ما لك متقاعسا وأنت أمل الأمة؟!
الحمد لله علم الإنسان، وأبدع في روحه مادة البيان، بعد أن لم تكن لديه قدرة النطق والتبيان، فسبحانه ما أعظم شأنه، خلق فأحسن ثم هدى سبل السلام، والإنابة والإحسان.
استطاع الإنسان أن يكون مثاليا وعبقريا، وأن يكون عليه مدار الأكوان.
فإذا قيل: كيف تدعي ذلك؟
قلت: الإنسان له وجود في الخارج لاينكر، ومن اعترفنا بوجوده، كيف يعقل أن ما ينتجه منكر، فإن قبولنا لهذا يستلزم قبولنا لتجاربه الأمينة والقديمة والحديثة، ومؤهلاته المتعدية الفتانة، وقدراته الفذة التي بها قيمته ومدار معيشته وحياته
ولاريب؛ أن من كل خارج يخرج، ومن ولد يولد، إذ باستطاعة الإنسان أن يكون سائقا وموظفا وحارسا وأديبا وشاعرا، وما إلى ذلك من المهن، ولكن لو تدبرنا الموجد الأول في الخارج لكل ما نملكه من ممتلكات، وما نعتاده من معدات، لنجدن ذلك إنسانا لاغير.
فهذه المواهب المكنونة المتقاعسة مثل اللآلي المكنونة في صدفاتها، لاتكاد أن تدرك اليوم، ولا أن تمس بسوء، الواصل إليها هو المنتفع بها، نائمة نوما عميقا في ذاتها لاتريد اليقظة إلا من زعزعها، ورام ارتشافها، بعيدة عن إدراك كل من لايعشق الابتكار، وكل من لايهوى أن يمس يديه البلل إلا بعد وقوع الخلل، ومن هنا عرفنا قيمة ما يكمنه الإنسان في أحشائه، لاتهبه الرياح، ولاتغشاه الحوادث فتبيد، بل يموت الإنسان وهو يحمل الثغرة التي لم تنسد بعد، يقبرها معه، أو يفوضها إلى من هو أهل له.
فقم أيها المرء المتقاعس والطالب المجاهد، فجد وجاهد، وابحث عن الخير وشاهد، لاتكن حملا على أحد وبادر، إنك "خير الناس من ينفع الناس"، لاتدع لليأس بابا يسلكه، اسلك فجا وأوجد، وابتكر وأبدع، وأيقظ الأمة الإسلامية بما تستطيعه من منهل يتداركونه قبل ندمهم على فواته، أو نبعا يتوافدون عليه، أو مأوى يلجؤون إليه.
أنت الأمل كل الأمل، طالب اليوم وقائد الغد، لقد نفدت كلماتي، وأختم عرضي على شعر شاعر قال:
إن الفتى من يقول ها أنذا
ليس الفتى من يقول كان أبي