شيخ الإسلام العلامة أحمد شفيع: عالِم من الطراز الفريد

سيرة ذاتية مختصرة لشيخ الإسلام العلامة أحمد شفيع؛ مدير جامعة دار العلوم - هاتهازاري السابق، ورئيس الهئية العليا للجامعات القوميَّة في بنغلاديش، ورئيس جمعيَّة حِفَاظَت إسلام بنغلاديش، أكبر جمعية غير سياسية في بنغلاديش..
كان ذلك اليومُ العصيبُ يومَ جمعة، وكان يومًا شاغلًا كبقية أيام الجمعة عادة، وكنتُ قد انشغلت فيه بإعادة ترتيب كُتُبي، وتزيين رفوفها، وتنظيم أوضاعها، وحين انتهيتُ من هذه الأمور متعَبًا كان اليوم قد مضى جلُّه، ولم يبق منه إلا اليسير، فاتصلت بخالي لعملٍ، لا أذكره الآن، فردَّ عليَّ أحمد من الجهة الأخرى بأن خالي خارج البيت، وقال لي فيما قال: هل تودُّ أن تخبره بوفاة أحد الشيوخ؟
- لا، وأي شيخ توفِّي؟!
- لا أدري، سمعت أن أحدهم قد توفِّي اليوم في بنغلادش.
قطعتُ الاتصال معه قائلًا: سأتصل بخالي فيما بعد... وتظاهرتُ كأنْ لم يحدثْ شيءٌ... لأنه لم يحدث شيءٌ فعلًا، حيث إن موت إنسانٍ في بنغلاديش -لا يعرفه أحمد- قد لا يعنيني كثيرًا في هذا التوقيت بالذات، وعددهم قرابة 180 مليون نسمة بفضل الله تعالى. أضفْ إلى ذلك، أنه ما أكثر من يموت من الناس في هذه الأيام، أيام جائحة كورونا. 
غير أن قول أحمد "سمعت أن أحدهم قد توفِّي اليوم في بنغلاديش" قد عَلِقَ بذهني، ولعلَّ هذا الشخص الذي رحلَ اليوم يهمُّني كثيرًا حياته، فجاثتْ فكرة الوفاة هذه فوق عقلي كصخرةٍ صَلْدَاء، فحاولتُ دفع هذه الوساوس من فكري، ولكن دون جدوى، حيث إن رحيله يعود إلى ذهني كلّ مرة... بل الحقيقة، إن رحيله لا يذهب من فكري ووجداني وعقلي وذهني...
وكنتُ قد ضربتُ ميعادًا لزيارة الأخ صادق حسين، فخرجت على بركة الله تعالى متّجهًا إلى هناك، وكانتْ ساعةً حلَا فيها وجهُ السماء، فكانت الدنيا جميلة! وكان النسيم معطّرًا! فاستنشقتُ هذا العبير الفوَّاح الذي يخرج من معطرة الكون الذي أبدعه الله تعالى... وهكذا كان حالي حتى مضى وقتٌ قليلٌ، وفجأة، وبدون سابق إنذار عاد خبر الموت مزلزلًا كياني كلَّه، في صورة حقيقة هذه المرة، وليس في صورة وساوس، كما كنت أظن سابقًا، حيث قالت أم أسيد، وكانت بجواري في السيارة: "إن شيخنا الشيخ أحمد شفيع قد ارتحل!".
- ماذا؟؟؟
- إن الشيخ أحمد شفيع قد توفِّي...
- إنا لله وإنا إليه راجعون.... بدأت أسترجع وأسترجع وأسترجع...
بدأ كل كياني يرتعد، وبدأ خفقان قلبي يزداد، وجعل جسمي يرتعش، ويَدِي التي أمسكتُ بها مِقوَد السيارة ترتجف، وكدتُ أن أفقد السيطرة على السيارة، لولا لطَفَ الله تعالى بنا، فخفَّفتُ سرعة السيارة، ولا أدري ماذا أنا فاعلٌ الآن...
في حقيقة الأمر، ليس لديَّ عملٌ أقوم به، سوى الاسترجاع، وماذا بقي لي ولغيري من تلاميذ الشيخ ومحبِّيه المساكين -وعددهم ملايين وملايين بالأعداد الحسابيَّة وليس بخيال الشاعر- من العمل، بعد أن رحلَ عنَّا الشيخ، وودَّع هذه الدنيا الفانية إلى الدار الباقية! ماذا بقي يا تُرى!
