حاجتنا إلى إعلام إسلامي قويّ

من المعلوم لدى الجميع أنَّ وسائل الإعلام قد صارت في الأزمنة الأخيرة عدوًّا خفيا يحارب الإسلام والمسلمين بمعنى الكلمة، وهي أسلحة أشد خطورة من الجيوش الزاحفة بأسلحتها المادية. فإن أعداء الإسلام والمسلمين يلصقون بالإسلام وأهله تهما مصنوعا كاذبا عبر وسائل الإعلام، وإن أعداء الإسلام والمسلمين يشنُّون في الأقطار الإسلامية حربا شعواء على الإسلام وأهله عبر وسائل الإعلام، ويواصلون استغلالها في إفساد أبناء المسلمين والأجيال الشابة بإبعادهم عن الدين والحرص على تضليل من يتتلمذون منهم على أيديهم، وينشرون في الأقطار الإسلامية كثيرا من ألوان الفتنة والفساد والانحلال والإلحاد، الذي يحرض الناس على وجه عام والأجيال الشابة على وجه خاص على اتخاذ الحياة الأوربية والأمريكية التي قد انتشر فيها الإلحاد نتيجةً لاستخفاف الناس بالدين، بينما المسلمون يتهاونون في الدفاع عن دينهم، ويتناسون أن هذا الأمر واجب، وإن الإسلام بريء من ذلك كله كبراءة الذئب من دم يوسف عليه الصلاة والسلام، فينبغي أن يوجد إعلام إسلامي يتصدى لهذا الغزو الرهيب من وسائل الإعلام الحالية ويوصل الدعوة الإسلامية إلى عقول الناس وقلوبهم في جميع أنحاء العالم؛ فإنه يجب على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأن يدعو الناس جميعا أن يشاركوه في نعمة الإسلام، وأن يهدي إليها الحائرين الضالين، فليس من الإيمان أن يحتجز المؤمن الخير لنفسه وفي الناس من هم في حاجة إليه، ولهذا يجب أن تكون أمة الإسلام أمة داعية إلى هذا الدين الذي أكرمها الله تعالى به، وأن تفتح لغير المسلمين الطريق إليه. يقول الله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (سورة آل عمران :104) ويقول عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (سورة آل عمران : 110) ولاشك في أن الدعوة إلى الحق والخير كانت محصورة في الأزمنة الماضية في وسائل محدودة لا تبلغ كل الناس وبل ولا أكثرهم، ولا تتخطى حدود المكان الذي يدعو فيه صاحبه، وليس لها من الجاذبية في العرض، ولا السرعة في الوصول؛ ولكن وسائل الإعلام يستطيع أن يرسل ما يريد إرساله في أقل من ثانية، فيراه في لحظته مئات أو ألوف أو ملايين، وينبغي لنا أن يعلم أنَّ العالم اليوم على تغير مستمر، فأيامنا تختلف عن أيام رسول الله صلوات الله عليه وسلامه، بل عمّا كانت عليه الدنيا قبل خمسين عاما، فيلزم أن تتغيّر أساليب الدعوة و التوجيه والإرشاد كما تغير أساليب الحياة، فلا بد للدعاة أن يرفعوا أصوات الحق أمام الناس حتى تنخفض أصوات الباطل، وأن يدعوا إلى سبيل ربهم بكل وسيلة ممكنة في العصر الحالي، ومن أهمها في العصر الراهن وسائل الإعلام، ومن المعلوم أننا نقوم بعبء الدعوة الإسلامية بالتدريس والتعليم و الاستمرار في الرحلات الدعوية والتمسّك بالمساجد والمدارس و لا شكّ أنها من أساليب الدعوة الهامة، ومن أكبر آلاتها منذ زمن طويل. ولكن يحسن بنا بل يجب علينا في العصر الحاضر أن نستغل الأساليب الجديدة للدعوة والإرشاد، وأن نسخِّر الأسلحة والآلات إن كل مسلم مخلص لدينه الذي يتفق مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليه يدرك أن وسائل الإعلام بصورتها الحالية خطيرة خطيرة جدا على الأمة المسلمة والدعوة الإسلامية، لما فيها من صحافة وإذاعة وكتب منشورة، ودور للسينما ومحطات تلفزيونية، وكل هذه الوسائل في العصر الحديث تلعب دورا فعالا في ترويج مختلف أنواع الفتنة والفساد في المجتمع الإسلامي وفي البلاد الإسلامية، فيدخل إلى عقول كثير من المسلمين ما تروجه وسائل الإعلام المضللة المفسدة من مذاهب ضالة مضللة، وأفكار فاسدة مسمومة. وتستغل هذه الوسائل للإعلام لما في كثيرٍ من أبناء المسلمين في الأقطار الإسلامية المختلفة من ضعفٍ من عدم تزودهم بثقافة إسلامية تمكنهم من معرفة حقائق دينهم، وتمنعهم من