مقال: كيف تعرف الحديث الموضوع بقطع النظر عن السند؟
تمهيد: هذه المقالة مسماة بـ"التلخيص اللفيف للمنار المنيف في الصحيح والضعيف" للإمام ابن القيم الجوزية (مبحث الحديث الموضوع) فقط. وهذا الفن لا يعرفه إلا من له ملكة وتضلع، واختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار الصحيحة، ومعرفة سيرة الرسول ﷺ وهديه؛ كواحد من أصحابه، وهو حريص على تتبع أقواله وأفعاله, وإدراك مزاج شريعته, كشأن المقلدين مع أئمتهم.
يعرف الحديث الموضوع بأمور :
أ-اشتماله على المجازفات التي لا يمكن صدورها منه, وتكذيب الحسِّ له. مثل: سماجة الحديث، وكونه مما يسخر منه أو كونه باطلا في نفسه. ومن هذا القبيل: ركاكة ألفاظ الحديث وسماجته, بحيث يمجُّها السمع، ويدفعها الطبع، ويسمج معناها للفطن، كأحاديث العقل. وأحاديث التأريخ المستقبلة: كأن يكون مؤرخًا بشهر كذا أو سنة كذا أو يوم كذا.
ب-تناقض الحديث لصريح القرآن والسنة، والشواهد الصحيحة، تناقضا بينا, كالحديث المشتمل على فساد، أو ظلم، أو عبث، أو مدح باطل، أو ذم حقٍّ، أو نحو ذلك، أو يقترن به ما يدل على بطلانه، كوضع الجزية عن أهل خيبر. ومن هذ القبيل: ادعاء على النبي ﷺ أنه فعل أمرًا ظاهرًا، بمحضر الصحابة كلهم، وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه.
ج-أن لا يشبه كلام الأنبياء فضلًا على كلام الرسول ﷺ الذي هو وحي يوحى ولا كلام الصحابة. ومن هذا القبيل: ما كان بوصف الأطبَّاء والطرقية أشبه وأليق(قلت: وهذا لا يعني عدم الورود عن النبي صلى الله عليه وسلم في باب الطب شيء) كأحاديث فضائل الخضروات والأزهار كلها كذب، وأحاديث الحناء وفضله والثناء عليه إلا الخضاب بالحناء والكتم.
فصل في الكليات في الأحاديث الموضوعة من العقائد: كل حديث فيه أن "الإيمان لا يزيد ولا ينقص" أو "يزيد وينقص" فهو كذب مختلق. وكذا حديث: القرآن كلام الله غير مخلوق. غلط. الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته. أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة.(قلت: للسيوطي جزء في إثباته فقف عليه) الأحاديث المروية في الصخرة كلها كذب مفترى.(قلت: بل ثبت فيه عند ابن ماجه وغيره:" العجوة والصخرة من الجنة" صححه الحاكم والذهبي والبوصيري) تقدير أقل الحيض بثلاثة أيام، وأكثره بعشرة: ليس فيها شيء صحيح، بل كله باطل.(تعقبه القاري في موضوعاته بقوله: له طرق متعددة رواه الدارقطني وابن عدي في الكامل والعقيلي وابن الجوزي، وتعدد الطرق ولو ضعفت يرقي الحديث إلي الحسن. فالحكم عليه بالوضع لا يستحسن) حديث مسح الرقبة في الوضوء باطل.(قلت: حقق الشوكاني واللكنوي أنه ضعيف لا موضوع) وكل حديث في التنشيف بعد الوضوء فإنه لا يصح.(قلت: للشيخ اللكنوي جزء في هذا فقف عليه) أحاديث الذكر على الوضوء كلها باطل، ليس فيها شيء يصح.(قلت: جمع ابن الملقن طرقه وشواهده في البدر المنير، ثم قال: فَهَذِهِ أَحَادِيث وَارِدَة عَن سيدنَا رَسُول الله ﷺ بَعْضهَا ضَعِيف ، وَبَعضهَا شهد لَهُ بالْحسنِ [الإمام ] المستغفري ، وَبَعضهَا لَا أعلم بِهِ بَأْسا) ذكر فضائل السور وثواب من قرأ سورة كذا فله أجر كذا بهذا السياق وإلا فقد ثبت في بعض الآيات وسور القرآن أحاديث صحيحة ولم يصح في فضائل سور ما صح في "الإخلاص". أحاديث المنع من رفع اليدين في الصلاة عند الركوع والرفع منه كلها باطلة مكذوبة.(قلت: بل ثبت عدم الرفع في غير ما حديث خصوصا أحاديث فعلية وإلا لكان الرفع فرضا لا تصح الصلاة إلا به ولم يقل به أحد انظر نصب الراية للزيلعي). أحاديث صلوات الأيام والليالي. أحاديث صلاة ليلة النصف من شعبان. ومن كتاب الصلاة: 13.أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء، والتزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائل، لا يصح منها شيء وأمثلها عند الطبراني وغيره " من وسع على عياله يوم عاشوراء....." (قلت: حسنه المحققون) إلا أحاديث صيامه.
