إن كنت تقول: إن البركة في وسط الطعام
بسبب كثرة الأشغال انقطعت من كتابة المقالات منذ أسبوعين، فأصبح ذاك الانقطاع أكبر حاجز من الحواجز بيني وبين كتابة المقالات، فكم مرة حاولت كسر ذلك الحاجز، لكن محاولاتي لم تكن قوية، فلذا كنت أفشل كل مرة في محاولاتي، حتى جاءني اليوم، فجددت عزائمي وقمت بكسر ذلك الحاجز الذي حال بيني وبين كتابتي من جديد، فالحمد لله بتوفيقه ومنه قد انكسر، وبدأت الكتابة كما كنت سابقا...
فلم يكن لدي موضوع خاص لأكتب فيه إلا أنه كان يجب علي كسر ذاك الحاجز، فلذا كنت عازما على الكتابة، فتذكرت مسألة عجيبة لم يسبق لي أن أسمعها من قبل، والذي أسمعها لم يكن رجلا عاديا بل كان يدعي أنه بحر العلوم والفنون...
يوما من الأيام أحد الأساتذة كان يدرس في البنات، وأنا أيضا كنت جالسا مع ذك الأستاذ، فكان يدرسهن الأحاديث، فمن خلال تلك الأحاديث درس حديثا كان يدل على أن البركة تكون في وسط الطعام، فكان يشرحه ثم يشرحه حتى تلقى سؤالا من قبل الطالبات حول ذاك الحديث...
والسؤال كان معقولا حسب ما درس الأستاذ ذاك الحديث، وهو إحدى الطالبات سألته قائلة: يا أستاذي، إذا كانت البركة في وسط الطعام، فلدي اعتراض، وهو بأن لدينا عادة خاصة في الوليمة حيث أننا نقطع الخبز إلى أربعة أجزاء، فتلك البركة التي تكون في وسط الطعام، أين تذهب؟ وإلى أي جزء من الخبز تذهب؟
فهنالك توقف ذلك الأستاذ قائلا لها: سؤالك قيم إلا أنني لست قادر على إجابته حاليا، فأنا أولا أنظر في الكتب، ثم أخبرك... فلما سمعت كلامه اندهشت إلا أنني لم أقل له شيئا، لأنه كان يدعي نفسه بحر العلوم والفنون، والحقيقة كانت خلاف ذلك...
وبنفسه جاءني وبدأ يحكي حكاية كاملة ما حدثت معه في الصف مع الطالبة، وأنا أيضا تظاهرت أمامه وكأنني لم أسمع شيئا، فسألته: ما حدث معك اليوم؟ فقال لي: أخي، اليوم كنت أدرس حديثا فأفهم الطالبات حول البركة بأنها تكون في وسط الطعام، فسألتني إحدى الطالبات عن تلك البركة حين تقطيع الخبز إلى أربعة أجزاء، حيث أنها إلى أي جزء تنتقل؟ وأنا تقريبا استوعبت الشروحات كلها غير أنني لم أجد إجابة ذلك السؤال، فمن هنا تنتجلي أهمية ذاك السؤال؟... فأنا لم أخالفه ولم أقل له شيئا، بل كنت أيده فيما كان يقول، وفي الداخل كنت أضحك... والتعليق سوف أترك لكم جميعا...