لغة قبلتها شفتا حبيبنا ...
منذ أن فتحت جوالي اليوم بدأت الرسائل ترد على حسابي بشكل سريع شخصيا حينا وجماعيا على مجموعات الواتس المنوّعة آخر، فلما بدأت أتصفحها وأفتحها واحدة تلو الأخرى، فإذا بي وجدت بعضها تصب في مستنقع، وترد في منهل، وتتفق وتأتلف في موضوع، وهو الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الثامن عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول، فمعظمها تحمل في طياتها فضل اللغة العربية وتفوقها على اللغات الأخرى و وبيان فصاحة مبانيها و بلاغة معانيها وعذوبة كلماتها ورشاقة أساليبها وما إلى ذلك من مدائحها ومناقبها، فجلست لأدلي بدلوي في هذا المضمار، وأشرّف قلمي وأجرب حظي بالكتابة على جانب من جوانب من فضلها، ففتشت في زوايا ذهني، فوجدت فضائلها قد سارت بحديثها الركبان، وامتلأت بسماع فضائلها الآذان، ومشت على كل لسان، فكدت أدع القلم، ولكني توقفت وفكرت قليلا، فأفضى بي فكري إلى فضل للغة العربية لو لم تكن الفضائل الأخرى التي تحلت بها، ولو لم يكن بعدها ما لها من الفصاحة والبلاغة والمزايا الأخرى- وهي كثيرة ودارجة على اللسان والأقام - لكفاها شرفا وفضلا، ولو لم يكن ذلك الفضل لكانت هي كلغة عادية مثل اللغات الأخرى، وهذا الجانب من فضلها أكبر باعث على الاهتمام بها والتنويه لها، وأعظم داع إلى النطق بها وتنمية المهارات والقدرات نحو الكتابة والخطابة بها، وهو أنها قد قبلت كلماتها شفتا حبيبنا وحبيب ربنا - عليه أزكى الصلوات وأتم التسليمات -، نعم، إنه - عليه الصلوة والسلام - قد نطق بها، والتزمها طوال حياته، ولم يتكلم بغيرها من اللغات في جملة من أحواله، في سرائه وضرائه، و شدته ورخائه، في خلواته وجلواته، وبيته ومجلسه، في جده ومزاحه، فكان يخطب بها بين حين لآخر، خطبة تذرف بها العيون، وتوجل منها القلوب، فهي لغة اختارها الله لآخر كتابه، ولخاتم أنبيائه، فهذا هو شرف لو لم يكن بعده من شرف لكفانا، وهذا هو فضلها لو لم نعرف من فضله غيره لأغنانا.
انطلاقا من ذلك، فيجدر بكافة عشاق اللغة العربية والناطقين بها أن ينووا في الالتزام بها إتباع حبيبهم صلى الله عليه وسلم بالتشبه به في لغته؛ ليزدادوا بهذه النية حلاوة إلى حلاوتهم، وليكن هذا الفضل بمرأى منهم ومسمع عند التزام النطق بها، لنحيي بذلك سنته الكريمة، وعسى أن يحشرنا الله بذلك في زمرته وحزبه، وتحت لواءه في رفقته، وماذلك على الله بعزيز.
???? يوسف عبدالرحمن الخليلي
٢١/ربيع الثاني/ ١٤٤١ ھ
# اليوم العالمي للغة العربية