حوار حول تعريب كلمة "واتساب"
"تطماخ"
حوار على الـ"واتساب" حول تعريب كلمة "واتساب"!
صديق ع: السلام عليكم.. أحد الأخوة أطلق على (الواتس آب) اسم (الوثاب).ما رأيك؟
أبو صالح: وعليكم السلام، ما شاء الله... هذا حماس متوثب لتعريب المصطلحات التقنية الحديثة!
الاصطلاح عندي هو لفظ اصطلح عليه الناس ليدل على مفهوم معين سواء أكان ذلك سماعاً أو قياساً أو تواضعاً أو توارثاً ومحاكاةً وحتى لو كان اللفظ الذي جيء به كبديل/ترجمة لمصطلح لغة أخرى يرمز إلى معنى نظيره الأصل بشكل جزئي فقط أو ربما يحمل معنىً مغايرًا بشكل جزئي أو كلي... ولكن ما دام هناك اتفاق ضمني أو صريح على ما يقصد به تحديدًا فيصح أن يعتبر ذلك مصطلحاً مقبولاً ومتداولاً كما أطلقت العرب "السليم" على الملدوغ... هذا اصطلاح العامة وهو الأعم ... وأما اصطلاح الخاصة أو العلماء المعجميين والمثقفين فيراعى عند وضع الاصطلاح أن يتضمن الإيحاء بالمقصود على وجه الدقة والوضوح والشمول قدر المستطاع ... وعليه يمكن أن نقر "الوثاب" وربما "الوهاب" اصطلاحاً عامياً معرباً لـ"واتساب" للتشابه الصوتي بين الكلمتين إذا قبله العامة مثلاً... وأما من وجهة نظر الخاصة (العلمية أو المعجمية) فلا بد من النظر ما أمكن في مقاربة الأصل ليس صوتياً وإنما من حيث المفهوم العلمي أو التقني أو الممارسة الفنية أو التوجه الثقافي ...الخ...
ومن هذا المنطلق فإن "واتساب" مزيج من ثلاث كلمات: What+is+App...حولها الواضع عن طريق الدمج أو الإدغام الصوتي إلى كلمة واحدة مثل الحوقلة والبسملة والحيعلة ...الخ... وكأنه قصد بها عند النحت أن يثير جرس اللفظ بمجرد النطق بها مشاعر التعجب والاندهاش عند الناس... وأما المعنى الحرفي لهذا المركب الثلاثي كما أفهم أنا هو: "ما هذا التطبيق أو ما أروعه من تطبيق!!" ومن الواضح أن الوثاب كلمة عربية أصيلة ومتداولة بمعناها المعروف فهي لا تصلح أن تكون مصطلحاً علمياً معرباً لـ"واتساب" إذ لا يوجد بين اللفظين أدنى تقارب في المدلول والمفهوم وإن أشبه أحدهما الآخر في الصوت...
ولعلك تطالبني الآن باقتراح مصطلح معرب بديل لـ"واتساب" من حيث المعنى والمفهوم وليس من الناحية الصوتية فقط! فما يسعني هذه اللحظة إلا أن أقترح نحت كلمة "مَطْبيق" وأفسره على أن أصل الكلمة مركب ثلاثي تعجبي: "ما هذا التطبيق!" وتم الدمج أو المزج بينها للاختصار والتخفيف قياساً على تسمية مدينة "سر من رأى" بـ"سامراء"!
مداخلة من صديق ن: يبدو لي أن اسم whatsapp ما هو إلا تلاعب فيه إشارة إلى العبارة الدارجة. What's up? ما الأخبار? ما الجديد? ونحوها.
أبو صالح: التلاعب موجود في الكلمة من خلال دمج الكلمات الثلاث في واحد على كلا التفسيرين... ولكن لو كان المقصود هو what’s up بالتعبير الدارج بمعنى "ما الأخبار؟" فربما لم يُكتب حرف A كبيرًا فإنه يوحي باستقلالية ما بعده عما قبله شكلاً ومعنىً كما جرى في العالم الرقمي اختصار App لكلمة Application أي التطبيق... ولذا ترجح عندي التفسير الأول...
صديق ن: وجدت معجم التأثيل الغربي يوافقني..حيث يقول: “(WhatsApp) blend of what's up + app, coined as a trademark”
أبو صالح: ما شاء الله ...أحسنت.. ولكنه أيضاً يوافق تفسيري لأنه يؤكد فقط أن الكلمة مزج رباعي وليس ثلاثياً إِذْ يبقى App بمعنى التطبيق جزءً أصيلاً متمماً لها مع إضافة حرف الجر up في الوسط... وليس هناك تلاعب بتحويل Up إلى App إلا في عملية الدمج والمزج المسموحة لغوياً في الإنجليزية وغيرها...
صديق ن: من وجهة نظري أن App و up لهما نفس التلفظ لذلك هو أقرب للتلاعب اللفظي..
أبو صالح: اسمح لي يا أخي الفاضل (على سبيل إثراء النقاش الموضوعي وليس على سبيل المماحكة والجدل الفارغ) بتأكيد أن الكلمة تركيب مزجي رباعي دون تلاعب وإنما هو إدغام up صوتياً في App كما يحصل في الأصوات العربية المتقاربة المخارج (مثل ما بين النون والميم في "مِنْ+مَنْ+معك=ممن معك) وكما حصل بالإنجليزية مثلاً في اسم أكبر متجر ألعاب الأطفال في العالم تويز آر أص Toys ‘R’ Us ونحو ذلك.
على أن هناك تغييرًا جوهرياً سيطرأ على المعنى بناءً على اكتشافك التأثيل الرباعي لمصطلح "واتساب" باعتباره مزيجاً مكوناً من "وهات+ إز+ أب+أيب "؛ إِذْ تتحول معه العبارة إلى جملة خبرية وليست تعجبية كما كنت أظن قبلئذ .. وعليه فيكون معناها بكل بساطة: "تطبيق ما آخر الأخبار" وبالتالي لا يعبر اسمي المقترح سابقاً "مطبيق" المنحوت من العبارة التعجبية المفترضة: "ما أروع هذا التطبيق!" عن المراد الحقيقي بدقة وهو خبر دون التعجب...ولكن يمكننا الآن نحت كلمة رباعية أخرى كبديل معرب لـ"واتساب" من أصل أو أثل العبارة الخبرية: "تطبيق ما آخر الأخبار" ألا وهي: "تطماخ" ورنينها الصوتي كما ترى -أعزك الله-أقوى من "مطبيق" وأفخم حتى من الأصل الإنجليزي "واتساب"!
وختاماً نقول في شرح هذا اللفظ المنحوت الأخير "تطماخ" نفس ما قلناه في اللفظ المنحوت سابقاً "مطبيق" :إنه مزج تحويلي للعبارة الأصلية "تطبيق ما آخر الأخبار" على غرار تحويل تسمية"سُر من رأى" إلى "سامراء"...
واختتم الحوار صديق ن بورود الختام
هذا، وتحياتي العطرة لكل الغيارى على الضاد الواقفين للذب عنها بالمرصاد الحريصين على إثرائها وتخصيبها بما يضمن انتشارها ويعزز مكانتها في ربوع البلاد وقلوب العباد دون المساس بأصالتها ونقاوتها لأنها لغة خالدة خلود ما حوته من كتاب الله إلى يوم التناد بل وإلى ما بعد النشور والمعاد أبد الآباد!
أبو صالح أنيس لقمان