المجاهد الباسل الشيخ المفتي الأميني.. بكاه الناس بكاه العالم

بقلم: محمد برهان الدين حبي غنجي, طالب التخصص في الأدب العربي من السنة الثانية بالجامعة
إن الشيخ فضل الحق الأميني ولد في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1945 للميلاد بقريته أمين فور الواقعة في ناحية من بي باريا, وكان أبوه الحاج واعظ الدين, نشأ وترعرع في بيته, ...

بقلم: محمد برهان الدين حبي غنجي, طالب التخصص في الأدب العربي من السنة الثانية بالجامعة

إن الشيخ فضل الحق الأميني ولد في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1945 للميلاد بقريته أمين فور الواقعة في ناحية من بي باريا, وكان أبوه الحاج واعظ الدين, نشأ وترعرع في بيته, ودخل الجامعة الإسلامية اليونسية في مبكر سنة, تعلم فيها عدة سنوات بالإقبال والانقطاع, ثم إلتحق بالجامعة القرآنية بلالباغ, داكا سنة 1961 م , ظل يعيش في كنف و رعاية تاج العلماء البنغلاديشيين المجاهد الأعظم شمس الحق فريدبوري المعروف بـ "صدر صاحب" -نور الله مرقده وجعل الجنة مثواه- واحتل مكانا مرموقا في قلوب أساتذة الجامعة , لأنه كان مهتما بالقراءة والدراسة معنيا بالوقت حريصا على المطالعة حتى يقال أنه كان دورة الكتب, تخرج منها سنة 1968 م, بالظفر والفلاج, فسافر للدراساة العليا إلى باكستان سنة 1969 م ثم التحق بالجامعة الإسلامية بالنورية, وقضى فيها سنة فرجع إلى بلده.

  حياته العملية: المفتي فضل الحق الأميني كان عالما كبيرا و داعيا مخلصا ومحدثا متضلعا وفقيها رفيعا و سياسيا حاذقا, انتخب مدرسا بالجامعة النورية أشرف آباد سنة 1970 م و تلك السنة تزوج ببنت الشيخ أمير شريعة الإسلام في بنغلاديش محمد الله المعروف بـ "حافظي حضور" ثم عين معين المفتي بالجامعة القرآنية العربية بـ"لالباغ" سنة 1972 ثم تولى رئاستها سنة 1987 م فأحسن القيادة والرياسة .

حياته السياسية: أنه حل في مجال السياسة سنة 1981 م, لرفع قيمة الدين وأهله في المجتمع, وإشاعته وإقامة الخلافة الإسلامية في بنغلاديش وكان غرمه إصلاح الناس بالقرآن والسنة, وإخراجهم من عبادة الملوك والسلاطين إلى عبادة الله وحده, ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن الخرافات والبدعة ومن الشهوات ولاضلالة ومن المناهج الغربية و ثقافتها إلى منهج الإسلام, لأنه منهم الغرب لا يفيد شيئا في حياة الأمة إلا الخسارة والذلة والندامة, وكان زعيما في تحقيق هذه الأهداف صادعا بالحق , لا يخشى في صدعه غائلة ولا يبالى بعذل عاذل في سبيل الحق.

  فلذا أنه وقع في الأزمات والشدائد الشتى حتى قام أعداء الإسلام سدا منيعا في سبيله, وهدده وتوعده مرارا و تكرارا حتى اختطف ابنه, ولكنه تحمل هذه الصدمات , وكل هذه المصائب واستطلح أن يعيش رغم كل ذلك.... وشق طريقة إلى الإمام و فتح أفاقا جديدة في مبدان السياسة, أن فضل الحق الأميني أبى يستسلم للهجمات وان يخضع لأعدائه, وأبى صوته أن يخافت, وأبى ضميره أن يصالح وأن يتفاهم مع أعداء الإسلام والمتأمرين ضده, وأن يتنازل عن ثورته, بل قام بالشجاعة والبطولة وفضح الكائدين ورفع راية الإسلام عند سلطان جائر, وكشف اللثام عن وجه الإسلام و نفض عنه عبار الحهل ودفع الحاسدين دفاعا قويا مدى حياته, كان الأميني مستعدا أن يواجه هذه الدسائس ضدا القرآن والسنة بقوة إيمانه بالأخرة والحنين إلى الجنة, إنه كان عالى الهمة قوي الفكرة و فورا في الملأ وشلورا في الخلاء صابرا على البلاء مستقيما على طريقة الجنة, يجمع في خطاباته وحفلاته ضروب من الناس يستمعون إلى كلامه مطمئني البال, كأن على رؤوسهم الطيور, يتعجبون بحلو حديثه وطلاوته, أحيانا تملأ الحفلة بالضوضاء متأثرة ببيانه, أنه يرشد الناس بمواعظه الحسنة و توجيهاته الغالية, ويشجعهم على الإيمان بالله والثقة به والعمل بالقرآن والسنة ولاستمساك بهما فى الحياة, ويرغب في السياسة الإسلامية, وكان في تلاوته رونق و خطبته آثر, يحذر الناس فى مؤامرات الحكومة ضد القرآن والسنة ولا يعمل فيه القلق والاضطراب, ولكن الآن نحن مستغرقون فى الحزن والكأبة بفقد قائدنا, وأصبحنا حائرين وتائهين بعد وفاة سيدنا وكان العلماء والطلبة يحلمون به مستقبلا باهرا للإسلام, ومن الحقيقة إن الإنسان يحلم كثيرا ما لا يتحقق, فمن يرغّبنا في المستقبل ؟ ومن يقودنا في مجال السياسة ؟ ومن يقابل ضد الملحدين والمنافقين ؟ ومن يرفع كلمة الحق عند سلطان جائر وملك ظالم؟ ومن يقول الحق أمام المستبدين والمفسدين ؟ ومن يزلزل بنيان الملوك الجائرين ؟ ومن يكشف قناع الحاسدين للإسلام ولثامهم؟ ومن يحذر أعداء الإسلام برفع الأصابع؟ ومن يقول أنا مستعد لاستقبال الموت والقيام على المشنقة في سبيل القرآن والسنة؟ ومن يقول أيتها الحكومة لا تستهزء بالقرآن؟ وقال تعالى : ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [سورة آل عمران: 26]

