مذبحة الغوطة الشرقية وصمة عار على جبين البشر!
أمطرت قوات النظام السوري المجرم بمساندة روسية شآبيب القنابل والبراميل المتفجرة على سكان الغوطة الشرقية التي تبعد عن العاصمة دمشق 10 كيلومترات. وقد قتل خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من 500 شخص وجرح آلاف، واستهدفت المستشفيات وأماكن السكن. ومنذ خمسة أعوام قد فرض عليهم النظام الديكتاتوري السوري حصارا خانقا، ويعيش سكانها في حالة من الذعر والمجاعة والمرض ويتعرضون لأبشع هجمات من قبل النظام السوري والمليشيات الموالية له. فقد هاجم النظام السوري الغوطة الشرقية بالأسلحة الكيميائية 46 مرة منذ بدء الحرب في هذه المنطقة. وفي الهجوم الكيميائي الكبير الذي استهدف المنطقة قد راح ضحيتها أكثر من 1400 مدني. وقد استخدم في هذه المنطقة قنابل النابالم الحارق والقنابل العنقودية المحرمة دوليا وغاز الكلور السام وغیرها من القنابل المحرقة التي تسوي الأرض وتحرقها ولا تؤهلها للسكن والعيش.
إن الغوطة الشرقية ليست هي الأولى التي تتعرض للهجمات الوحشية والممنهجة في سوريا بل سبقتها المدن السورية الأخرى وقد محيت كثير من المدن والقرى من الأرض وأصحبت الكثير منها مجرد أطلال، ولم تسلم المساجد والمشفيات والأسواق والأماكن العامة التي يرتادها الناس وحتى الأماكن التاريخية والأثرية من قهر المجرم وقصفه. بل وقد أباد النظام أماكن ومناطق تاريخية كانت قائمة منذ فجر الحضارة ولها قدم تاريخي.
إن ما يجري في سوريا وفي الغوطة الشرقية بالضبط ما هو إلا حرب إبادة جماعية بمعنى الكلمة فالنظام لا يرضى بتهجير السكان الأبرياء الذين لا ناقة لهم في القضايا ولا جمل بل يسعى بإبادتهم وقتلهم عن آخرهم.
وما يقع في سوريا من المجازر البشعة التي يندر نظيرها في التاريخ إنما يقع بمرآى من العالم ومسمع. إذن أليس في العالم من له ضمير يخزه؟ أليس في العالم من فيه أدنى شعور ومسكة غيرة إنسانية يرفع صوته ويناشد العالم لإنقاذ ما تبقّى من العدد القليل؟ أليس أهل سوريا من جنس البشر؟ أين المجتمع الدولي الذي يقوم ولا يقعد لأجل أدنى حركة في بلاد الغرب يستهدف مدنيا أو رجلا غربيا ونصرانيا في أي بقعة من بقاع الأرض؟ فأين العالم المتمدن، وأين المنادون بحقوق البشر، وأين المنادون بالديمقراطية، وأين المنادون بالحرية؟ وأين الذين نصبوا أنفسهم زعماء البلاد ويدعون أنهم يدافعون عن البشر؟ هل نامت العيون، وماتت الضمائر أم هناك اتفاق دولي وإقليمي لإبادة الشعب السوري ومحوهم من الأرض؟
وهل يكفي لوقف المجازر مجرد الإدانات الباردة، هل أوقف النظام المجرم أعماله الإجرامية يوما لأجل إدانة دولية أو إسلامية وعربية؟ كلاّ! لا يزيده الإدانة والشجب إلا توغلا في الإبادة والتمشيط لأنه يعرف أنها مجرد كلمات تقال ليس لها في الخارج تطبيق عملي. ولأنه يطبق ما أملي عليه خلف الستار وفي الغرف المغلقة لا ما يتفوه به بعض قادة الدول الغربية والإسلامية من كلمات إدانة وإبداء استياء وغضب.
إن الشعب السوري قد ضرب أروع الأمثلة طوال هذه المحنة التي طال أمدها وقد صمد صمود الأبطال رغم التخادل العربي والإسلامي وضحى بكل ما يملك للدفاع عن الوطن وعن الهوية وثبت ثبوتا منقطع النظير وتحمل الجوع والإذلال والحرمان والحصار، وقد قدّم هذا الشعب الصمود الأبي كل ما في جعبته بقي الآن للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يهبوا لنجدتهم وأن يخرجوهم من براثن هذا العدو الغاشم.
إن الحل في القضية السورية لا يكمن في صمود الشعب فقط، فالقضية أعلى من أن يحلها الشعب بنفسه فقد جاء الدب الروسي بقضه وقضيضه وأجلب عليهم بخيله ورجله، وتدخلت كثير من دول الجوار للدفاع عن النظام المجرم المتهاوي، ولا يفيد في مثل هذه الأوضاع مجرد البكاء والنحيب وإظهار التأسف والتحسر. بل الحل يكمن أن يهب العالم شرقا وغربا لوقف هذه الإبادة فعلى الصعيد الدولي يجب أن يتدخل المجتمع الدولي عسكريا لأن النظام لا يردعه الشجب ولا يفيد معه الحوار والمفاوضة. وعلى صعيد الحكومات الإسلامية يجب على القادة أن يتدخلوا في شؤون الشعب ويعرضوا هذه القضية في المجتمع الدولي ويضغطوا عليه ليكبح جماح المجرم. وعلى الصعيد الشعبي ينبغي للشعب أن يرفعوا أصواتهم متضرعين إلى الله، قال تعالى: فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا. ويقيموا مظاهرات واحتجاجات واسعة في العالم. وعلى حملة الأقلام أن يكتبوا في هذه القضية ويملأوا صفحات التواصل الاجتماعي ليرغم العالم باعتراف مجازر النظام السوري المجرم ويفكر في العلاج. لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وما ذلك على الله بعزيز.