المنظومةُ المكِّيَّةُ في الآدابِ التُّوِيتَرِيَّة

[ المنظومةُ المكِّيَّةُ في الآدابِ التُّوِيتَرِيَّة ]

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَخَا الغَيْثِ إِذَا الغَيْثُ انْسَكَبْ ***  يَا شَقِيقَ الرُّوحِ والحُبُّ تَعَبْ

إِنَّ لِلتَّغْرِيدِ آدَابَاً كَمَا *** أَنَّ لِلْقَـــــوْلِ حُـــــدُوْدَاً وَأَدَبْ

فَإِذَا غَرَّدْتَ يَوْمَاً فَلْتَكُنْ *** وَاضِحَ القَصْدِ عَلَى سَنِّ العَرَبْ

وَتَخَيَّرْ جَيِّدَ اللَّفْظِ لَهُ *** إِنَّ خَيْرَ اللَّفْظِ لَفْظٌ مُنْتَخَبْ

وَاحْتَسِبْ أَجْرَاً عَلَى مَا قُلْتَهُ *** فَازَ مَنْ أَخْلَصَ فِيهِ وَاحْتَسَبْ

وَإِذَا نُوْقِشْتَ فِي أَمْرٍ فَلَا *** تُظْهِرِ السُّخْطَ وَلَا تُبْدِ الغَضَبْ

وَاسْتَمِعْ لِلنَّاسِ فِي اسْتِدْرَاكِهِمْ *** رُبَّ تِلْمِيذٍ أَتى مِنْهُ العَجَبْ

وَاحْذَرِ التَّفْرِيقَ : هَذَا صَاحِبٌ *** وَلَهُ مَرْتَبَةٌ فَوْقَ الرُّتَبْ

فَإِذَا عَلَّقَ تَدْنُو نَحْوَهُ *** بَاسِمَ الثَّغْرِ وَإِنْ يَسْأَلْ يُجَبْ

وَبَعِيدٌ يَبْتَغِي قُرْبَاً فَلَا *** يَجْتَنِي مِنْ جُهْدِهِ إِلَّا التَّعَبْ

لَيْتَ شِعْرِيْ كَيْفَ يُرْجَى مَنْ إِذَا *** أَطْلَقَ التَّغْرِيدَ فِي أَمْرٍ هَرَبْ ؟!

هُوَ يُمْلِيْ حِكَمَاً مِنْ فَيْضِهِ *** وَأَنَا أَقْبَلُ رَغْمَاً مَا كَتَبْ

لا نِقَاشٌ لا حِوَارٌ إِنَّمَا *** يَتَلَقَّى الشَّعْبُ مِنْهُ مَا وَهَبْ

إِنْ تَكُنْ تَغْرِيدَةٌ مِنْ فِضَّةٍ *** فَمَعَ (الرِّيتْوِيتِ) تَغْدُو مِنْ ذَهَبْ

فَاحْتَسِبْ يَا صَاحِ أَجْرَاً رُبَّمَا *** بُلِّغَ الْخَيْرُ لِذِيْ حَقٍّ وَجَب

وَاقْتَصِدْ فِي ذَاكَ مَنْعَاً لِلْأَذَى *** كَثْرَةُ (التَّدْوِيرِ) مِنْ إِحْدَى الكُرَب

وَتَخَيَّرْ مِنْهُ شَيْئَاً رائِقَاً *** لا(تُرَتْوِتْ) كُلَّ مَا هَبَّ وَدَبْ

لا تُرَوِّجْ شَائِعَاتٍ مُعْجِلاً *** وَتَثَبَّتْ رُبَّ غِرِّيْدٍ كَذَبْ

وَانْسُبِ القَوْلَ إِلَى أَصْحَابِهِ *** لَيْسَ حَقُّ النَّاسِ سَيْبَاً مُنْتَهَبْ

