الحرب على الأموال السوداء

أعلن رئيس الوزراء الهندي السيد ناريندر مودي في الساعة الثامنة و الربع من مساء الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني قراراً مفاجئاً أن جميع العملات الورقية من فئة 500 و 1000روبية ستصبح بعد حلول منتصف الليل عملة غير قانونية وورقة ردية. و يجب على الحاملين من هذه الفئة الورقية الإبدال بأوراق جديدة من فئة 500 و 2000روبية. و ينبغي أن يعلم أن 500 من العملة الورقية 47% و 1000 من عملة الورقية 37% من الأموال المتداولة في البلاد. فكان من الطبيعي أن ينفد 85% من الأوراق المالية شللاً.  لذا فوجئ عشرات الملائين من الهنود بهذا الإلغاء للقيمة القانونية و قبل أن نخوض في البحث عن هذا ينبغي لنا أن نرى جوانبها المتعددة : القوانين الصارمة للبنك المركزي الهندي حول سحب النقود و هدف و مبررات سحب العملة ومضرات الإعلان على عامة الناس .

كان هذا القرار من أجرأ القرارات من قِبَل مودي لا من جهة البرلمان الهندي لذا فمعظم النواب و الممثلون في البرلمان جعلوه عرضة و هدفاً للطعن. و لكن معظم الناس العادين في مستهل الأمر فرحوا من هذا الإعلان فإنه حرب على المتهربين من الضرائب الذين كنزوا مكاسب غير مشروعة و حفظوا في شنطات وأحزمة دفينة.

الأهداف من إلغاء العملة: كلمة حق أريد بها الباطل و ندائات مكافحة الفساد و كسر هيمنة الفساد والمال الأسود والتهرب الضريبي و تجار المخدرات و الإرهابيين والمدخرين الثروات المخفية التي لم يعلن أصحابها عنها.

ففي البداية رحبت الطبقات العامة من الناس الذين يعملون بالأجر يومياً من الفقراء والزراع و الطبقات المتوسطة و الذين يدفعون الضرائب ولكن بمرور الأيام بدأت السحاب تنكشف عن الحقائق الدفينة واحداً تلو الآخر. وبدأيظهر الهلع و الفزع في ما بين الناس على مدى العملة و تلبيتها:

 

تلبية الحاجات : أولاً بعد سحب العملات الكبيرة بقيت عملات صغيرة و هي غير كافية لتلبية حاجات الناس اليومية بين عامة الناس كما ذكرنا بقيت 15% من العملة و معظم المعاملات و التجارة تعتمد فقط على المبادلات يداً بيد و فشلت الحكومة في دعم عجلة الاقتصاد اليومي في تلبية طلب العملات الورقية وتسبب في توقف الاقتصاد غير الرسمي و نشاطات الشركات الصغيرة  و الحاجات اليومية.

 

ثانياً فرضت الحكومة حدود السحب النقد في البنوك وأجهزة الصرف الآلى  في البداية 4500روبية ولكن خفضها إلى 2000روبية

ثالثاً  أجهزة الصرف الآلي غير قادر على منح النقود منها لعدم المماشاة مع هذه الآليات تقنياً. و هذه الآليات في بعض الأماكن بطالة لاتعمل بنسبة 40% .

فإنطلاقاً على هذا كان من الطبيعي الطوابير الطويلة أمام البنوك. وإلى ذلك ونقص في عدد العمال و المؤظفين في البنوك أيضاً سبب في توقيف النشاطات اليومية.     

العملة الجديدة: بداية راج فيما بين الناس أن في العملة الجديدة دمجت رقائق GPS فلا يمكن للناس ارتكازها. و العملات الورقية حديثة الطباعة كانت من فئة 2000 روبية  و الناس كانوا يراوغون قبولها خشية الغش وعدم قبول العملات من هذه الفئة للتعامل في السوق العادي و المحلي.    

    المؤثرات: على مستوى عامة الناس : بدأ المؤثرات الأولية بأعداد هائلة من الهلكى بسبب سحب النقود وانجماد الاقتصاد المحلي ومصدر ازعاج في عامة الناس و الطوابير الطويلة أمام البنوك ويمكن مشاهدة الفوضى خارج البنوك في جميع أنحاء البلاد والذين لا يمتلكون حسابات مصرفية ويحتفظون بالأموال في منازلهم خائفين من ضياع جميع مدخراتهم والعراقيل في الزواج و علاج المرضى وإدارة المنزل وشراء بذور الزرع و الأسمدة و اكتراء حراث الحقول وماعداه. و قد قال رئيس الوزراء الهندي الأسبق السيد مانموهن سنغ إنه "النهب عبرالقانون المنظم"

و على ساحة الشركات المتوسطة و الصغيرة: أن اقتصاد البلاد يعتمد على الشركات المتوسطة و الصغيرة ما يقارب 40% بالمئة و الإجراءات الأخيرة المضادة للتحفيز ضربة قاضية على النمو الاقتصادي الهندي فانها مستند على التعاملات النقدية.

