ما ذا يجب علينا أن نفعل تجاه مشكلة جديدة !؟
لقد جعلني كلام خالي متفكرا فيما قاله، فكانت الساعة تشير إلى الساعة الواحدة ظهرا، وكنا حوالي خمسة نفر جالسين في الغرفة حيال المروحة، والحرارة منبعثة من أشعة الشمس، حيث إن كل واحد منا كان متعرقا، وكان يتقاطر من جسد كل واحد منا قطرات الماء، والتي أجبرتنا على الجلوس حيال المروحة، والكهرباء كانت خافتة، فالمروحة تتوقف من حين إلى آخر، فانزعجنا نوعا ما، ولكن دون أي شيء، حيث لم يكن في وسعنا إلا الصبر والتحمل، ومواجهة الحرارة التي جعلت تسخن كل شيء، وكأن كل شيء يحترق بسبب شدة الحرارة...
فكنا ننتظر إلى الغداء، فإنه أيضا يستغرق وقتا لتجهيزه، ولا سيما إذا يكون فيه السمك، فإنه يحتاج إلى أن يحمص في الزيت، ثم يوضع على المائدة، فخلال هذه الفترة جذب كلام خالي أفكاري إليه تماما، حيث قال: إننا جميعا جالسون في غرفة واحدة، وتحت مروحة واحدة، ومع ذلك لا نتحدث فيما بينا، ولا نتكلم، والسبب في ذلك هو اشتغال جميعنا بالجوالات، فانتبهت أنا أيضا إلى كلامه، ورأيت نفسي أنني أيضا شريك معهم فيما يقوله خالي، ونظرت إلى الجميع، فوجدتهم جميعا مشغولين في استخدام التواصل الاجتماعي، أجبرت أني يجب علي التفكر في هذا الموضوع، وما ذا يجب علينا تجاه هذه المشكلة الجديدة، والتي جعلت ما هو قريب بعيدا، وما هو بعيد قريبا، فمن ناحية فائدة، ومن ناحية أخرى ضرر أيضا...
ولقد لاحظت أن اثنين من الإخوة جالسان في مكان واحد، وعلى سرير واحد، غير أن كل واحد لا يتمكن من الكلام مع الآخر رغم عدم وجود مسافة بينهما، والسبب ما هو ؟ هو نفسه الذي جعلني اليوم متفكرا، والذي أجبرني على الكتابة، فإنه في المستقبل يحدث أعظم خطورة في المجتمع، فيجب علينا جميعا أن نتفكر مليا تجاه هذه المشكلة الحديثة، والتي لم تكن قبل اثني عشر عاما، ولا وجود لها، بل لم يكن يتوقع أي واحد بأنها تصيب كل واحد منا، والتي لا علاج لها حاليا عند الأطباء...
فتفكرت طويلا في هذا الموضوع، وحاولت الوصول إلى نتيجة مفيدة نافعة، إلا أن أفكاري ليست وسيعة، بل نطاقها ضيق، ومع ذلك لم أتخلف في التفكر، فأخيرا قد وصلت إلى نتيجة بأن كل واحد منا يحاول تقليل استخدام جوال متطور، والذي هو أكبر سبب في إحداث تلك المشكلة الجديدة، ولا يستخدمه إلا عند الحاجة، أو يخصص وقتا لاستعماله، مثلا: ساعة في اليوم، فإن نجحت في هذه الخطوة، سترى نجاحك يقبل رجليك، ويأتيك مقبلا، وهذه الحمية نوعا ما تصعب علينا في البداية، إلا أننا سوف نتعود على الابتعاد عنه...
ولا سيما عند ما تكون جالسا مع زملائك، فحذاري أن تخرج جوالك من جيبيك، وأجبر نفسك على عدم إخراجه، إلا إذا جاء الاتصال، فحينئذ لا بأس في إخراجه من جيبك للرد على المتصل، أما في الأحوال العامة فلا تلمسه، وأنت جالس بين زملائك، فسوف ترى نتائج تصرفك كهذا أمامك، ولأجلك يتركه الآخرون أيضا أمامك... وبهذه الطريقة نتخلص من هذه المشكلة التي هي أكبر مشكلة هذه الأيام... والتي يواجها كل واحد منا...