كَمْ رَأَيْنَا مِنْ فَتَىً مُنْتَفِشَاً *** يَتَزَيَّا زِيَّ أَرْبَابِ الأَدَبْ

فَإِذَا غَرَّدَ أَطْرَقْنَا لَهُ *** وَإِذَا قَالَ جَثَوْنَا بِالرُّكَبْ

وَهْوَ هَجَّامٌ سَرُوقٌ بَائِقٌ *** يَسْرِقُ الكُحْلَ وَلا يُؤْذِيْ الْهَدَبْ

لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ عُصْفُورَاً فَكَمْ *** مِنْ غُرَابٍ رَاعَنِيْ لَمَّا نَعَبْ

فَاعْرِفِ الخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ وَلا *** تَكُ كَالأَعْشَى إِذَا الأَعْشَى احْتَطَبْ

وَإِذَا تَابَعْتَ شَخْصَاً فَلْتَكُنْ *** مُحْسِنَ الظَّنِّ وَلا تُلْقِ الرِّيَبَ

وَاْحْذَرِ النَّقْدَ فَلَا تَعْجَلْ بِهِ *** وَتَأَمَّلْ رُبَّمَا بَرْقٌ خَلَبْ

لا تَكُنْ مِمَّنْ إِذَا أَمْرٌ بَدَا *** كَتَمَ الحُسْنَ وَغَطَّى وَحَجَبْ

وَأَبَانَ العَيْبَ تَشْهِيْرَاً بِهِ *** كُلَّمَا أَبْصَرَ إِبْدَاعَاً ثَلَبْ

أَوْ كَمَنْ يَرْضَى إِذَا وَافَقْتَهُ *** وَإِذَا خَالَفْتَهُ يَوْمَاً (قَلَبْ)

لا تُتَاِبْع ذَا ضَلَالٍ بَيِّنٍ *** أَنْتَ لا تَجْنِي مِنَ الشَّوْكِ العِنَبْ

أَوْ أَخَا فِكْرٍ سَقِيْمٍ بَارِدٍ *** إنْ رَأَى غِرَّةَ أَتْبَاعٍ وَثَبْ

أَوْ فَتَاةٍ جَعَلَتْ صُوْرَتَها *** فِتْنَةً يَغْدُوْ بِهَا القَلْبُ شُعَبْ

وَاحْذَرِ الأَلْقَابَ كَمْ فِيْ جَوْفِهَا *** مِنْ سَرَابٍ ، إِنَّما العِلْمُ اللَّقَبْ

أَوْجِزِ القَوْلَ وَلا تُطْنِبْ بِهِ *** إِنَّما الإِطْنَابُ فِي نَسْجِ الخُطَبْ

لا تُغَرِّدْ كُلَّ وَقْتٍ وَاجْتَنِبْ *** سَاعَةً إِنْ جِئْتَ تَغْرِيداً تُعَبْ

وَإِذَا مَا كُنْتَ فِي سَيَّارَةٍ *** لا تُغَرِّدْ إِنَّ فِي ذَاْكَ العَطَبْ

أَوْ تَكُنْ فِي مَجْلِسٍ يُرْجَى بِهِ *** أَنْ تَنَالَ البِرَّ مِنْ أُمٍّ وَأَبْ

وَإِذَا أَلْقَيْتَ جَنْبَاً لِلْكَرَى *** فَاْحْذَرِ التَّغْرِيْدَ إِنْ نَوْمٌ غَلَبْ

قَدْ مَحَضْتُ النُّصْحَ أَبْغِي أَجْرَهُ ***  وَهْوَ لِيْ –وَاللهِ- أَوْلَى وَأَحَبْ

فَاقْبَلَنْ بَوْحَ مُحِبٍّ صَادِقٍ *** كالنَّمِيْرِ العَذْبِ أَوْ شَهْدِ (الحَدَبْ)

علي بن حسن الحارثي مكة المكرمة 11/11/ 1433ه

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن

اكتب معنا


يمكننا نشر مقالك على شبكة المدارس الإسلامية، دعنا نجرب!

أرسل من هنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024