جروح الكلمات
من الكلمات ما يجرح مشاعرك و ربما ينهك قواك... كلمة رماك بها أحد ممن حولك فتنكسر مشاعرك كما تنكسر القارورة بالحجارة التي تُرمى بها... فكأن من الكلمات ما هو كالحجر أو أشد و أقسى من الحجر .
بعض الكلمات لها وقع مؤلم و تأثير شديد حاد في القلوب ، توجه إلى القلب فلا يقر له قرار..
و ربما لا يشعر من يوجه هذه الكلماتِ الجارحةَ اللاذعةَ بشيء من الندم أو الحزن و الألم... بل ينساها في بضعة أيام أو ساعات... و لن ينساها الرجل الذي تعرض لمثل هذه الكلمات الجارحة التي كسرت قلبه و قتلت عواطفه طوال السنين و ربما طوال الحياة .
و لذا قيل اللسان سيف صارم قاطع ؛ بل هو أخطر و أضر من السيف الصارم نفسه ؛ لأن جروح السيف أو السنان لها بُرء و التئام ، و لا يبرؤ و لا يلتام ما جرح اللسان . كما قيل و ينسبه بعض الناس إلى أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه : جراحات السنان لها التئام ★ و لا يلتام ما جرح اللسان .
فإذا كانت الألسن تجرح و تصيب الرجل ، و جروحها أشد و إصاباتها أخطر و أضر من إصابات السيوف و الأسنة ؛ ولا يزال الرجل المصاب يلتاع و يكتئب ربما لمدة حياته... إذن أ فليس لهذه الجروح أو الإصابات أدوية و عصابات ؟؟
بلى إن لمثل هذه الجروح أيضا أدويةً و عصابات ؛ و ما هي إلا في اللسان نفسه .
فإن هذا اللسان سلاح ذو حدين ؛ فكما هو يجرح العواطف يبرئها و يشفيها أيضا.
فإن من الكلمات ما هي أحلى من العسل و ما هي بلسم لكل جرح...
فإذا جرحتَ مشاعر أحد بكلمة جارحة فقدِّم إليه الاعتذار.... نعم الاعتذار !! و قل له آسف. فإن هذه الكلمة ( آسف ) ستبرئ كل إصاباته و تنفض عنه كل همومه !!
و لكن هذا الدواء جد عسير لا على المريض و إنما على الطبيب ؛ فإن الطبيب لن يكون إلا الذي ألحق بالمريض الجروحَ... و لا يتجرأ على تقديم الاعتذار و التفوه بكلمة "آسف" إلا القلائل الذين هم حقا أبطال هذه الحياة و شجعانها !!