التفكير: بين الإيجابي والسلبي
يمكن فهم التفكير الإيجابي والتفكير السلبي (مثبت أور منفي سوچ) من خلال بيت شعر لمحمد إقبال بالأردو، حيث قال مخاطباً طائره المفضل:
تندئ بادِ مخالف سے نہ گھبرا اے عقاب
یہ تو چلتی ہے تجھے اونچا اڑانے کے لئے
أي :(لا تخف ، أيها العقاب، من شدة العواصف الهوجاء التي تعارضك؛ فإنما هي تهب لكي تساعد في التحليق نحو الأعالي)..
فالشاعر في هذا البيت يستلهم معنىً إيجابياً من ظاهرة سلبية... وذلك بالنظر إلى العقبات و الحواجز في الطريق (تندئ بادِ مخالف)على أنها فرص مواتية وحوافز تساعد الإنسان على الاندفاع نحوتحقيق النجاح والمجد بمزيد من الجد و الحماس... وبالعكس فإن صاحب النظرة السلبية يعتبر أبسط المشاكل في الحياة وكأنها نهاية الحياة..."يحسبون كل صيحة عليهم"!
وقد عبر شاعر فارسي عن هاتين النظرتين الإيجابية والسلبية في بيت من الشعر بصورة متقابلة رائعة يقول:
تفاوت است میانِ شنیدنِ من و تو
تو غلقِ باب و منم فتحِ باب می شنوم
يعني: "أن ما يميز بيني وبينك يكمن في طريقة استماعنا أو تأويلنا لما يقع في آذاننا من أصوات: فكلانا يسمع صوتاً واحدًا ولكنك تحسبه كأنه صوت بابٍ يُغلق بينما هو عندي صوت بابٍ يُفتح.."
وذلك ما ينصح به خبراء التنمية الذاتية والنجاح المهني في أيامنا هذه بقولهم:"انظر إلى النصف الممتلئ من الكأس(نظرة إيجابية) وليس إلى نصفها الفارغ (نظرة سلبية)"...
وقبل كل ذلك وبعد كل ذلك وفوق كل ذلك يكفيك كلام رب العالمين، خالق الإنسان من طين؛ ثم جاعلٍ نسلَه من سلالة من ماء مهين؛ حيث يقول جل جلاله:"فإن مع العسر يسرًا، إن مع العسر يسرًا".. فالعسر هو الجانب السلبي من الحياة وتقلباتها؛ واليسر هو الجانب الإيجابي منها... والعاقل والمؤمن يستخدمهما كمجداف لسفينة الحياة في خضم محيط الأحداث المتلاطمة الأمواج توكلاً على الله حتى يصل إلى "بر الأمان"...
في أمان الله!
أبو صالح أنيس لقمان
١٧/سبتمبر/٢٠١٩