إخوانك مثل أصابعك وإن بعُدوا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين، وبعد،
فسبحان اللهِ الذي خلق الإنسانَ فسواه ،وجعله أعظمَ آياته في أرضه، ومن أعظم آيات هذا الإنسان يدُه، فيد الإنسان خمسةُ أصابع، وفي كل إِصْبَعٍ منها ثلاث سلاميات غير إصبعِ الإبهام ففيه سُلامَيَيْن فقط، والأصابع في شكلها غير متساوية ولا متشابهة، فكل واحد منها لها شكلها الخاص، والذي هو معجز بحد ذاته.
فأسماء الأصابع من اليمين إلى اليسار هي:
- الخِنْصَرُ : الإصبع الصغرى.
- البِنْصِرُ : الإصَبع بين الوُسْطَى والخِنْصِر .
- الوُسْطى : ما بين السَّبَّابة والبِنْصِر السبابة.
- السَّبَّابَةُ : الإِصبع التي بين الإِبهامِ والوُسطَى.
- الإِبهام : الإِصْبَعُ الغليظةُ .
والأصابع كلها بقرب بعضها البعض إلا الإبهام فهو بعيد عنها، ومع ذلك فهي لا تستطيع فعل شيء دون الإبهام البعيد ! جرب أن تأخذ لقمة طعام أو قلم لتكتب بها أو تعقد بها أزرار ثيابك دون إبهامك؛ إنك لن تستطيع! خذ العبرة أن المؤمن مهما كان بعيدا عنك فأنت بحاجة إليه؛ فتعاون معه، ولا تقصِه فتقصي نفسك.
وهذه الأصابع ينبغي أن نحافظ على استعمالها في السنة حتى نؤجر عليها، من ذلك:
أنه يُشرَعُ للرَّجُلِ وَضعُ الخاتَمِ في الخِنصِرِ مِن اليَدِ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعة: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة ، وحُكِيَ الإجماعُ على سُنِّيَّتِه. ونصَّ الشَّافعيَّةُ ، والحَنابِلةُ على كَراهةِ لُبسِ الرَّجُلِ للخاتَمِ في أُصبُعِه السَّبابةِ والوُسطى. لحديث عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهاني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أتختَّمَ في إصْبَعي هذه أو هذه، قال: فأومأَ إلى الوُسطى والتي تَليها)) . صحيح مسلم.
حكم لُبس الخاتَمِ في البِنصِرِ والإبهامِ؟
الجواب يجوزُ التخَتُّمُ في البِنصِرِ الإبهامِ ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلة ؛ لأنَّ النَّهيَ إنَّما ورد في الوُسطى والسبَّابةِ، فلا يُمنَعُ في غيرِهما؛ اقتصارًا على النَّصِّ. لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه) رواه البخاري. وعدُّ التسبيح بالأصابع سنة قولية وفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم، لما روى أبو داود والترمذي عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ، عَنْ يُسَيْرَةَ، أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ . هذا لفظ أبي داوود، وفي لفظ له وللترمذي: واعقدن بالأنامل. ويكره تشبيك الأصابع في الصلاة لحديث - أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلًا قد شبَّك أصابعَه في الصلاةِ، ففَرَّجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بين أصابعِه.. نيل الاوطار.
هذا وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين
الأستاذ أحمد يخلف، المملكة المغربية