وعلى مستوى الاقتصاد:  قال جان دريز سحب النقود و العملة في اقتصاد مزدهر هو مثل اطلاق النار على إطارات سيارة السباق وأضاف الإقتصادي الأمريكي جيمس  س. هنري في الرد على سؤال الفعالية في مقال بعنوان "كيف تحدث الصرخات العالية" إن سحب و إلغاء العملة من الفئات الكبيرة ضربة قاضية على جذور نشاطات المافيا. و حسب ما أفاد هنري لم تعامل الساسة على هذا الاقتراح لعدم التاثير على الصعيد المنشود طويل الأمد و على السلوك الإجرامي.و كاتب آخر كينيث روجوف يؤيد في كتابه "لعنة النقد"إلغاء العملات الورقية من الفئات الكبيرة نظراً على متهربي الضريبي و المدخرين على طريقة غير مشروعة.

القوانين الصارمة حول سحب النقود:

البنك المركزي الهندي:  على جميع العملات الهندية وعودمن قبل الحاكم الأعلى للبنك المركزي الهندي الاحتفاظي بأداء مبلغ الرقوم على العملة الورقية. ومن هذا المنطلق يجب أن يصدر جميع القرارات من قبل الحاكم الأعلى لهذا البنك. و البنك المركزي الاحتفاظي يحق له أن يسحب و يصدر جميع العملات باسمه. و حسب قرارات هذا البنك لا يجوز سحب النقود جمعياً نعم هناك بند خاص لسحب سلسلة من الرقوم. و الأمر الثاني يتعلق بطبع العملات . ههنا يتأتى سؤال "هل الحكومة مجازة لطبع عملة 2000 روبية" فإن بند البنك الاحتفاظي يحظرها و لم يصدر قرار تنفيذي و لا مرسوم وزاري ولا مشروع قانون التعديل من ذي قبل و من دون وجود أي قوانين صادرة مسبقة طباعة عملة 2000 عملة مزيفة و غير قانونية.

البرلمان:جاء في دستور الهند أن كل قانون مَالِي يجب أن يمثل بين يدي البرلمان و أن يتمثل النواب و الممثلون للبحث عنه. حسب قانون البرلمان رقم 109 سحب العملة من القانون المالي فلامفر للبحث في البرلمان. و أن يقررعليه الممثلون و النواب بالأكثرية و من دونه لايجوز لرئيس الوزراء أن يتخذ قراراً يتعلق بقانون مالي و يقدمه بين الناس و يجبر عامة الناس على قبوله.

لماذا طالبت المعارضة الحكومة بالتراجع عنه:هناك اعتراضات من المعارضة: (1)قرار ذاتي (2)عديم الروح البرلماني (3) إنه كشف بين أحزابه بالإستناد إلى تقريرات بنك الدولة في الهند (أيس بي آئي) حول سحب النقود وعفو القروض للمدين الذين ينتمون إلى حزب التحالف الوطني الديمقراطي و شراء الأراضي غير مشروعة في ولايات بيهار وهريانة و بيهار وبنجاب في 22 مكاناً  حسب بيانات سنجيف جورسيا أحد زعيم في الحزب بي جي بي و جمع العملات في حساباتهم قبل الإعلان. والإعلان الذي ألقاه رئيس الوزراء يزعم أنه مباشر و الحقيقة لاتنسجم مع البيانات فانها ماكانت مباشراً بل كان مسجلاً من ذي قبل فكذب و خدع رئيس الوزراء و تنعكس شخصيته ههنا غيرشفاف و هو مسؤول أمام الانتداب الشعبي و البرلمان يحق له أن ياتي باقتراح عزل رئيس الوزراء. و السؤال الهام أن إصدار الألفين من الروبيةكيف يكافح الفساد بل سيكون منساقاً للإدخارات.

 

هنا نتحول إلى أن نتحدث حول حلين لهذه المسئلة : الأول: أن نضع حداً نهائياً تدريجياً عاماً بعام و الثاني أن نقضي على فئات من العملات الكبيرة بشكل دائم. ففي الشكل الأول لا يعاقَب المجرمون فإنهم يحولونه إلي الأراضي و الذهب وما عداذلك من المدخرات ولكن سيظهر أثره على المدى الطويل فان العملات من الفئة الكبيرة قد نفدت. و اقتصاد البلاد لا يتأثر لأن العملة متوفرة سارية و أما في حالة الهند لأنها أوقفت فئة العملات الكبيرة فجأة و أصدرت من أكبر فئة من العملة فهو إيقاف الإقتصاد النامي و معاقبة الفارين مع أولاءك الذين مشتغلون في القطاع غير المنظم.

شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن

اكتب معنا


يمكننا نشر مقالك على شبكة المدارس الإسلامية، دعنا نجرب!

أرسل من هنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025