...نعم، كان قد بقي أشياء وأشياء، ولكنَّ هولَ الموقف يُنسي الإنسان مهامَّه وواجباته تجاه الأحداث، فيبقى المسكين حائرًا أمام حوادث الزمان، وعاجزًا أمام طعنَات الدهر... هكذا صار حالي في هذه اللحظة التي سبقتْها أحداثٌ جِسامٌ في حياة شيخنا الفقيد شيخ الإسلام العلامة أحمد شفيع رحمه الله تعالى... الذي شغَل الناسَ بحديثه وأحاديثه، وأشغل المجالس والأندية بسيرته وسريرته، فطارت الحمامات بأخباره وأسراره إلى أقطار الأرض... قبل أن يصل هو إليها... وكل ذلك كان بفضلٍ من الله تعالى...
حاولتُ أن أحسّ بهذه الحياة، وشيخنا شيخ الإسلام أحمد شفيع لم يعدْ في عُداد ساكنيها، فإذا بها مُقفِرة مُجدِبة، فعدتُ مُسرعة إلى الدنيا التي تبتسم بوجود الشيخ، وتضحك بحركاته وتحرُّكاته، وتفرح بفُكاهاته ودُعاباته، وتهشُّ بعِتاباته ومَلاماته، وتبشُّ بزفراته ودمعاته في جوف الليل الحالك... فما أجمل هذه الدنيا الرائعة! وما أروعَ هذه الحياة الجميلة!
ولكنَّ طعنَات الواقع قد غلبتْ على خيالات الشاعر، فسرعان ما أعادتْ تلك الطعناتُ صاحبَنا إلى الدنيا التي لا تعدُّ شيخَه من أفرادها... فوا أسفى على أحمد شفيع..
عاد صاحبنا ينبش تراب الماضي؛ ليُخرج منه ما يطيب له ويلذّ، فاسترسل في السَّيْر إلى الماضي الغابر، حتى وصل إلى منتصف شهر شوَّال من عام ألفٍ وأربع مائة وواحد وثلاثين للهجرة النبوية الشريفة (1431هـ)، على صاحبها ألف ألف صلاة وتحية...
وفي صباح أحد الأيام الجميلة كان صاحبُنا وجموع كبيرة من الطلبة في قاعة الدرس المكتظّة، ينتظرون قدوم أحد الشيوخ، بدار الحديث التابعة لدار العلوم معين الإسلام، هاتهازاري.. ولم يدم ترقُّبهم طويلًا، حتى وصل الشخص المنتَظر، وقد عرفه صاحبُنا عند أول رؤية، حيث سبق له أن رآه في مناسبات أخرى من بعيد، ولكنه رآه هذه المرة من قريب، قريبٍ جدًا جدًا، وإذا به شيخٌ طاعِنٌ في السن، قد زيَّنتْه علائمُ العزيمة والقوة، وجمَّلتْه سيماءُ البصيرة والحنكة، وحسّنتْه أعلامُ الرزانة والحصافة، وزركشتْه أماراتُ النَخوة والغَيرة، ونمَّقتْه شاراتُ الحَماسة والفَطانة، وحبَّبتْه دلائل الدماثة والسماحة، ووازنتْه سِماتُ الوقار والتواضع، ورشَّقتْه رسومُ النُبل والذكاء، وإذا هو فوق ذلك شيخٌ هشوشٌ بشوشٌ باسمٌ مشرقٌ مبتسمٌ متهلِّلٌ مستبشرٌ فرِحٌ بتلاميذه الجدُد الذين أتوا من كلّ فج عميق... وقد أمسكه بجانبيه عددٌ من التلاميذ؛ ليساعدوه على السير، حتى وصل إلى المكان المهيَّأ له، وجلس على الأريكة متّكئًا على الوسادة، ثم ألقى السلام على الحضور بصوت جهوري قوي آسر... ثم قال: وبالسند المتصل منَّا إلى الإمام الحافط الحجة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردِزبة البخاري الجعفي رحمه الله تعالى... ثم قال مخاطبًا التلميذ الذي أمامه: اقرأ يا أخي! 
