ترامب والإرهاب الإسلامي!!
الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب خلال حفل تنصيبه ضمّن أهم تطلعات الرجل حيال العالم عامة والعالم الإسلامي خاصة. فقد وصف الإسلام بالتطرف وصرّح على أنه سيوحد العالم بهدف محو الإسلام المتطرف من على وجه الأرض على حد زعمه. وقد قال في تصريحات أخرى إنه يعتقد أن الإسلام يكره الأمريكيين. وأنه من الصعب التفريق بين الإسلام والإسلام المتطرف. وبناء على ذلك يجب على الأمريكيين الحذر من المسلمين. ولتنفيذ هذه الخطة أصدر قرارا يمنع مواطني 7 دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة. كما وعد الجيش بالدعم الكامل حيال محو الإسلاميين الراديكاليين على حد تعبيره.
إن مثل هذه التصرفات والخطابات المستفزة والمثيرة أثارت ضجة كبيرة في الأوساط الإسلامية وغير الإسلامية، كما أثارت ردود فعل مختلفة على المستوى الدولي وحتى الداخلي حيث قوبلت قراراته بالرد والإدانة.
وعلى الصعيد الإسلامي فقد أدان المسلمون شرقا وغربا هذه القرارات المستفزة ووصفوها بالعنصرية، وبعضهم تنبأ بسقوط أمريكا وصحوة المسلمين وإثارة مشاعرهم. وتوقع البعض أن الداخل الأمريكي في عهد ترامب سيعيش انقسامات اجتماعية وسياسية وأزمات اقتصادية حادّة وغير مسبوقة منذ عقود. بينما يرى البعض أن مثل هذه التصريحات والتصرفات ربما تتسبب في إشعال الحرب بين الإسلام والغرب، وربما يقوّي التطرف والإرهاب.
وبغض النظر عما تحتويه هذه الخطابات والقرارات من البغض الشديد بالنسبة للإسلام فإنها تكشف عن الوجه الحقيقي لأمريكا وشعبها. إن ترامب في حملاته الانتخابية وقبل أن يتولى الرئاسة قال غير مرة في تصريحاته أنه سيمنع المسلمين من دخول أمريكا حال فوزه. إذن لا غرابة أن يواصل منهجه العدائي والعنصري. والغريب عكس ذلك.
إن المسلمين في أمريكا يشكّلون 2% من الشعب الأمريكي، وقد وجد المسلمون في أمريكا منذ ميلادها، وهم أكثر أقلية متنوعة عرقيا في هذه البلاد. وتقول التقارير أن المسلمين في أمريكا مثقفون بصورة أفضل من أغلب الأمريكيين. وكثير منهم رجالا ونساء يحملون شهادات عالية. وهم أكثر التزاما بالقوانين، وتقول الإحصائيات أن الأعمال الإرهابية التي تمارس في أمريكا معظمها من غير المسلمين. إذن لم هذه التصريحات العدائية؟ ولم هذه الخطابات المثيرة؟ ومن يقف وراءها؟
إذا تتبعنا تاريخ أمريكا ندرك أن عداءها قديم قدم التاريخ الإسلامي، إن تاريخ أمريكا مليء بالأحداث الدموية والوحشية حيال الإسلام والمسلمين وإنها لم تتوقف يوما عن الإيقاع بالمسلمين في أي بقعة من بقاع الأرض. وإن من السذاجة بمكان أن نقول بأن ترامب هو الأول في أعماله العدوانية، وأن الرؤساء السابقين كبوش وأوباما و... كانوا يلاطفون المسلمين ويتعاطفون معهم. لذلك لا غرابة في هذه التصريحات وبخاصة لمن له أدنى معرفة بالطبيعة الأمريكية.
ويبقى هنا ماذا ينبغي أن يكون رد فعل المسلمين؟ هل يقاطعوا الغرب بالكامل ولا يتبادلوا معه، أو يتسابقوا إلى تملقه وتعاطفه حتى لا تلصق إليهم التهم، ويحصلوا على ثقة الغرب وعطفه؟
ولا شك أن المسلمين كغيرهم لهم مصالح في الغرب وفي أمريكا، ولهم التبادل التجاري والعلمي، لذلك أثار القرار مشاعر التجار المسلمين أكثر من غيرهم. ولا شك أن هناك مصالح مشتركة بين المسلمين وبين الغرب وخاصة فيما يتعلق بالتبادل التجاري والعلمي، لذلك من الصعب بمكان قطع هذه الروابط والتبادل. ولكن نحن المسلمين كأمة ذات رسالة سماوية لها كيانها وثقافتها وصبغتها الإلهية الخاصة ينبغي أن نترك يد التسول إلى من لا يؤمن بمبادئنا ويحارب ديننا ويصفه بالإرهاب والهمجية. ومن الخير لنا أن نفضل أوطاننا للسكن والعيش، وأن نحرص على تطوير بلادنا وتربية أبناءنا، بدل البقاء في دول العدو وتحت انتدابهم. وضياعهم في المجتمع الأميريكي الفاسد، وانصهارهم في بوتقة الحضارة الغربية المتعفنة.