الآداب والمبادئ الحربية في السيرة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين, والصلوة والسلام على خير خلقه محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين,أما بعد:
فإن السيرة النبوية لم تزل ولا تزال مشعلا وهاجا في غياهب الزمان ودياجير كل مكان, لأن صاحبها –صلي ...

د. محمد صادق حسين(*)

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين, والصلوة والسلام على خير خلقه محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين,أما بعد:

فإن السيرة النبوية لم تزل ولا تزال مشعلا وهاجا في غياهب الزمان ودياجير كل مكان, لأن صاحبها –صلي الله عليه وسلم- كان رحمة للعالمين علي اختلاف نوعيات الخلق والإنسان, أما معاملته مع مختلف الشعوب و الأمم, وملاحظته للقيم والمبادئ خلال الحروب والمعارك خاصة, فهى حقيقة تاريخية مشرقة تكسو المسلمين عزة وشرفا,ولله در من قال:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى, عصمة للأرامل

فالسيرة النبوية غنية بجمالها وروعتها وسحرها على النفوس والعقول, ووقعها منها موقع القبول, وجل ما يحتاج إليه المؤلف أو الباحث, هو جمال العرض, وحسن الترتيب, وجودة التلخيص, ومنهجية البحث العلمي وموضوعيته.

لكن أعداء الإسلام والمسلمين حسدوا النبي محمد–صلي الله عليه وسلم- وحملوا في طيهم نحوه  إحنا دائما, بل أثاروا الافتراءات والشبهات حول السيرة النبوية المطهرة للنيل من صاحبها- صلي الله عليه وسلم- وتشويه شخصيته النيرة, كلما وجدوا فرصة بهذا الصدد, لم يلبثوا أن تمشوا مع طبائعهم القديمة وانتهزوها انتهازا لم يألوا فيه جهدا, حتى اليوم لما تقدمت العلوم وكثرت المعارف وتجلت محاسن الإسلام, لايتخلفون عن إساءة الإسلام ورسوله–صلي الله عليه وسلم, فصدق الله العظيم في كتابه الحكيم:(ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق...) [1]

فقد شهد العالم الإسلامي في تاريخه الطويل مظاهر عديدة متواصلة لعداء اليهود والنصارى للإسلام ونبيه-صلى الله عليه وسلم- والمسلمين, وما رآه المسلمون في العصر الراهن إن دل على شيء فإنما يدل على استمرار هذه الظاهرة التاريخية, فالعديد من الجرائد والمجلات الأوربية نشرت رسوما قبيحة مسيئة للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم, ومن هذه الجرائد جريدة "Die Welte" الألمانية, [2] بدأت سلسلتها في الدنمارك. وفي بعض هذه الرسوم البشعة رسمت سيرة النبي-صلى الله عليه وسلم- في أخبث صورة يعجز القلم عن وصفها, ومن بينها كأنه سفاح وسفاك للدماء – العياذ بالله.

كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين, الذي بذل حياته المقدسة في سبيل إسعاد سائر العالم مخلصا, لا يريد به عوضا ولايبغي به بدلا, وهذه شهادة ربانية لاريب فيها, فإذا كان رحمة للعالمين على حد رب العالمين  فكيف يكون سفاحا؟ وكيف يكون متطرفا قاسيا؟  فلا شك أن ذلك بهتان عظيم, لابد لأتباعه من الرد عليه, وهو من حقوقهم, كما قال ابن قيم رحمه الله تعالى. [3]

        هذا, وقد أصيبت الأمة الإسلامية بمركب النقص في القرون المتأخرة, فبدأت الانحرافات في داخل الأمة, ثم استيلاء الكفار على أكثر بلاد المسلمين بالقوة العسكرية المصحوبة بالغزو الفكري, وان كان هناك حروب فلا يسمح أن تكون لله ولا لإعلاء كلمة الله ولا لإنقاذ المستضعفين في الأرض, وإنما تكون لأجل الوطن ولأجل القومية ولأجل المصالح الاقتصادية ولأجل حفظ التوازن الدولى ونحو ذلك, وإن كان هناك طائفة تريد أن تكون حربها لإعلاء كلمة الله وخفض كلمة الكفر تنهال عليها عبارات الشتم والتنفير, انظروا, إنهم إرهابيون..متطرفون..أعداء السلام.. متزمتون, يرون نشر الدين بالعنف...وغيرها.

