ترى من عبث بأغراضي وكتبي: من سلسلة يومياتي بقلمي.
خلاف العادة صباح اليوم بعد أداء صلاة الفجر استلقيت على السرير لآخذ قسطا من الراحة وكان الجو معتدلا فكنت أشعر نوعا من البرودة، فغفوت مباشرة، ولست أدري من دخل الغرفة ولعب بكتبي وأغراضي لأني لما استيقظت فرأيت أن أحدا دخل الغرفة وحرش كتبي وأغراضي فلذلك صارت مبعثرة في كل مكان، فظننت أنه يكون ابني الأصغر، وقد تبدل ظني في يقيني لما علمت أنه بالفعل كان هو.
كيف علمت؟ هذا الاستفسار يوجهه إلي كل قارئ. فردي على استفسار كل من يوجهه إلي هو أنني لما نمت فبعد مضي ساعتين جاء ابني وأيقظني من النوم قائلا: أبي أبي أريد قلمك. فلم أفهم في البداية ما يقوله لي. فأجبته نعم ما ذا تريد وأنا في نوم. فكرر كلامه قائلا: أبي أريد قلمك. ففهمت وأعطيته قلمي ثم عدت إلى النوم. ثم جاءني بعد مضي عشر دقائق قائلا: أبي أبي خذ قلمك. فأخذته ثم أردت العودة إلى النوم مرة أخرى، فقال لي: أبي هل تتناول الفطور؟ فقلت له: نعم. فذهب وأحضر الفطور وهو صغير لكنه يفهم كل شيء. فجلست وتناولت الفطور، ثم سألته: هل دخلت غرفتي من قبل؟ قال لي: نعم، يا أبي حضرت، ونسقت كتبك وأغراضك ونظفتها ومسحت عنها التراب. فتيقنت أنه هو لعب بكتبي وعبث بأغراضي. فقلت له: شكرا لك يا بني. فخرج من الغرفة مرددا كلمة "شكرا لك" شكرا لك" فضحكت ثم أردت كتابة هذه اللحظة التي أسعدتني وأدخلت أكبر سعادة في قلبي، وتذكرت طفولتي ولكن ذكرياتها لا تحضر في دماغي، وكيف تحضر؟ لم تكن مسجلة كما أسجل ذكريات طفولة أبنائي، وهي تحضر كلما يعود إليها أبنائي ويقرءونها، فيذكرونها ثم يضحكون عليها. وربما يقولون في قلوبهم: ما ذا كتب أبونا؟ ألا وجد غير هذا الموضوع؟ أعني أسئلة ترد في أدمغتهم حيث لا تنتهي سلسلتها ويستحيل علي إجابات جميع أسئلة يوجهونها إلي.