تخريج قول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما: أشجاع في الجاهلية و خوار في الإسلام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته س: أريد تخريج قول أبي بكر الصديق رضى الله عنه لعمر رضى الله عنه "أشجاع في الجاهلية و خوار في الإسلام".
وعلیکم السلام ورحمة الله وبركاته ج : ورد هذا القول بلفظ : أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام. هو طرف من حديث طويل ذكره ابن الأثير في جامع الأصول: 8/605، بدون إسناد كما هو صنيعه فيه عن عمر رضي الله عنه وقال : أخرجه... وترك بياضا كما في الأصل، وفي المطبوع : أخرجه رزين.
وذكره المحب الطبري في الرياض النصرة في مناقب العشرة: 1/45،68، وقال : خرجه النسائي، ولم أجده. ونسب المتقي الهندي في الكنز إلى المحب الطبري.
ولم يصح أن سيدنا أبا بكر رضي الله عنه قال لسيدنا عمر رضي الله عنه : أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام ، عندما استشكل عمر رضي الله عنه قتال مانعي الزكاة، والرواية التي جاء فيها هذا اللفظ أخرجها الدينوري في المجالسة وأبو الحسين بن بشران في فوائده والبيهقي في الدلائل واللالكائي في السنة وابن عساكر في التاريخ كما نسبها إليهم علي المتقي في الكنز، كلهم من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي ولم تصح، وعليه حملها. وذكرها السيوطي في الدر المنثور من طريق البيهقي ابن عساكر .
قال الذهبي في تاريخ الإسلام : 1/672 بعد ما ساق الخبر وفيه قوله : جبار في الجاهلية وخوار في الإسلام : وهو منكر سكت عنه البيهقي، ثم ذكر إسناد البيهقي وقال : وآفته من هذا الراسبي يعني عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي فإنه ليس بثقة مع كونه مجهولا، ذكره الخطيب في تاريخه فغمزه.
وقال في ميزان الاعتدال في ترجمة هذا الراسبي : وأتى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن صبة بن محصن عن أبي موسى بقصة الغار وهو يشبه وضع الطرفية. أقره الحافظ في اللسان، وكذا في الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث.
تنبيه : ولم يستشكل سيدنا عمر رضي الله عنه قتال مانعي الزكاة خوفا ولا خوارا، ولا يعرف ذلك من سيرته، بل عرف شجاعته وتصلبه في الدين، ولم يتهمه بذلك سيدنا أبو بكر رضي الله عنه.
وهذه كانت مسئلة فقهية، إنما خالف عمر أبابكر رضي الله عنهما فيها باجتهاده بداية حيث رأى عصمة دمائهم بشهادتهم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولما بين له الصديق رضي الله عنه رأيه واقتنع به عمر رضي الله عنه وشرح الله له صدره وافقه فيه.
والرواية الثابتة فيها ما أخرجها البخاري في صحيحه ، وليس فيها هذا القول : أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام. وفيه : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس.... إلى أن قال عمر رضي الله عنه : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
هذا وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وبارك وسلم.
أبو الخير عارف محمود الجلجتي ٧جمادى الثاني ١٤٤١ھ.