ما التنافس الممدوح يا ترى؟

يحمل الاعتدال بين جنبيها، بحيث يلزم كل رجل عمله وما يتقنه من عمل دون تدافع وتعارض، لئلا تبقى الأمة بلا رأس يترأس عليه...

أسدل الليل ستاره على ما علا من سطح الأرض، وهدأ الكون بما فيه-وأنا جالس مكب على شاشة الحاسوب، أريد كتابة ما يفيد قراءنا، علما بأني لست من الكتاب المولعين الذين تشهد على فضائلهم دفاترهم، بل من المحاولين الذين إذا أحسنوا شكروا وإذا أساؤوا استغفروا-، نعم؛ لقد اختفى سائر علامات الحياة، وكأن الجو خرجت روحه بعد أن كان متمتعا من فوضى المحيط السماوي والأرضي، هناك أصوات وضجيج، ومن جانب تغريد وتطريد، ركن كل شيء عتيد...

لكن مقابله نرى السماء أبدت ما تملك يداها، نجومها ظاهرة بارزة، زينتها أعادت الحياة والطبيعة، لقد سحر الكون بهمساتها الفنانة، ارتفعت الأنظار تشاهد هذا الجمال البديع الساحر، لترويح نفوسها بعد كلالها المضني سائر النهار، فمن مل من ذاك استأنس بهذا واستبشر...

فهذا تنافس ممدوح يعقبه النفع والخير، إذ بانطفاء الأول واضمحلاله قام الثاني واتقد، عمل وأبدى ما استطاع من إبداء، لئلا يتلاشى نظام الكون البديع، وحتى لا تشعر الإنسانية بالوحشة والوحدة، فكل في عمله مستمر، لا اعتراض ولا تنقيد، مجرد أن تخدم الإنسان والحيوان، تبغي الخير وتسعى لأجله، كل معين ووفي لصاحبه، تقلبهما يركز إلى إحياء البشرية الجمعاء، مقصدهما لا يتفارق قيد أنملة...

أما الإنسان فنراه متخلفا متزحلقا، ينظر لخلفه فإن وجد دافعا اندفع، وإلا صمد وانجمد، فعلى المرء أن يعمل بالتنافس دون التدافع والتعارض، لقد شهد الحق جل في علا بقوله: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، كل في فلك يسبح حتى يعود بالنفع على نفسه والأمة الإسلامية، ولا يكونن عبئا على غيره، وليعتبر بماضي أسلافه الذين بذلوا مجهودهم ونفوسهم من دون تعارض ذميم...

وأختم رسالتي على شعر أحفظه:

إن الفتى من يقول ها أنا ذا

ليس الفتى من يقول كان أبي

أبو محمد نصيرالله المنصور

التدریس والانتظام
أستاذ اللغة والإنشاء بجامعة ابن عباس بكراتشي.
مجموع المواد : 43
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن

اكتب معنا


يمكننا نشر مقالك على شبكة المدارس الإسلامية، دعنا نجرب!

أرسل من هنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024