ومن يرفع مكان الإسلام ومن يوقد سراجه؟ لو ننظر إلى المستقبل فنرى أن الدنيا كلها غارق في الظلم كأنّ الشمس لا تطلع فيها أبدا, نحن نشعر بمنـزلته و مكانته المرتفعة بعد فقده و قد أصدق القائل: الأسف البالغ: نحن لم نقدره حق قدره في حياته, هذا خسران لنا, ونحن الآن في حاجة ملحة إلى مثله يقود في ميدان السياسة ويهدي الأمة إلى الطريق السوي.

مشائخه: العلامة الفهامة الشيخ يوسف البنوري , وقدوة العلماء هادي القوم المجاهد الأعظم شمس الحق فريدفوري, والعالم الرباني قائد العلماء محمد الله "حافظي حضور", والعالم الكبير عارف بالله صلاح الدين و بحر العلوم العلامة عبد المجيد داكوي, وشيخ المشائخ الكاتب القدير شيخ الحديث عزيز الحق –رحمهم الله تعالى رخمة واسعة,

  وفاته : كان الأميني مثابراً على دعوته وجهاده, فله أنه كان عرضة الحكومة الراهنة, فلما بدأ موقف الحكومة من القرآن والسنة بحيث لا يليق بأي حكومة مسلمة ثار ثائره, ورفع صوته , واحتج عليها احتجاجا يهز البلاد, ويثير العباد وشدت الحكومة عليه أمرها, وقامت يزجه في السجن المعنوي دخل جدران بيته, وهكذا مضى عليه أحد و عشرين شهرا,وهو لا يخرج من بيته ولا يقوم في الشوارع بنداء الجهاد لإقامة خلافة الله في أرضه, حتى وافاه الأجل المتوم ليلة 12/12/ 2012 م وهو في الخامس والستين في عمره , حكى ولده أبو الحسنات قصة مرضه الذي مات فيه, وكيف فارق الدنيا, وانتقل إلى رحمة رب العلمين, قال إنه درس طلبة قسم التخصص في  الفقه يوم 11/12/2012م ونصحهم حتى حان وقت صلاة العصر, فصلى ثم جلس كعادته يدون كتابه معارف السيرة , وبعد صلاة المغرب تحدث مع الزعماء السياسين الإسلاميين و درس الحديث الشريف (البخاري) وبعد صلاة العشاء جعل المرض تشتد عليه وطأته وتستفحل حالته, حتى لا يكاد يتنفس براحة و سهولة, فبادرت به الأسرة إلى أحد المستشفيات , وهو يتأرجح بين الموت والحياة, وكانت السيارة تغذ سيرها نحو المستشفى, وهو يحث خطاه إلى غايته حتى وصلوا به المستشفى بعد قليل, فوجد الطبيب قد سبقه الشيخ إلى جوار ربه, وانتقل إلى رحاب رحمته وجناته, فانتشر خبره و يزدحم الناس من وقت الصبح من داخل المدينة و خارجها لرويته الأخيرة في الجامعة القرآنية بـ"لال باغ" داكا. فاتبع الناس جنازته حتى كاد ينقطع نظام المواصلات في المدينة لازدحام الناس وقال الخطباء: إنه مات موت الشهداء, بل كان موت هذا العالم في الحقيقة موت العالم جميعا, وقال الشاعر الجاهلي:

فما كان قيس هلكه هلك واحد – و لكنه ينيان قوم تهدما

ندعو الله جل وعلى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وغفرانه ويسكنه فسيح جنّته وأن يلهم الجميع جميل الصبر والسلوان.

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024