فكانت مخاطبته لهذا الطالب الذي يُعدُّ أصغرَ من أحفاده بـ "أخي" صدمةً رائعة لصاحبنا، حيث لم يألف مثل هذا الخطاب الودود في بيئته ومحيطه... ثم سارتْ عقارب الساعة بسرعة فائقة جدًا، حتى وصل صاحبنا ورِفاقه إلى آخر منتصف شهر رجب، من عام 1432هـ، وإذا بهم قد أنهَوا -بفضل الله تعالى- ما بَدَؤوه من "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُننه وأيامه" للإمام البخاري وغيره من دواوين السنة النبويَّة الشريفة... وإذا بالطلبة يعدُّون العُدّة لحفل (والأجدر أن يسمى ذلك بالعزاء) الدرس الخِتامي، وإذا بالناس من أقاسي أقطار البلد وأدانيه يحضرون هذا الحفل المشهود... وقد أنهى فيه الشيخ الكبير الجامع الصحيح للإمام البخاري ... ثم أبحرَ في عُباب أمواج الدعاء، الذي أتى على الحضور، وأغرقَهم بالزفرات والعبرات.. فكان يومًا مشهودًا بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنىً شديد التصوير والتعبير... فكان ذلك الشيخ هو شيخ الإسلام العلامة أحمد شفيع (حفظه الله تعالى في وقته، ورحمه الله تعالى في وقتنا)...
ثم مضتِ الأيام والأعوام في سكونٍ وهدوء حتى وصلنا إلى سنة 2013م، الذي ظهرتْ فيها سَوْآت بعض من نَصبُوا أنفسهم وكلاء حصريِّين لحرية التعبير والرأي –بمعناهم الخاص الذي لا يشاركهم فيه أحدٌ من الإنس والجانّ-، فتركوا جميع أبعاد الكون الواسعة للتعبير عن حرياتهم، وانكبُّوا على النيل من أشرفِ منْ خلقَه الله تعالى، وأنبلِ من بعثه سبحانه، وأعظم من مشى على هذه البسيطة، فجرَّبوا فيه مدى انحطاط أخلاقهم، وتنافسوا في حلبتها، حتى نزلوا إلى الدرك الأسفل من سُوء الأدب وقُبح الخلُق... فاستيقظ المسلمون في بنغلاديش من شدَّة الروائح الكريهة لهذه الأخلاق الفاسدة المفسدة... واشمأزُّوا من شدّة العفونة والنتانة والكراهة التي تخرج منها... ودعوا الله بقلوب مخلصة أن يبعث فيهم عصاميًا فذًا ينقذهم من هذه الطامّة التي نزلتْ بهم... فإذا بالليل الحالك لم يدم طويلًا، وإذا بالفجر الباسم قد أشرق سريعًا، وإذا بنوره قد أضاء الطرق المؤدية إلى النجاة والنجاح، وإذا بالناس سمعوا صوتًا مجلجلًا قد نادى فيهم بالجهاد! جهاد السِّبحة والسجَّادة والسِّواك (كما سمّاه)، وصاح في أهل الإسلام قائلًا: هلمُّوا إلى معركة الحِفاظ على المقدَّسات... هبُّوا إلى ميدان إزالة الروائح العفِنة من ديار الإسلام... فنفخَ هذا الصوت الرخيم في القلوب المؤمنة روحَ الحماسة والغيرة، ودقَّ في أسماعهم أجراسَ الخطر المدلهمّ، وحذَّرهم من عاقبة التخاذل والخذلان، وقادهم إلى مستنقع هذه الروائح العفِنة، وصبَّ على رؤوس أعداء الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- نيران الغضبة البَكرية والبطشة العُمرية، وحاصرهم في جحر الضب... فكان مشهدًا مهيبًا، لم يشهد تاريخ هذه البلاد البعيدة عن مزكر الوحي مثله منذ آماد طويلة، وكان نموذجًا حيًا في حب الله ورسوله، يُشرِق به جبينُ البشرية، وتسعد به طلعةُ الإنسانية، وكان ذلك على يد هذا الشيخ الهادئ الرزين الذي ضرب مثلًا لقول القائل: لا يغُرَّنَّك هدوء العاصفة، فوراءها هولٌ مخيف..
وهكذا مضت الأيام والأسابيع والشهور والأعوام، وقد حوتْ في طيَّاتها أحداثٌ جسام، وحوادث عظام، ومضت بخير وشرِّها حتى وصلنا إلى الساعة السادسة والرُّبع مساء، بتوقيت بنغلاديش، الموافق يوم الجمعة، غرّة صفر، عام ألف وأربع مائة واثنين وأربعين (1422هـ) للهجرة النبوية الشريفة، الموافق 18 سبتمبر 2020م، وإذا بالمنادي ينادي في الناس قائلًا: أيها الناس! إن نقيبَ الإسلام الذي أيقظكم في يومٍ نحسٍ قد أدبر عن الدنيا الفانية إلى الدار الباقية.. وإن الشيخ الذي أشعل فيكم حب الخير للغير قد مضى إلى ربّه سبحانه.. وإن الإنسان الذي كان يحثّكم على التمسك بالدين وقِيَمه وأخلاقه وتعاليمه قد التحق برفيقه الأعلى.. وإن الداعية الذي كان يدعوكم إلى الخصال الحميدة والأخلاق النبيلة قد مضى في دربه إلى دار البقاء.. وإن القائد الذي كان يقود معارككم ضد العلمانية والإلحاد والحداثة المدّعية والوثنية النتِنة قد مشى في طريقه.. فإنا لله وإنا إليه راجعون...
