اكتب ما يوحي به خاطرك
أكون جالساً و أستحضر ذهني و أبحث عن موضوع أقيِّد ما يوحي إليَ خاطري و يعصر لي من أفكارٍ و نظرياتٍ متنوعة خلابة أخاذة، كلُ ما يخطر ببالي و يقيده فكري و ينسجه خيالي هو من وحي الخاطر، الخاطر يوحي إليَ و يغذيني و يفعمني بهجة و سرورا، أنا أخطو خطواتي وراء ما يوحي إليَ خاطري، إذا كان الخاطر سليماً يسرّني و يهبني الكلمات الرصينة و التعابير الجميلة اللذيذة التي تلائم ذهني و فكري، أكبر ثروة أدبية أملكها و أستغلها لبيان خواطري هي ما يوحيه إلي الوحي الخيالي.
الكاتب الألمعي المبدع هو الذي يقيد ما يفيضه خاطره و لو في أبسط الكلمات و التعابير، و يلهمه و يهبه خاطره الأدبَ و ما يدور في فلكه، أن يغوص الكاتب في أعماق مشاعره و خياليه لكي يستنجد ما يفيضه خاطره.
الخيال هو أكبر هبة إلهية يهبها الله لمَن شاء من عباده، كم يطيب أن نقيّد ما يخطر ببالنا و ينسجه خيالنا و يعصره الوحي الخيالي، كم يطيب أن نسجّل ما يتخيل إلينا و ما يفيضه خاطرنا، بعض من الكتابات أحوج إلی شيء كثير من وحي الخاطر، وذكرالدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه الأدب وفنونه عن فن الخاطرة : "وهذا النوع الأدبي يحتاج في الكاتب إلى الذكاء، وقوة الملاحظة، ويقظة الوجدان". و هذا النوع من ما يوحيه الخاطر و يقيده الكاتب من أمتع و أحلی و أسمی أساليب الكتابة، و يغلب الجانب الوجداني؛ لولاه لصار مقالنا علميا فحسب.
لازم أن يغلب علينا ما يفيضه و يوحيه الخاطر و يهيجنا و يحرك ساكننا و يشعل مشاعرنا و يطربنا و يجرنا وراء ما يعصره الوحي في خاطرنا، بأن يكون الكاتب حرّاً فيما يكتب و يسجل، و لايهمه ما يقال وراءه، و ما يوحيه الخاطر لايحتاج إلی البراهين و القوانين، بل هو مستقل بكافة أشكاله،للخاطرة مساحة واسعة و المشاعر الصادقة من فرح وحزن و حـب وشوق وفخر و عزة. أنا لا أملك القلم إلا بعدما يفيض خاطري و يوحي إليَ و يهيجني و يطربني و يشوقني و يلهمني ما يحرك مشاعري و أحاسيسي و شوقي.
كم يطيب أن يعتني الكاتب بنفسه و شعوره، يحترم مشاعره و يعيش في كِنفها، يزاولها و يجول في ساحتها و يقدم صورة واقعية واضحة عنها للقارئين، يمتعهم و يشوقهم إلی قراءة مشاعره و خواطره، يشاركهم فيما يوحي إليه خاطره.
اليوم الثاني من ذي الحجة 1441ھ