من المعلوم أن النضال والصدام قد أشبعت في جبلة الإنسان, سواء كان محاربا أو مدافعا, فشهدت الأرض على وجهها المعمور معارك رهيبة ومناظر دامية منذ خلقها, ولا تزال تشاهد حروبا على مر العصور, وهي حقيقة تاريخية لا تنكر, كأنها صارت طبيعة الأرض التي لا تبقي إلا بها,

قد تكون الحرب نعمة وفضلا من الله, إذا كانت ابتغاء وجه الله تعالى, وإعلاء كلمته هي العليا, وإصلاح فساد الارض, والدفاع عن المستضعفين وغيرها من أهداف سامية. وإلى ذلك أشار الله العظيم قائلا:

( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين.) [4] حتى يستفيد منها أتباع الديانات السماوية المختلفة في كثير من الأحيان أيضا,كما قال تعالى:(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا.) [5]

ولاريب أنها تتحقق مادامت مدبرة ومخططة على ضوء الشرعة الربانية, كما قام بها الأنبياء والرسل وأتباعهم عبر الأمم والقرون, حتى خاتم الأنبياء وسيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم, وما سواها من الحروب والمعارك كلها فتنة, وأظهر نظير لها الحربان العالميتان, فلا بد من إزاحتها لبقاء الإنسانية, ولإزالة هذه الفتن بعث الأنبياء والرسل في كل أمة وفي كل زمان ومكان إلى النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- الذي أرسل كافة للناس, فأوحى إليه الله تعالى آمرا : (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة, ويكون الدين كله لله).[6]

لكن الإنسان خلق ضعيفا, إذا وجد فرصة أراد استغلالها كاملا, إذا ملك قوة وقدرة تفوق على خصمه استخدمها ضده شر استخدام, قد يجاوز حدا إنسانيا فضلا عن الحد الشرعي الرباني, إلا من رحمه الله, كما نشاهد ذلك في الحروب المعاصرة, وأكبر دليل على ذلك حرب العراق التي قتل حتى الآن آلاف مؤلفة من عوام الناس غير المقاتلين, فجاء في تقرير صحفي " قتل فيها ست مائة ألف نسمة".

هذا هو وزير العدل الأسبق (رامزي كلارك) للولايات المتحدة الأمريكية يعترف ما تفعله بلده ضد الشعوب الأخرى في حربها قائلا:" وفي العراق قتلنا 150 ألف شخص في 42 يوما بالقصف الجوي, وفقدنا 157 فردا فقط... وما حدث في العراق كان حرب إبادة, وحوالى مليون ونصف ماتوا, معظمهم أطفال تحت سن الخامسة... وفي فيتنام قتلنا مليون شخص واستخدمنا التكنولوجنا ضد الحياة. هذه هي السياسة الأمريكية الخارجية, وهناك تدخل عسكري أمريكي في مناطق العالم المختلفة. ونحن نشاهد واحدا الآن في أفغانستان.." [7]

نفس الصور الرهيبة نرى اليوم في معركة كشمير بأيدي المحاربين الهناديك, وفي أرض فلسطين بأيدي اليهود الغاشمين.

