تخريج الحديث وشرحه : من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار
س: سيدي ممكن تخريج الحديث وشرحه لو تكرمت : "مَنْ نَظَرَ فِى كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِى النَّارِ" .
ج: هذا جزء من حديث أخرجه أبو داود في الدعاء أواخر الصلاة من حديث عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس به مرفوعا ... وقال إنه روى من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضا. يعني لما فيه من جهالة المبهم الذي تظاهرت عدة روايات على أنه هشام بن زياد المكنى بأبي المقدام منها ما لابن منيع في مسنده حدثنا يزيد حدثنا هشام ومنها للقضاعي من حديث حبان بن هلال حدثنا أبو المقدام وحينئذ فهو مشهور الضعف. (ينظر: المقاصد الحسنة للسخاوي)
قال الحافظ في فتح الباري (5/ 77) : سنده ضعيف. قال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (32/ 487) : هذا حديث ضعيف .
شرح الحديث : قال العيني في شرحه لسنن أبي داود (5/ 400) : قوله: " فإنما ينظر في النار " قيل: هو تمثيلٌ أي: فليحذر هذا الصنيع كما يحذرُ النار، إذْ كان معلومًا أن النظر في النار والتحديق لها يضر بالبصر، ويحتملُ أن يُريد بالنظر الدنو منها , لأن النظر إلى الشيء إنما يتحقق بقرب المسافة بينك وبينه. وقيل: معناه: فإنما ينظر إلى ما يُوجب عليه النار فأضْمره. وزعم بعض أهل العلم انه أراد به الكتاب الذي فيه أمانة وسرّ، يكره صاحبه أن يطلع عليه أحد دون الكتب التي فيها العلمُ، فإنه لا يحل منعه، ولا يجوز كتمانه، وقيل: هو عام في كل كتاب , لأن صاحب الشيء أولى بماله، وإنما يأثم بكتمان العلم الذي يُسأل عنه، فأما أن يأثم في منعه كتابًا عنده وحبسِه عن غيره فلا وجه له. واللّه أعلم.
الاستنباط الفقهي : جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (3/ 157) بعنوان : الاِسْتِئْذَانُ لِلنَّظَرِ فِي كِتَابِ غَيْرِهِ : 37 - إِذَا أَرَادَ الشَّخْصُ أَنْ يَنْظُرَ فِي كِتَابٍ فِيهِ مَا يَخُصُّ غَيْرَهُ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ قَبْل النَّظَرِ ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَال : قَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ لِئَلاَّ يَفْتَضِحَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ سِرٌّ . وجاء أيضا في الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 191) تحت عنوان : النَّظَرُ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ : 31 - الأَْصْل فِي النَّظَرِ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ (2) . قَال ابْنُ الأْثِيرِ فِي النِّهَايَةِ : هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ سِرٌّ وَأَمَانَةٌ يَكْرَهُ صَاحِبُهُ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ ، قَال : وَقِيل : هُوَ عَامٌّ فِي كُل كِتَابٍ (3) . وَقَال الْمَرْوَزِيُّ : قُلْتُ لأَِبِي عَبْدِ اللَّهِ : رَجُلٌ سَقَطَتْ مِنْهُ وَرَقَةٌ فِيهَا أَحَادِيثُ فَوَائِدُ فَأَخَذْتُهَا ، تَرَى أَنْ أَنْسَخَهَا وَأَسْمَعَهَا ؟ قَال : لاَ ، إِلاَّ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا (4) . وَقَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ : الأَْثَرُ الْوَارِدُ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّظَرِ فِي كِتَابِ الْغَيْرِ يُخَصُّ مِنْهُ مَا يَتَعَيَّنُ طَرِيقًا إِلَى دَفْعِ مَفْسَدَةٍ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ مَفْسَدَةِ النَّظَرِ (5) .
(1) نهاية المحتاج 4 / 319 ، وأسنى المطالب 2 / 193 . (2) حديث : " من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار " . أخرجه أبو داود ( 2 / 164 ) من حديث ابن عباس ، وضعف إسناده ابن حجر في الفتح ( 11 / 47 ) . (3) الآداب الشرعية 2 / 175 - 176 . (4) الآداب الشرعية 2 / 177 . (5) فتح الباري 11 / 47 .
جمعه ورتبه : أبو الخير عارف محمود الجلجتي عفي عنه.