إنَّ رحيله المفجِع من هذه الدنيا أعادني إلى أيام قدومه إلى هذه الأرض.. وإن حادثة الإدبار قد ذكَّرتْني بقصة الإقدام، فإذا بي أنظر من نافذة التاريخ إلى كوخٍ صغير يخرج منه نور العلم، في بيت المسلم النبيل والإنسان البسيط بَرْكَتْ عَلِيّ، حيث وُلد فيه من زوجته مهر النِّساء مولودًا، سمّياه باسم "أحمد شفيع"، المولود الذي صار فيما بعد جزءًا من تاريخ هذه البلاد العظيم... التحق بمدرسة "شَرَفْ بَاتَا" لدراسة العلوم الأوليَّة، ثم سافر إلى قرية جيري، والتحق بالمراحل الأوليّة للمدرسة العربية الإسلاميَّة جيري، التي غدتْ جامعة عريقة فيما بعد، ثم انتقل إلى الجامعة الأهليَّة دار العلوم معين الإسلام، وانضمَّ إلى صفوفها الأوليَّة، وتخرَّج منها 1940 بتفوُّق واميتاز، ثم حمل عصى الترحال، وسافر إلى ديوبند، والتحق بجامعتها الكبرى –أم الجامعات الإسلامية في الهند- دار العلوم بديوبند، وتشرَّف بحضور دروس الإمام الكبير والثائر العظيم العلامة حسين أحمد المدني الفيض آبادي، واستفاد من محاضراته العلميَّة وصحبته العملية، فجمع بذلك بين العلم والعمل، ونال منه فقه الظاهر والباطن.. ثم عادَ إلى أرض الوطن، وعُيِّن أستاذًا في دار العلوم بهاتهازاري، واستمرّ في دروسه العلمية وعطائه العملي، وتدرَّج في مناصبها، حتى عيِّن مديرًا لها عام 1986، فقام بمهمة الإدارة بطريقة أعجب بها العدو والصديق. 
عيِّن رئيسًا لوفاق المدارس الإسلامية،بنغلاديش عام 2008م –وهي منظمة تعليميَّة تشرِف على مئات المدارس والجامعات الإسلامية-، ثم عيِّن أميرًا لجمعيّة حِفاظتِ إسلام-بنغلاديش في حدود عام 2010، وقاد تحت مظلَّتها المظاهرات السلميَّة ضدّ العلمانيين المتطرفين والملحدين الراديكاليّين عام 2013، وبذلك اشتهر أمرُه، وذاعَ صِيته، ولمع اسمه، وطبَّقت شهرتُه آفاق البلاد، كما انتشر ذكره شرقًا وغربًا، وصار كالنار على علَم، ورزقه الله تعالى من حسن القبول ما لم يرزق أحد من المشايخ في عصره، فقصده الرؤساء والوزراء والعلماء والفضلاء فضلاً عن طلبة العلم وعامة الناس، فأفاد العامة والخاصة، ونفع العباد والبلاد، حتى جاءه الأجل المحتوم في غُرّة صفر عام 1442هـ الموافق 18 سبتمبر 2020، بمستشفى "أصغر علي"، بالعاصمة داكا، وصلَّى عليه مئات الآلاف من الخلق في جنازة مشهودة مشهورة، لم يجتمع الناس لمثلها في التاريخ القريب أو البعيد لعالم أو سياسي أو غيره..
وهكذا انتهت القصة التي ابتدأت قبل قرنٍ من الزمن (103 أعوام تقريبًا).. وأسدِلَ السِّتار على تاريخٍ مجيدٍ في العلم والعمل والدعوة والإرشاد والنصيحة والتزكية والثورة والقيادة...
رحم الله تعالى شيخ الإسلام ونقيب المسلمين شيخنا المتصوف العالم الداعية الإنسان العلامة أحمد شفيع بن بركتْ علي، وأنزل على قبره شآبيب الغفران والرضوان، وألحقَنا به في دار كرامته وبيت ضيافته بفضله الواسع وكرمه الجزيل.

حسين محمد نعيم الحق

مساعد باحث بمركز ابن خلدون، جامعة قطر
مجموع المواد : 16
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024