ومن الحقائق الملموسة أن إحراق المدن بالعشرات والمئات وتقتيل النساء والأطفال والشيوخ دون تمييز قد أصبحا في الحروب المعاصرة وحروب القرن الماضي التي أثارها الغرب قاعدة يومية وظاهرة تتكرر في كل اشتباك وعند كل غارة... ولا يمكن أن يرى الباحث في هذه الحروب غير علامة حاسمة على إفلاس أخلاقي وانتكاس حضاري وفضيحة مخزية لكل ما رددته وتردده أبواق الحضارة الغربية الحديثة. وهي بالتالي تصديق لكل النبوءات التي صدرت عن كبار رجال الفكر والدعوة. فصدق الله العظيم:(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي النياس ليذقوهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون.) [8]

ولا شك أن التكنيت الحديث والتقدم العلمي يستطيعان أن يمسحا آثار الخراب الذي تحدثه الآن هذه الحروب المعاصرة بسرعة لم تعرف في القرون الخالية, لكنها لا تقلل من بشاعة هذه الحروب وآثارها غير الإنسانية. فالجريمة جريمة... والظلم والقسوة يبقيان ظلما وقسوة مهما تكن قدرة الظالمين القساة على مسح آثار جرائمهم من الناحية المادية.

فالكارثة الحقيقية ليست في جانبها المادي وحسب, ولعل الجانب المادي أن يكون أقل جوانب الكارثة خطرا, إن الكارثة الحقيقية هي في النفوس... في زوال الثقة في الإنسان وفي هدم الأحلام الذهبية التي بنتها أطماح رجال الفكر والدعوة وصاغتها أيدي المصلحين ونفخت فيها من روحها قلوب الأنبياء والمرسلين. [9]

هذا, وكان النبي محمد – صلي الله عليه وسلم –  سيد الأنبياء والمسلين,أرسله الله كافة للناس , هاديا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا, بشيرا ونذيرا في كل صغير وكبير, وفي كل وضع من الأوضاع من الحرب والسلم. بل كان رحمة للعالمين, كما وصفه الله تعالى بعد حكاية قصص الأنبياء والرسل قائلا:(وما أرسلناك إلى رحمة للعالمين.) [10]

يجدر بالذكر أن الله تعالى ذكر في كتابه كثيرا من الرسل والأنبياء, لكن لفظ الرحمة فقد استعمل لنبي الإسلام– صلي الله عليه وسلم – وحده, ولم يستعمل لأحد غيره. ونرى أن الله تعالى يقول:(ورحمتى وسعت كل شيء).[11]

فلما جعل النبي– صلي الله عليه وسلم –  رحمة للعالمين جميعا ثبت أن نبوته أيضا تشمل العالمين جميعا. واعلموا أنه لا يتصف برحمة للعالمين إلا ذلك الوجود الطاهر الذي بذل حياته المقدسة في سبيل إسعاد العالم بل العالمين, وفي سبيل رخائهم وفلاحهم وخيرهم وصلاحهم ونهوضهم ورقيهم, لا يريد به عوضا ولا يبغي به بدلا.

ألا إن رحمة للعالمين هو الذي وصل العباد بربهم. والذي طهر القلوب ونور الأرواح وصحح العقول ومهد الطبائع. إن رحمة للعالمين هو الذي عززت تعاليمه السلام العالمي ووطدت توجيهاته المصلحة العامة. كما عرفه الله عز وجل:(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا نذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون). [12]

والذي وجه الإنسان في كل مرحلة من مراحله في فقره وغنائه وشبابه وهرمه وحربه وسلمه وخوفه ورجائه ورقه وسيادته وطربه وورعه وفرحه وترحه. فقال تعالى:(ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.) [13]

ألا إن رحمة للعالمين هو الذي عرف الخلق بخالقهم في علو السماء وحضيض الأرض وظلام الليل وضوء النهار ونور الشمس وإشراق اليراعة وتناثر الذرة وابتلال القطرة. هو الذي جعلت تعاليمه السامية من الوحوش إنسانا والذئاب رعاة والنهاب قادة والعبيد ملوكا والملوك إخوانا ناصحين.