الإنقياد لشهواتهم، وتعصمهم من الزلل، فيحرضهم على الانقياد لأهوائهم، و تتعاون مع أعداء الإسلام في التشويش على الدعوة الإسلامية. يستخدمها الملاحدة لنشر الإلحاد والضلال نسخِّرها لنشر الهدى والرشد. ولكن - مع الأسف الشديد - أن المسلمين البنغلاديشيين على وجه عام العلماء البنغلاديشيين عل وجه خاص لم يتمكّنوا حتى الآن من أخذ زمام هذه الآلات والأسباب أخذًا قوياً، ولم يقدروا على أن يسخِّروها لصالح الدين ونشر الخير واليقين و في صالح الأمة؛ بل إنهم أهملوها اهمالا شديدا، حتى أنهم لم يستطيعوا أن يجتازوا في هذا المجال مرحلة ابتدائيةً أو متوسِّطة في حين أن الملاحدة قد انتهوا من دكتورة فيه! ويجدر بالذكر أن وسائل الإعلام قدكثرت في هذه الأيام، وتنوعت أساليبها من مرئي ومسموع ومقروؤ وغير ذلك، فلقد أصبح الإسلام في العصر الحديث يواجه غزوا رهيبا بوسائل الإعلام من جرائد ومجلات وكتب ومسرحيات وإذاعة مسموعة ومرئية وأفلام سينمائية. وخطورة هذا الغزو أنه يدخل إلى عقول الشباب وقلوبهم دون أن يلتفت الكثيرمنهم إلى ما دخل عليه من أفكار مسمومة.و أعداء الإسلام استخدموها واستغلوها في ترويج الفساد والتشويش على الدعوة الإسلامية والإسلام والمسلمين، فأصبح لزاما على المسلمين أن يدافعوا عن دينهم، وأن يبينوا حقائقه للناس أجمعين، فيجب على المسلمين أن يتخذوا وسائل الإعلام دفاعاً عن دينهم وأوطانهم وأموالهم وأعراضهم وتبلغيا كلمةَ الإسلام الصحيحةَ إلى جميع الناس، فوجود الإعلام الإسلامي قد أصبح واجبا ولازما، لا غنى عنه في العصر الحالي. ومما لاشك فيه أن علماء بنغلاديش يستطيعون أن ينهضوا بهذا الأمر العظيم؛ لأنها هي الأرض التي تحمل لواء الثقافة الإسلامية الصحيحة منذ أمد بعيد، وأنها أرض العلماء والصالحين الذين يبذلون غاية جهودهم من أجل نصرة الدين، وتوحيد كلمة المسلمين، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. والشيء المؤسف حقاً أن المسلمين في سائر أقطارهم لا يتنبهون إلى خطورة وسائل الإعلام تنبهاً يجعلهم يعملون على القضاء على الخطر، كما أن الدعاة إلى دين الله لا ينبهون إلى خطورة وسائل الإعلام تنبيهاً كافياً، فلا تبذل محاولات جادة صادقة لتحويلها إلى أداوت بناء للمجتمع الإسلامي بدلاً من كونها في صورتها الحالية أدوات هدم وتدمير. فيجب على من يتحملون مسؤولية أداء أمانة الدعوة الإسلامية أن يبينوا خطر هذه الوسائل للإعلام على عقائد المسلمين وأخلاقهم على وجه عام وأخلاق الشباب على وجه خاص، وأن يطالبوا بالقضاء على هذا العدو الخطر ودفعه دفعا شديدا. وأما تجاهل وجود مثل هذا الخطر فأمر أشد خطورة وأوخم عاقبة. فإنه ليس من العقل بل ولا من الشرع أن يتجاهل المسلمون وسائل الإعلام المختلفة الموجودة في العصر الحديث، مع أنهم لا يستطيعون أيضاً أن ينكروا تأثيرها في الناس، كما لا يستطيعون أن يمنعوا الشباب من الإلمام بما تروجه هذه الوسائل المختلفة للإعلام، فينبغي على دعاة المسلمين أن يفكروا في خير الطرق لجعل وسائل الإعلام الحديثة عوامل إصلاح لا وسائل إفساد، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإيجاد إعلام إسلامي هادف يمنع شباب المسلمين من التأثر بما تحمله وسائل الإعلام الفاسدة من ألوان الإلحاد والإنحلال. وأن يسعوا في إيجاد إعلام إسلامي يستفيدوا منها في ترويج الدعوة الإسلامية، وإيصال صوت الإسلام ودعوة الحق إلى كل مكان في العالم، وبالله التوفيق …

محمد شعيب

رئيس تحرير صحيفة "ديلي ماي نيوز" الإلكترونية العربية، ورئيس تحرير مجلة "الحراء" الشهرية.
رئيس التحرير لمجلة "الحراء" الشهرية الصادرة من بنغلاديش
مجموع المواد : 38
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن

اكتب معنا


يمكننا نشر مقالك على شبكة المدارس الإسلامية، دعنا نجرب!

أرسل من هنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024