بقلم :
العلامة يوسف البنوري رحمه الله
يمكنك القراءة في دقيقة و 26 ثانية
من قصيدة العلامة البنوري رحمه الله : العينُ ذارفــةٌ
في رثاء شيخـه الإمام أنور شاه الكشميري الديوبندي رحمه الله
العينُ ذارفةٌ والقلب حيرانُ = والطير تشدو فتبدو منه أشجانُ
الشمسُ كاسفةٌ والأرض مظلمةٌ = والمزنُ تبكي فسالتْ منه بلدان
وفي السماء ضجيجٌ بالعويل بدا = وللثلوج لذا ذوبٌ وسَيْلان
وللهواء أنينٌ بالصرير جرى = وفي الجبال حُرَاقاتٌ ونيران
وللسحاب أزيزٌ حينِ رعْدتهِ = وللقُدور لذا غلْيٌ وفَوْران
خَطْبٌ ألمَّ على الإسلام مكتنفًا = تَزَلْزلتْ منه أطوادٌ وأركان
خطْبٌ وقد صدعَ الأكبادَ من شجنٍ = فما عزاءٌ ولا صبرٌ وسُلوان
بليّة ٌ فَجَعَتْ رزيّةٌ = من حملها وُهيتْ شِيبٌ وشبان
وللحوادث سلوانٌ يسهِّلَها = وما لما حلَّ بالإسلام سُلوان
قضى الحياةَ إمامُ القوم مرجعُهم = شيخُ الحديثِ فقيهُ النفس سفيان
بحرُ البحور وشمسُ المجد مسندهم = فيما روى من حديث العلمِ إخوان
حبرٌ ورحلةُ أعلام وحجَّتهُمْ = فيما سرى بحديث الفضل رُكبان
شيخُ الشيوخ إمامُ العصر عُمدتُهم = الشاهُ أنورُ نورُ الله برهان
شمسُ الورى فيلسوفُ الشرق قدوتهم = رأسُ الخيار غنيُّ النفسِ سلطان
بحرٌ محيطٌ لمغزى كل معضلةٍ = من حوله لرحى الأعلام جَوْلان
شقَّ الجبالَ وغاصَ البحرَ في لججٍ = فشاع دُرٌّ وياقوتٌ ومرجان
وفي الزمان شيوخٌ لا عدادَ لهم = لكنَّه لعيونِ العلمِ إنسان
ما كلُّ ماءٍ كصُدَّاءٍ لواردِهِ = نعمْ ولا كل مرعىً فهو سعدان
بحرٌ خضمٌّ بأرضٍ غاضَ من عجبٍ = في حفرةٍ من ثرًى والكلُّ حيران
سارت جنازُتُه والقومُ في جزعٍ = والعينُ ذارفةٌ والقلب ولهان
مَن بالحديثِ ومغزى الفقه مضطلعٌ؟ = من للحقائق والأسرار صوَّان؟
وكلُّ ثلمٍ فإنَّ الدهر يَجْبُرُه = وما لثلم مهيضِ العلم جُبْران
لو قلَّبوا الأرضَ لم يوجد له شَبَهٌ = من مثله؟ بُصراءُ القوم عميان
تبكيه جامعةُ الإسلام من قلقٍ = كما بكى لفراق الإلفِ هيمان
دعِ الفؤادَ عن الدنيا وزينتها = فصفوُها كدرٌ والوصل هجران
وابرِدْ حشاكَ بعبراتٍ فتذرفَها = فبحرُ دمعكِ ذخّارٌ وملآن
أطفئ سعيرَ سوادِ القلبِ مصطبرًا = ففي الدموع له صبرٌ وسلوان