شيء من الماضي
لا غرو أن بعض الصور تتحدث وإن لم يكن حديثها بصوت صادر من فم لكنه يصدر من قلب، ثم ليس هذا فحسب وإنما هي تذكر الناظرين إليها إلي ماضيهم، فكل إنسان لها صور يتعلق بها ذكراه، فأنا أيضا من أولئك الذين قد يتأثرون ويعودون إلى ماضيهم حين يرون مكانا خاصا يعيدهم إلى ماضيهم... لقد مررت اليوم أمام إحدى المستشفيات، ورأيت مكانا قد أرجعني إلى ماضيي، فالحكاية تبدأ من أن جدي رحمه الله تعالى عند ما كان مرضا في أيامه الأخيرة، فجيء به إلى ذاك المستشفى، فذهبت لزيارته فكنت أبحث عنه في داخل المستشفى وهو جالس عند البوابة في الحديقة، فجلست معه وتحدثت فلما رأيت ذاك المكان تذكرت لقائي مع جدي فيه، وتذكرت ما جرى بيني وبينه رحمه الله تعالى من الكلام والمزاح، فكدت أن أبكي ولكني سيطرت على نفسي مسليا نفسي بقول الله عزو جل: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) فقرأت شيئا من القرآن الكريم وأوصلت الأجر إلى جدي رحمه الله تعالى...
أقول أخيرا: إن آباءنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا وغير ذلك ممن سواه نعمة عظمية، فالذي يحظى جميع هؤلاء في حياته هو ذو حظ، والذي لم يجدهم جميعا لكنه وجد البعض منهم فهذا فضل الله ومنه عليه، فعليه أن يقدرهم بكل ما يستحقون به من تقدير واحترام وإكرام، فوالله إن هذه النعمة لن تعود في حياتك بعد ما تفقدها، فقبل أن تفقدها تتفقدها جيدا حتى لا تتأسف فيما بعد...