول والفعل، وإن الكذب أيها الناس، لا يقتصر على القول فحسب، بل يكون بالعمل أيضا، فقد ورد في الحديث عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهماعن أسماء:"أن امرأة قالت يارسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غيرالذي يعطيني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور".(صحيح البخاري). قال العلماء: ويدخل فيه كل من يظهر لنفسه فضيلة، وليست له تلك الفضيلة. ومن أنواع الكذب – عباد الله – شهادة الزور، وذلك أشنع جدا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ - ثلاثا–قالوا :بلى! يارسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين،-وجلس وكان متكئا- فقال: ألا وقول الزور!! قال: فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت". عباد الله، اجتنبوا الموبقاتِ كلَّها، وخاصة الكذب، وعلى الأخص ما يسمى "كذبة نيسان" أو كذبة إبريل" فقد جمعت هذه الجريمة في طياتها جرائم ومعاصي عديدة من الكذب والخديعة، والسخرية والاستهزاء! فالله الله! أيها الناس في دينكم وعقيدتكم واحفظوا إيمانكم من الشيطان وأعوانه،ولا تقلدوا الغرب في شيطنتهم، (وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ) الأنعام: 120
بارك الله لنا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا وإياكم بالآي والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.