غير حياتك قبل ضياع الوقت
غير حياتك قبل ضياع الوقت
بينما كنت في صف التخصص في اللغة العربية في حصة الاستماع، وكنت أبحث عن محاضرات الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي في جوالي الذكي، إذ طلعت على الشاشة محاضرة من محاضرات الدكتور بعنوان "غيّر حياتك قبل ضياع الوقت"....فأعجبت بعنوان هذه المحاضرة، وشغلتها في الجوال، وربطت الجوال مع السماعة عبر السلك حتى يستمع الطلاب إليها، ويستفيدوا بها، فإذا بالشيخ يلقي بأسلوب هادئ و بلهجة عربية حلوة جميلة، وكأنه يلقننا أو يوصينا بشيء مثل ما يوصي الأب الحنون أبناءه المطيعين، فبدأ الشيخ بكلامه في ذلك المقطع الصوتي قائلا:
أيها الإنسان، لك عند الله حياة محدودة، و سنوات محدودة، وأشهر محدودة، وأيام محدودة، وساعات محدودة، ودقائق محدودة، وثوانٍ محدودة....
ثم أردفه بهذا الشعر:
دقات قلب المرء قائلة له..... إن الحياة دقائق وثواني.
فاستمعنا إلى تلك المحاضرة، وملخصها أربعة أمور كما يلي:
1. على الإنسان أن يبعد عن نفسه الكسل والتساهل والتواني، ويحوله إلى النشاط والجهد والتفاني؛ فإن الكسل يؤدي إلى ضياع أغلى فرص الحياة.
2. أن يعرف الرجل مقصد حياته، وأنه لم يخلق عبثا وهملا، بل إن وراءها مقصد عظيم، وهو معرفة الله عز وجل، فعلى الإنسان يحدد لحياته هدفا.
3. أن يخطط الإنسان حياته وينظم أوقاته للوصول إلى هدفه المنشود، فينبغي أن يحدد وقتا لكل ما يهمه من أمور الدين والدنيا، فوقت لتلاوة القرآن الكريم ، وقت لقضاء حوائج أهل البيت، وقت للتجارة، وقت لتحصيل العلم، وقت للكلام مع أهل بيته، فهكذا عليه أن ينظم حياته بغاية من الأهمية.
4. ثم لا بد من حسن تنظيم لتلك الخطة، وكثيرا ما يضيع وقت الإنسان بسبب سوء تنظيمه لحياته، فعلى سبيل المثال: طالب العلم يختار وقت الليل لحفظ الدروس، فيشتغل به في ذلك الوقت، لكن حينما يقوم أمام الأستاذ صباحا بالإسماع فيتبين أنه لم يحفظ، وأنه قد ضيع وقته بسبب سوء تنظيمه وتخطيطه للوقت حيث اختار وقت التعب والكسل لأصعب الأمور، وبالتالي احتاج إلى استيناف جهوده في الحفظ................. فلو أنه اختار للحفظ وقت النشاط لما تجشم هذه الصعوبة، وما تكبد هذا العناء أبدا، ولَصَرَف الوقت المتبقّٰى في المهام الأخرى مما لا يتطلب منه انتباها زائدا، واستجماعا كاملا.
فهذه كانت أفكار الشيخ التي لخّصتُها من محاضرته، وفي الواقع محاضرات الدكتور جديرة كل الجدارة أن يستمع إليها الطلاب مرات تلو الكرات، فيجد فيها من اللغة والفكر والدعوة ما يقوي إيمانه ويسدد خطاه، ويثمن حياته، ويدفع كسله وتوانيه، نسأل الله أن يسلك بنا مسلك العلماء الربانيين، ويوفقنا لتنظيم حياتنا واستغلال أوقاتنا واستثمار أنفاسنا، إنه ولي التوفيق.