ولا تقف ما ليس لك به علم
س : يقول: قال الإمام الرازي ـ رحمه الله ـ في حديث النزول كلامًا مفحمًا مفاده: أن النزول لو كان حقيقيًا بالمعنى المفهوم منه فهو لا يخلو من أمرين: إما أن ينزل بالعرش. وإما أن ينزل من دون العرش. فنزوله بالعرش محال لأن العرش أكبر من السماوات والأرض "وسع كرسيه السماوات والأرض" والكرسي أصغر من العرش! ونزوله من دون العرش مخالف لعقيدتكم في تفسير الفوقية على العرش بفوقية المكان، لأنه سيكون حينها تحت العرش ـ تعالى الله علوا كبيرا. فما الجواب عن ذلك؟! الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فمجرد النقاش العقلي للنزول بدعة. الرسول صلى الله عليه وسلم كان اعلم مني ومنك وكذلك الصحابة وكذلك الأئمة الأربعة وكذلك خير القرون وهي الثلاثة الأولى ولم يناقشوا ذلك نقاشا عقليا ولا نظريا. فلماذا لا يسعك ما وسعهم. لماذا الدخول في علم الكلام ونفترض أن كلامك هو الحقيقة فما الفائدة الإيمانية الجديدة التي أضفتها للمؤمنين، والنص موجود من زمن النبوة والرسول رحل إلى ربه بعد أن تم الدين وكمل. والله تعالى يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم) وهذا امر غيبي لم يخبرنا الله عن تفاصيله، وطلب منا أن نؤمن بالغيب على المجمل بقوله تعالى: (هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب) (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). فما الذي يضرك لو قلت سمعنا وأطعنا. وما الذي يضرك لو قلت آمنا به كل من عند ربنا. وما الذي يضرك لو قلت: هو سبحانه كما أخبر، وعلينا تصديق الخبر، دون البحث في كونه حقيقة أم مجازا، لأن ذلك مما وراء العقول. وماذا ينفعك بأن تفتح على المسلمين باب الخلاف والجدل، وما أهمية تفصيل قضية النزول بالنسبة للعقيدة فهل يتوقف عليها إيمان وكفر؟! لو كان ذلك كذلك ما تركها النبي صلى الله عليه وسلم دون بيان. فلماذا تركها؟ هل تركها لأنه جهلها؟! فهل يجهلها وتعلمها أنت؟ أم تركها لأنه قضية غيبية نمررها على التسليم؟ فلماذا لا تتأسون بنبيكم وتتركونها مثله. لو كانت من مسائل الفروع الفقهية لقلنا إن الاجتهاد مفتوح، والخلاف قد يسع الجميع، فلماذا العبث بالغيب والعقل والوقت والأمة. هدانا الله وإياكم.