ومن المناقب والمثالب: للصحابة الكرام رضي الله عنهم: 14. أحاديث في فضائل الصِّدِّيق وعلي رضي الله عنهما غير ما ثبت فيها مما لا يمكن صدوره من الشارع حديث أن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا.(قلت: وإن هو في مسند أحمد ولكنه من الأحاديث التي أمر أحمد أن يضرب عليها فترك سهوا. قاله ابن حجر) 16. ليس في فضل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بخصوصه حديث صحيح.(قلت: أي الصحة الاصطلاحية) 17. كل حديث في ذم أبي موسى أو معاوية بن أبي سفيان أو عمرو بن العاص رضي الله عنهم أو يزيد بن معاوية أو غيرهم من بني أمية فهو كذب. لغير الصحابة الكرام: 18.مناقب أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما ومثالبهما على التنصيص على أسماءهما كذب مختلق. 19. وكل حديث في تحريم ولد العباس على النار أو ذكر الخلافة في ولده أو عدد الخلفاء من ولده فهو كذب.(قلت: ليس على إطلاقها فقد ثبت عند أحمد حديث الثريا، وفيه ذكر الخلافة في ولده.) وكل حديث في مدح أهل خراسان الخارجين مع عبد الله بن علي من ولد العباس فهو كذب. كل حديث في مدح المنصور والسفاح والرشيد فهو كذب. أحاديث ذم الحبشة والسودان، والترك والخُصيان والمماليك. أحاديث ذم ولد الزنا إلا "أنه شر الثلاثة" عند أبي داود. ذم الأولاد كلها كذب. ومن قبيل المدح والذم 24. أحاديث اتخاذي السراري. 25. أحاديث الحمَام لا يصح منها شيء إلا حديث أبي داود وابن ماجه وغيرهما: أنه رأى رجلًا يتبع حمامة، فقال: "شيطان يتبع شيطانة" صححه ابن حبان. 26. أحاديث اتخاذ الدجاج وفضائله لا يصح فيها حديث إلا حديث " إذا سمعتم صياح الديكة..." عند البخاري. كل حديث في مدح المدن والبلاد غير الحرمين والشام واليمن فهو كذب تقريبًا. وكذا ما فيه: أن مدن كذا من الجنة ومدن كذا من النار. 27.أحاديث مدح العزوبة. أحاديث النهي عن الأكل في السوق كلها باطلة.(بل ثبت فيه عند الطبراني حديث ضعيف: "الأكل في السوق دناءة") 29. التختم بالعقيق. 30. أحاديث التحذير من التبرم بحوائج الناس، ليس فيها شيء صحيح. 31.أحاديث النهي أن تقص الرؤيا على النساء. تم التلخيص وترتيبه بحمد الله ومنِّه وكرمه يوم الخميس لأربع عشرة ليلة بقيت من محرم الحرام سنة1435من الهجرة الشريفة.