ألا إن رحمة للعالمين هو الذي فجر ينابيع العلوم والمعارف والكتاب والسنة في المفازة القاحلة الجرداء. فصدق تعالى:( هو الذى بعث فى الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين, وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم, ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم) . [14]  هوالذي جعل المستأثرين يتأملون لقومهم ووطنهم, وقال:" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته, فالأمير الذي على الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم." [15]

كان النبي – صلى الله عليه وسلم- رحمة للأعداء ورأفة للخصوم الألداء -أيضا- كما كان للأحباء, فكان رحمة للناس قاطبة, على اختلاف الأنواع والأجناس والألوان والأديان, لأنه كان رحمة للعالمين. هوالذي جعل أعداءه أفلاذ كبده امتثالا بأمر الله:( ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاهآ إلا ذو حظ عظيم).[16]  هو الذي يصرح للكافرين بقوله:( لكم دينكم ولي دين.) [17]

إن رحمة للعالمين هو الذي يعلم البر بالناس والمعاملة الحسنة معهم, فيقول: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين.) [18]

إن رحمة للعالمين هو الذي يأمرنا بالتخلي  عن عواطف العداوة والبغضاء في أمور العدل وبالقيام بالعدل, فيقول:( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون.) [19]

إن رحمة للعالمين هو الذي عرف قيمة نفس الإنسان بهذه الألفاظ:( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.) [20]

إن رحمة للعالمين هو الذي أوقف الحروب الدامية وحرم أن يحارب أحد على مبدأ بسط السيطرة أو تحقيق المطامع التوسعية أو إظهار القوة أو شدة حماسة الانتقام, وإنما جعلها آخر طريق لإعلاء كلمة الله في الأرض ولنصرة المظلوم, وآخر وسيلة لإنقاذ الضعفاء والبؤساء والأطفال والنساء من اليد الظالمة, وآخر حيلة لإقامة العدل وإيجاد التوازن بين الأديان المختلفة, ولا يستطيع أحد مهما كان رحيما أن ينكر الحاجة إلى الحرب في سبيل هذه المبادئ, ولا يتردد رجل عادي أن يجعل هذه الحروب رحمة. [21]

وفي نهاية المطاف يجمل بنا أن نعرض تلك الأحاديث التي تحمل في مطاويها توجيهات نبوية قيمة نحو القواد والمحاربين في كل زمان ومكان. عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال:

 كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  إذا أمر أميرا على جيش أو سرية, أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا, ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله, قاتلوا من كفر بالله, اغزوا, ولا تغلوا, ولا تغدروا, ولا تمثلوا, ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال, فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم, ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم, ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين.

 وأخبرهم: أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين, وعليهم ما على المهاجرين.

 فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم: أنهم يكونون كأعراب المسلمين, يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين, ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء, إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية, فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم, فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.

وإذا حاصرت أهل حصن, فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه, فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه, ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك, فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله.

 وإذا حاصرت أهل حصن, فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله, فلا تنزلهم على حكم الله, ولكن أنزلهم على حكمك, فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا." [22]

وكان النبي – صلى الله عليه وسلم-  يأمر بالتيسير في كل أمر, ويأمر بالتبشير والتسكين مكان التنفير, هذه وأمثاله مكارم الأخلاق التي يحتاج إليها القواد والجيوش في ساحة الحرب أكثر.

فعن أبي موسى قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره, قال: "بشروا ولا تنفروا, ويسروا ولا تعسروا." [23]

عن أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم :"يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا".[24]

فإذا اعتنى القواد والمحاربون اليوم بهذه الإرشادات النبيلة والتوجيهات النبوية خلال الحروب والمعارك التي  يخوضونها, وكانت لإعلاء كلمة الله هي العليا في الأرض ولإنقاذ الإنسانية المنكوبة من براثن الظلم والاضطهاد, لا غرو أن يتمتعوا بنصر الله تعالى والدعم الغيبي, وتكلل تضحياتهم بالفوز والفلاح, كما حظي بذلك أولياء الله تعالى من الأنبياء والرسل وأتباعهم بإحسان عبر القرون, هكذا وعد الله عز وجل في كتابه الحكيم حيث قال:

