سراب الإقتصاد الغربي الربوي
إن الاقتصاد من أهم العلوم المعاصرة في العالم، وله أهمية بالغة في الإسلام أيضا؛ لأن المعاملات المالية من بيع وشراء وإجارة ورهن وشركات ومصانع تعتبر جزأ لايتجزأ من الحياة الإنسانية، وإن هذا المال - الذي بسببه طغى كثير من الناس في هذه الدنيا الفانية - جعل الإسلام للحصول عليه أصولا وضوابطَ، لا يجوز للمسلم أن يتجاوزها، وكذلك جعل لإنفاقه قانونا؛ حيث يحرض الإسلام أهله على الإنفاق في سبيل الخير والإحسان، ينهاهم عن إضاعة المال وتبذيره؛ لأن المبذرين إخوان الشياطين.
أما الاقتصاد الغربي العلماني فلم يضع لكسب المال أي ضابط يمنع الإنسان عن اتخاذ الطرق غير المشروعة في كسب المال؛ بل يجوِّز كل شيء من أجل الحصول على حفنة مال، وهذا ما لم تجوزه الشريعة الإسلامية؛ ولكن الغرب فهم الآن بأن الفوز والفلاح في الاقتصاد الإسلامي، فيلومون الآن النظام الاقتصادي الربوي الذي تباهي به الغرب كثيرا، يدعون العالم إلى الأخذ بالنظام الاقتصادي الإسلامي المنزه من الربا ويلاته غير المعدودة، التي حذرالله تعالى منه في عدة من آيات القرآن الكريم، فقال : " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (سورة البقرة : 275) وقال " يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ" " (سورة البقرة: 276)،
فظهر بهذا أن الفوائد الجمة التي فاضت بها النظام الربوي والبنوك المتعاملة بالربا إنما كانت سرابا، فعلينا أن نترك النظام الربوي الملعون جميعا، وبالله التوفيق.
ومن الجدير بالذكر أن الإسلام يعتبر التنمية حقا مشروعا من حقوق الإنسان، ولهذا ركز على استثمار كل عنصر من عناصر الإنتاج المشروعة في العمل، ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (الملك 15)