مؤنس الغريب
قل لمن ما في السماوات والأرض قل الله كتب على نفسه الرحمة ، ليجمعنكم :")
طال سفره من غير قدوم وطال بلاؤه من غير ذنب !
إذا ذكر الحق هُجر .. لاحقته الغربة فتمنى أهلا يأنس بهم ووطنا يأوي إليه .. نديما يحلّ عقد سره معه ، وكأسا ينتشي منها .. وسكنا يتوادع عنده "))
جهر بالغريب من الكلم .. والكلم الصادق غريب
أما هو فغريب لا اسم له فيذكر :")
من يعيد له الكواكب ومن يعرج إليه على أجنحة النور ويحمل نفسه إلى قلبه ..
يراه كالكتاب المفتوح يراه يضئ وفي داره القمر .. يطوف حوله ككعبة الضوء ؛ يهتف له : أن تعال ،
ألا فزده ثم زده ثم زده .. فما حاله هناك إلا اهتياج أشواق يداريها ويبيت ينظر البدر فيبدو صورة فيها !
على قلبه بات ، من ربه دنا وغاب ..!
كان رفيقا في الدرب .. يمشي نبراسا يضئ الليل .. يظلل الروح ساعة الضيق .. فيمنح برد الظل والحب ، ويمنح وعدا بسلام دائم !
تُرى لم وهب الاحبة قلبه ! ليُثير
ألمهم أم ليستجدي أملهم :")
بهذا القلب رأيته ، ومن هذا القلب اعتادت سفن الأقدار أن ترسو على شاطئ الدهر باحمالها خفايا وثقالا وهذا لا يزيده إلا ثباتا وإيمانا ..
لا ينقص منه شئ على قدر ما يزيد والكل باق في نفسه هائم لكنه ليس وحيد :")
متى أردته ستجده ماثلا أمامك وإن يبدو لك صورة في الخيال أقرب منها إلى الواقع ، لكن ما يحمله في الأعماق لا يصدقه حتى الواقع !
علّه أثر الهي كامن في النفس
مستكن يتوثب يحاول دائما أن يعلو إلى السماء لأنه غريب في الأرض !
لهذا في قربه يؤلمك ، وفي بعده يؤلمك .. وما تزال بين ذاك وتلك حتى يأتي يوم تدرك المخبوء ..
تدرك أنه يتمنى لك أضعاف نفسه وبهذا يؤمن ..
تدرك أنه يعلم أن مخالطة الناس والصبر على أذاهم أحب عند الله لكنه لا يخالط كي لا يؤذي !
تدرك أنه يراك حين يئسك ، يسمعك حين انينك .. ويضيق حين تضيق ليفرح حين تفرح .. وكل هذا دون علمك وبفضل الله ..
له كبد تهفو ككبدك ، وله فؤاد مثلك شاعر .. لكنّه محبّ صامت ..
ونفسه تعرف ولا تنطق !
أدرك أن سر الجمال الإنساني .. خلق وفكر وفضيلة مؤمنة ")
والخلق عاشرته زمنا وان لم يطول .. والفكر واضح عند أول الحديث ،أما الفضيلة فتلك التي يسعى لها كي لا يخسر نفسه التي أنت فيها ، وكي لا يكذب على نفسه ويضلُّ عنها .. ويفتري عليها وعليك !
لا يريد منك ان تنساه ! ولا يريد أن تتألم لذكراه :") .. يريد أن تحيى على الطيب من بقاياه ، وتتجاوز الخبيث الذي بعدُ لم تراه !
يريد أن تكون أفضل منه أينما حللت وارتحلت ، لا ترسمه صورة كاملة .. فثمّ نقص لا تعلمه !
وهو بدعائه يكملك ، ويذكرك بكل التفاصيل الصغيرة التي حُفرت في فضاءات الروح فأضاءت ، وغيابك الجسدي عنها لا يُظلم شئ بقدر ما تعوض الروح منك اضعافه نوراً ويزيد :")
ما زال على الوعد :") واللقاء الحقّ المنتظر .. غداً
غدا ستفهمني وافهمك ؛ لأني حقاً سأهنئ بك وبكرم قلبك وحتى ذاك ثق ..
بأنك أنت رسالة السماء التي تؤنس الغريب كل ليله وتدفع به للعروج إلى الاعالي إلى الاعالي :_)