(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير, الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله, ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا, ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز, الذين إن مكناهم فى الا رض أقاموا الصلواة وآتوا الزكواة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).[25]

فيجب علينا أتباع محمد- صلي الله عليه وسلم- ومقتديه والمعتنقين برسالته أن يعرضوا شخصيته النبيلة عرضا لا يغادر لهم ريبا, ويشرحوا رسالته الربانية شرحا مقنعا, ثم يبينوا المبادئ والأخلاقيات التي لاحظها- صلي الله عليه وسلم-  ويحللوا الأعمال والفعاليات التي قام بها خلال حروب ومعارك تمت تحت قيادته وإشرافه تحليلا شافيا بصفة خاصة, لأن الله عز وجل قال:(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا,) [26]

وفقنا الله جميعا لترسيخ اقتداء الأمة في حياتها بنبيها محمد– صلى الله عليه وسلم-  في سيرته, وعلاج مشكلاتها وفقا لها, وبيان ما في السيرة من رحمة للعالمين وحسن معاملة مع مختلف الشعوب والأمم وضرورة ترسمها في الدعوة والتعريف بالإسلام, ودحض الافتراءات والشبهات حول السيرة النبوية المطهرة.

وصلى الله تعالى على خير خلقه محمد وعلى اله وأصحابه أجمعين.

 _________________
(*)   الأستاذ بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية، بجامعة دار المعارف الإسلامية سابقا، والمترجم في سفارة بنغلاديش بالرياض حاليا.

[1] سورة البقرة:109

[2]  انظر مجلة "البعث الإسلامي", لكناؤ (الهند):مؤسسة الصحافة والنشر, السنة:52, العدد:7, ربيع الثاني 1428هـ/مايو 2007م, ص/44

[3] راجع:هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى, ابن قيم الجوزية, مكتبة الشيخ وتلميذه ابن قيم,الأردن-عمان:مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي, الإصدار الأول عام 1419هـ/1999م, ص/10

[4]  سورة البقرة:251

[5]  سورة الحج:40

[6]  سورة الأنفال:39

[7]  راجع العنوان في الإنترنت:

(http://www.aljazeera.net/programs/no_limits/articles/2002/1/1-12-1.htm#L5)

[8]  سورة الروم:41

[9]  رمضان لاوند في توطئة " الحرب العالمية الثانية"  ص/6

[10]  سورة الأنبياء:107

[11]  سورة الأعراف:156

[12]  سورة سبأ:28

[13]  سورة الأحزاب:45-46

[14]  سورة الجمعة:1-4

[15]  صحيح البخاري (رقم الحديث:853,2278,2416), صحيح مسلم (رقم الحديث:1829), المنتقى لابن الجارود (رقم الحديث: 1094)

[16]  سورة فصلت:34-35

[17]  سورة الكافرون:6

[18]  سورة الممتحنة:8

[19]  سورة المائدة:8

[20]  سورة المائدة:32

[21]  انظر:رحمة للعالمين, محمد سليمان سلمان المنصورفوري, بومبى (الهند): الدار السلفية, عام 14010هـ/1989م, ط-1, ج/2 ص/385-392

[22]  صحيح مسلم (رقم الحديث:1731), سنن الترمذي (رقم الحديث:1617), سنن النسائي الكبرى (رقم الحديث:8765), سنن البيهقي الكبرى (رقم الحديث:17728)

[23]  صحيح مسلم (رقم الحديث:1732)

[24]  صحيح مسلم (رقم الحديث:1734)

[25]  سورة الحج:39-41

[26] سورة الأحزاب:21

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن

اكتب معنا


يمكننا نشر مقالك على شبكة المدارس الإسلامية، دعنا نجرب!

أرسل من هنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024