اليوم التاسع عشر: من يومياتي في شهر رمضان عام 1442هـ

      إن هذا اليوم هو أسعد يوم في حياتي! حيث لما فتحت عيني من النوم بشرني أحد أفراد الأسرة بخبر قد أثلج صدري، وطير نومي بشدة الفرح والسرور والبهجة. فلست أنا وحدي مسرورا، بل أفراد أسرتي كلهم يشعرون بهذا الشعور. فقدوم جدتي من الأم التي هي أخت جدتي من الأب والتي توفيت قبل عدة سنوات، يملأ ذلك الفراغ، فيكون نفس الشعور على المائدة، حيث تتصرف جدتنا من الأم وكأنها هي جدتنا من الأب، فتنظر إلى صحن كل واحد من الجالسين، ثم تنظر من الذي صب كثيرا من المرق في الصحن، فإذا عثرت على أحد أنه صب مرقا في صحنه أكثر من حاجته فلا خير له. تغضب عليه، وتسمعه أمام الجميع، والهدوء يكون تاما بسببها. فإن أبقى أحدنا شيئا من المرق في الصحن أيضا لا تتركه بل تجبره على تناوله تماما. فيكون كلامنا فيما بيننا بالإشارات حتى لا تسمع جدتنا، فإن سمعت أحدنا يتكلم أثناء تناوله الطعام فلا بد له أن يتلقى عقابا على هذا من قبل جدتنا من الأم.

      فما تراه أعيننا من الغضب والعقاب فهو في الحقيقة لا يكون غضبا ولا يكون عقابا، بل هو شفقة في إطار الغضب، وما عندي كلمات أصف بها ذلك الشعور الذي يشعر به كل واحد من أفراد الأسرة، فالجميع يتمتعون بهذه اللحظات المباركة. وأنا خاصة في مثل اللحظات لا أفوت فرصة، فأزعج جدتي قليلا بتصرفاتي، حيث أتصرف أمامها بعض التصرفات وكأني لا أعلم شيئا، فيزاد غضبها، فتصرخ في وجهي أمام الجميع: كبر جسمك ولكن عقلك لا يزال صغيرا. وهذه الكلمات تطنطن في أذني، فما أجملها! لو كان عندي ماء الذهب لكتبتها به ولكن للأسف لم يكن حاليا، فلذلك كتبتها في سلسلة يومياتي في رمضان حتى تبقى خالدة في ذكرياتي، فكلما أعود إليها أتذكر القصة بأكملها.

      فالأيام التي قضيناها مع جدتنا من الأب لن ننساها، فهي أيضا كانت تفعل كما تفعل جدتي من الأم الآن. وخاصة في شهر رمضان كل واحد من أفراد الأسرة يفتقدها، ويذكر محاسنها. فعند ما نجلس معا بعد المغرب أم بعد العشاء فكل واحد من أفراد الأسرة يذكر شيئا من ذكرياتها، فالجميع نتمتع بها، ولكن الآن طبعا هي توفيت ورحلت وتكون في الجنة، إن شاء الله ـ نلقاها في الجنة بإذن الله.

أ.د.خليل أحمد


مجموع المواد : 507
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025